براين دولي
في إيرلندا، في القرن السابع، كان العامة يضربون عن الطعام على أبواب النبلاء الذين أساؤوا إليهم، ليفضحوهم أمام العدالة. وقد كتب ويليام بتلر، الأديب الحائز على جائزة نوبل، مسرحية عن هذا التقليد، أسماها عتبة الملك، وقد لعبتها للمرة الأولى جمعية المسرح الوطني الإيرلندي في العام 1903، وتروي قصة رجل يضرب عن الطعام ضد الملك.
بدأ علي مشيمع إضرابًا عن الطعام على عتبة السفارة البحرينية في لندن منذ شهر تقريبا من أجل والده، حسن مشيمع، البالغ من العمر 70 عامًا، وهو أحد أبرز السجناء السياسيين في البحرين، والذي حُرِم من فحص السرطان.
يترأس ملك البحرين العائلة المالكة وقد أشرف على سنوات من الهجوم العنيف ضد المعارضة السلمية. اعتُقِل والد علي، حسن مشيمع، في العام 2011 مع مئات الآخرين على خلفية احتجاجهم السلمي ضد قمع العائلة الحاكمة. تعرض للتعذيب وحُكِم عليه بالسجن مدى الحياة بعد محاكمة زائفة.
الآن، يحتج علي خارج المبنى الذي يمثل ملك البحرين، عارضًا القضية على العتبة، نهارًا وليلًا. يبلغ علي مشيمع من العمر 35 عامًا. كان وزنه منذ ثلاثة أسابيع 79 كغ؛ أما اليوم، فيبلغ 68 كغ.
يقول علي إن والده حُرِم من الحصول على فحوصات السرطان التي يحتاجها، والزيارات العائلية، وحتى الكتب. إضراب علي عن الطعام يجذب انتباه وسائل الإعلام الدولية، ويحرج السلطات البحرينية، ويذكر جمهورًا عالميًا بالانتهاكات المستمرة في المملكة.
ويقول علي "أشعر بالتعب في كثير من الأوقات الآن، لكن طاقتي لا تنبع من جسدي، هي تنبع من الداخل".
احتجاج علي أمام السفارة أثار أيضًا المزيد من التّركيز على دعم الحكومة البريطانية للنّظام البحريني، مع تخصيص المملكة المتحدة 5 ملايين جنيه استرليني للإصلاح التجميلي، بما في ذلك التدريب على كيف يجب أن تعامل البحرين سجناءها.
في السنوات الأخيرة، ازداد سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان سوءًا. تم إغلاق جمعيات المعارضة، مع عودة الإعدامات، والتّعذيب أثناء الاحتجاز مجددًا. لم تفعل الحكومة البريطانية شيئًا يُذكَر لوقف هذه الإجراءات المثيرة للقلق، وهي تستثمر 40 مليون جنيه استرليني لبناء قاعدة بحرية جديدة في البحرين، وقد افتتحها الأمير أندرو رسميًا في أبريل / نيسان من العام الحالي.
وقد وجه علي رسالة إلى الملكة إليزابيث، وهي صديقة شخصية لملك البحرين، يطلب منها فيها التّدخل لإنقاذ والده.
احتجاج علي، الذي يظهر ظُلامته على أبواب النظام، يمثل كارثة في العلاقات العامة بالنسبة له [النظام البحريني]. كان يمكن له تفادي الدعاية السلبية المُكثفة من خلال السّماح للزعيم السياسي المسجون بالحصول على بعض الكتب، وزيارة عائلية، وفحص للسرطان منذ ثلاثة أسابيع.
بدلًا من ذلك، يواصل النّظام البحريني الرد بقصر نظر، ما يضمن المزيد من التغطية والرقابة الإعلامية لسجلها المروع في مجال حقوق الإنسان.
من المقرر أن تجري البحرين انتخابات نيابية في فترة لاحقة من العام الحالي، وهو تمرين عرض لواجهتها الديمقراطية. لكن يبدو أن الانتخابات ستبرز كل شيء، ما عدا كونها حرة ونزيهة، وسيبقى عم الملك رئيس وزراء غير منتخب، وهو منصب شغله لحوالي 50 عامًا.
هذا التركيز الأخير على معاملة زعيم المعارضة المسجون حسن مشيمع يظهر حقيقة تكوين النّظام السّياسي البحريني فعليًا خنق كل المعارضة السلمية لإبقاء عائلة حاكمة فاسدة في السلطة. ويبدو أن ملك البحرين كالملك القديم لييت في "عتبة الملك"، الذي يزعم "قلت إني الملك / ووضعت وألغيت الحقوق وفقًا لرغبتي".
ازدادت هزالة علي منذ الليلة التي قضيتها أمام رصيف السفارة منذ 10 أيام. لكن روحه ما تزال صلبة. هناك تيار مستمر من الأشخاص الذين يزورونه ويتمنون له الخير، وأعمال التضامن التي يقول إنها تمنحه القوة. اليوم أعطيته نسختي من كتاب "يوم واحد في حياتي"، وهو كتاب صغير ألفه الإيرلندي الجمهوري بوب ساندز، الذي أضرب عن الطعام حتى الموت احتجاجًا على معاملة السجناء في إيرلندا الشمالية.
تكلمنا، علي وأنا، عن تجارب الإضرابات وقوتها، وعن 13 قرنًا من الإضراب السياسي عن الطعام في إيرلندا.
وقال علي: قررت الإضراب عن الطعام بسبب صحة والدي. أردت أن أقوم بشيء يختلف عن الأنواع العادية من الاحتجاج، لتذكير الناس بمعاناته. الأمر قاس لكني أشعر بأني قوي".
في "عتبة الملك"، ييتز تشرح التقليد حيث:
... إن أسيء إلى رجل ما،
أو ظن أنه أسيء إليه، وجاع،
أمام عتبة آخر حتى الموت،
العامة، في كل الأزمان،
سيحتجون ضد تلك العتبة،
حتى لو كانت عتبة الملك.
المصدر:موقع مرآة البحرين