شخصيات على اللائحة السوداء..عمر بن سعد..مواقف يندى لها جبين الأحرار!

الخميس 27 سبتمبر 2018 - 06:19 بتوقيت غرينتش
شخصيات على اللائحة السوداء..عمر بن سعد..مواقف يندى لها جبين الأحرار!

فلما عزم لعنه الله على الحرب والمواجهة واستئصال أهل البيت صلوات الله وسلامه عليه ، وليثبت ولاءه لسيده عبيد الله بن مرجانة ويزيد بن معاوية لعنهما الله، قدح بنفسه أول شرارة لمعركة راح ضحيتها خيرة أهل الأرض، فأطلق سهما من كبد قوسه ...

وسام البلداوي

في الوقت الذي طال فيه الحصار على معسكر الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وفيهم النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، وبينما كانت قلوبهم تتفطر من شدة العطش، كان عمر بن سعد لعنه الله مستنقعا في الفرات يسبح ويتبرد ينتظر ساعة الصفر ليشن حربه الشعواء ضد أهل الحق وجبهة الإيمان، فعن (سعد بن عبيدة قال: إنا لمستنقعين في الفرات مع عمر بن سعد إذ أتاه رجل فساره فقال قد بعث إليك ابن زياد جويرة بن بدر التميمي وأمره إن أنت لم تقاتل أن يضرب عنقك).

فلما عزم لعنه الله على الحرب والمواجهة واستئصال أهل البيت صلوات الله وسلامه عليه ، وليثبت ولاءه لسيده عبيد الله بن مرجانة ويزيد بن معاوية لعنهما الله، قدح بنفسه أول شرارة لمعركة راح ضحيتها خيرة أهل الأرض، فأطلق سهما من كبد قوسه نحو معسكر الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه معلنا فيه بدء القتال، ثم صاح متبجحا مفتخرا يطلب من الناس الشهادة له عند أميره الطاغية بأنه أول من رمى، فلما شاهد المعسكر الكافر إمامهم الضال قد رمى بسهم تسارعوا في الرمي عسى ان ينالوا درجة السبق في المشاركة وبدء القتال ليحظوا بالجائزة والقربة عند ابن مرجانة ويزيد لعنهما الله، فعن حميد بن مسلم قال:

"وزحف عمر بن سعد نحوهم ثم نادى يا زويد أدن رايتك قال فأدناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمى فقال إشهدوا أني أول من رمى، فلما دنا منه عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس".

وقال ابن الأثير في الكامل: "ثم قدم عمر بن سعد برايته وأخذ سهما فرمى به وقال إشهدوا لي أني أول رام"وبعد أن رمى بسهمه ورمى الناس بسهامهم نحو ابن بنت رسول الله وحرمه وأطفاله ثم: "نادى عمر بن سعد مولاه زيدا أن قدم الراية، فتقدم بها، وشبت الحرب"وعزم عمر بن سعد على إستئصال آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجميع من يقف مدافعا عنهم وترجم هذا العزم بكلمات قالها للحر بن يزيد الرياحي حينما سأله :"أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال له: أي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.".

وعلى الرغم من ان المتعارف آنذاك هو عدم اشتراك قائد الجيش في المعركة الدائرة بينه وبين خصومه، إلا أن عمر بن سعد أخرجه حقده وبغضه لآل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن مراعاة قواعد الحرب وأصول القتال، فشارك جيشه في القتال تارة، وفي السلب والنهب تارة أخرى، فمثلما كان أول من رمى بسهم نحو معسكر الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه كذلك كان أول من طعن في سرادق وخيام ومضارب عيالات الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فعن البخاري قال: (حدثنا موسى ثنا سليمان بن مسلم أبو المعلي العجلي قال سمعت أبي أن الحسين لما نزل كربلاء فأول من طعن في سرادقه عمر بن سعد).

ومن يلاحظ كلمات الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه بحقه يوم عاشوراء يرى ان الإمام صلوات الله وسلامه عليه يلقي بجميع تبعات وأعمال وجرائم الجيش الكافر بعهدته وبرقبته، فحينما تقدم علي الأكبر ابن الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه: (رفع الحسين سبابته نحو السماء وقال: اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك، كنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إلى وجهه، اللهم إمنعهم بركات الأرض، وفرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا. ثم صاح الحسين بعمر بن سعد: ما لك قطع الله رحمك ولا بارك الله لك في أمرك، وسلط عليك من يذبحك بعدي على فراشك، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله).

