فذهب بعضهم أنّه دين المسيح(عليه السلام)، لأن المسيحية كانت الدين الوحيد الرسمي غير المنسوخ قبل بعثة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم).
وقال البعض الآخر: إنه دين إبراهيم (عليه السلام)، لأنّه (شيخ الأنبياء) وأبوهم، وقد ذكرت بعض آيات القرآن أن دين الإسلام هو دين إبراهيم: { مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78].
أمّا البعض الآخر فلم يذكر شيئاً واكتفى بالقول بأننا نعلم بأنّه كان على دين معين إلاّ أنّه لم يتوضح لنا ما هو.
وبالرغم من أن كلا من هذه الأقوال يستند إلى دليل معين، إلاّ أنّها ليست قطعية، وأفضلها قول آخر وهو: لقد كان الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يملك برنامجاً خاصاً من قبل الخالق وكان يعمل به، وفي الحقيقة فقد كان له دين خاص حتى زمان نزول الإسلام عليه .
والدليل على هذا الكلام الجملة التي ذكرناها قبل قليل، والوارد في نهج البلاغة، وهو «ولقد قرن الله به ومن لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره».
فوجود مثل هذا الملك يدل على وجود برنامج خاص.
والدليل الآخر هو أنّ التاريخ لم يذكر لنا أبداً أن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) انشغل بالعبادة في معابد اليهود أو النصارى أو الأديان الأُخرى، ولم يكن إلى جوار الكفار في معابدهم، ولا إلى جوار أهل الكتاب في كنائسهم، وفي نفس الوقت فقد استمر في سلوك طريق التوحيد وكان متمسكاً بقوة بالأصول الأخلاقية والعبادة الإلهية.
وقد وردت عدّة روايات ـ وفقاً لنقل العلاّمة المجلسي في بحار الأنوارـ في المصادر الإسلامية عن أن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان مؤيداً منذ بداية عمره بروح القدس. وحتماً فإنّه كان يعمل وفقاً لما يستلهمه من روح القدس(1).
ويرى العلاّمة المجلسي أن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان نبياً قبل أن يكون رسولا، فالملائكة كانت تتحدث معه أحياناً وكان يسمع صوتها، وأحياناً كان الإلهام الإلهي ينزل عليه ضمن الرؤيا الحقيقية الصادقة، وبعد أربعين سنة وصل إلى منزلة الرسالة ونزل القرآن والإسلام عليه.
______________________
1- بحار الانوار ، ج18 ، ص288.