فمع ان عمر بن سعد لعنه الله لم يباشر بنفسه قتل علي الأكبر صلوات الله وسلامه عليه إلا ان الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه يلقي بتبعة قتله وإزهاق نفسه عليه، ويحمله المسؤولية كاملة، مما يعني ان عمر بن سعد لعنه الله كان باستطاعته ان يوقف هذه المجزرة الإنسانية، وان باستطاعته أيضا ان يقلب ميزان ومعادلة الصراع الدائر بين الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ويزيد بن معاوية لعنه الله، لكنه لعنه الله اختار الوقوف مع جبهة الباطل، وإثقال كفة الكفر، فاستحق ان تكون برقبته أوزار ذلك اليوم الرهيب.

وقد بلغ عمر بن سعد لعنه الله المرتبة العظمى من الوضاعة والخسة، وفقدانه لأقل صفات النزاهة في المواجهة، فبينما كان الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه قبل نزاله الأخير يودع عياله وحرمه وأطفاله ويهدئهم ويوصيهم بالصبر والتحمل ويبصرهم ما سيقع عليه بعدهم، نادى أصحابه وجيشه ان يستغلوا فرصة انشغال الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه بعياله وحرمه، وعدم إعطائه فرصة التهيؤ للقتال والنزال، فاصدر أمره لهم قائلا: (ويحكم اهجموا عليه ما دام مشغولا بنفسه وحرمه والله إن فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم، فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى تخالفت السهام بين أطناب المخيم وشك سهم بعض أزر النساء فدهشن وأرعبن وصحن ودخلن الخيمة ينظرن إلى الحسين كيف يصنع، فحمل عليهم كالليث الغضبان فلا يلحق أحدا إلا بعجه بسيفه فقتله والسهام تأخذه من كل ناحية وهو يتقيها بصدره ونحره...).

فهل كان عمر بن سعد لعنه الله يا ترى غافلا أو متغافلا عن ان هجوم هذا العسكر الكافر على الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وهو في وسط عياله وأطفاله ونسائه سيوقع يقينا الضرر والجراح والقتل في صفوف من أوصى برعايتهم رب العالمين من فوق سبع شداد وأوصى بهم وبرعايتهم النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بكلمات ومواقف تجل عن الإحصاء، والغريب ان أفعاله وأفعال جيشه الكافر كانت العرب في جاهليتهم الجهلاء تتنزه عن القيام بعشر من أعشار ما قاموا به وارتكبوه، فقد كانت العرب في جاهليتهم يستقبحون ان يعتدى على الأطفال والنساء، لذا طالبه الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وطالب جيشه الكافر بان يكونوا على اقل التقادير من عرب الجاهلية ان لم يكونوا من أصحاب الدين والمبدأ، قال السيد بن طاوس: (ولم يزل عليه السلام يقاتلهم حتى حالوا بينه وبين رحله فصاح عليه السلام ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم هذه وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون).

ولعمر بن سعد لعنه الله مواقف أخرى يوم عاشوراء يندى لها جبين الأحرار، فهو الذي شارك بسلب الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ونهب ما في خيامه، فقد اشتهر انه لعنه الله اخذ درع الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وبقي عنده إلى ان خرج المختار فأخذها منه، قال السيد بن طاوس قدس الله روحه: (وأخذ نعليه الأسود بن خالد، وأخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي فقطع أصبعه عليه السلام مع الخاتم، وهذا أخذه المختار فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمه حتى هلك، وأخذ قطيفة له عليه السلام كانت من خز قيس بن الأشعث، وأخذ درعه البتراء عمر بن سعد، فلما قتل عمر بن سعد وهبها المختار لأبي عمرة قاتله).

وهو الذي انتدب الخيل وأمر بسحق جسد الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه ورض صدره الشريف، قال المقريزي الشافعي: (...حتى قتل عليه السلام، وقد اشتد به العطش، وحزت رأسه، وانتهب متاعه، فوجد به ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة، ثم طرحت جثته ووطئها الفرسان بخيولها حتى رضوا ظهره وصدره).

وقال العلامة المجلسي قدس الله روحه: (ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه: من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره، فانتدب منهم عشرة وهم إسحاق بن حوية الذي سلب الحسين عليه السلام قميصه، وأخنس بن مرثد، وحكيم بن الطفيل السنبسي، وعمرو بن صبيح الصيداي، ورجاء بن منقذ العبدي، وسالم بن خيثمة الجعفي، وواحظ بن ناعم، وصالح بن وهب الجعفي، وهانئ بن ثبيت الحضرمي، وأسيد بن مالك، فداسوا الحسين عليه السلام بحوافر خيلهم حتى رضوا ظهره وصدره).

وقال ابن الأثير: (ولما قتل الحسين أمر عمر بن سعد نفرا فركبوا خيولهم وأوطؤوها الحسين).

المصدر:وكالة أنباء براثا