علماء الفلك يقتربون من فك لغز الثقب الأسود وعرض صوره

الجمعة 31 أغسطس 2018 - 16:50 بتوقيت غرينتش
علماء الفلك يقتربون من فك لغز الثقب الأسود وعرض صوره

علوم - الكوثر: تضافرت التلسكوبات حول العالم في محاولة لتزويدنا بأول صورة لثقبٍ أسود. لا يزال هذا على بعد بضعة أشهر على الأقل، ولكن النتائج بدأت بالظهور فعلًا.

في عام 2013، انضم تلسكوب تجربة مستكشف أتاكاما الراديوي APEX في تشيلي إلى التلسكوب العالمي الجماعي الذي يكوّن تلسكوب أفق الحدث EHT وذلك لرصد الرامي A∗ Sagittarius A∗، الثقب الأسود الفائق الموجود في مركز مجرتنا.

وقد ضاعف التليسكوب طول الخط الأساسي في المصفوفة مرتين تقريبًا، مما أدى إلى رصد ما يُعتبر الرصد الأدق تفصيلًا حتى الآن للفضاء الموجود حول أفق الحدث لهذا الثقب الأسود. بالطبع، لا يمكننا رؤية الثقوب السوداء. وهذا لأنها نجوم منهارة كثيفة بشكل لا يصدق مع قوة جذبٍ قويةٍ لدرجة أنه لا يمكن لأي شيء، حتى الضوء، الهرب منها، وبالتالي لا نستطيع رصدها مباشرةً. ولكن، ما يمكننا رصده في الواقع هو الفضاء المحيط بها، بالإضافة إلى المادة أثناء سقوطها داخل جاذبية الثقب الأسود، حيث تشكل قرصًا متناميًا يتوهج نتيجة الحرارة الشديدة الناتجة عن الاحتكاك والدوران.

مع ذلك، فعلى بعد مسافةٍ معينةٍ من الثقب الأسود، ليس هنالك مهرب، ويقع كل شيء داخله، بما في ذلك الضوء. تُسمى نقطة اللاعودة هذه، حيث تكون سرعة الهروب أعلى من سرعة الضوء، بأفق الحدث Event Horizon، وهذا ما يحاول تليسكوب أفق الحدث تصويره.

تكون بعض الثقوب السوداء هائلةً للغاية، مثل ثقب الرامي A∗ الأسود، الذي تبلغ كتلته ملايين المرات من كتلة الشمس. هذا أكبر من أي نجمٍ نعرفه، ولم يتأكد الفلكيون بعد من كيفية تكوّن هذه الوحوش بالضبط. لكن كلما زاد حجم جسمٍ معين، فهذا يعني أنه من السهل رؤيته، ولهذا السبب يراقب تليسكوب EHT الثقب الأسود في مركز مجرتنا والذي يُعتبر الثقب الأسود الأقرب الذي نعرفه.

عملت عمليات رصد الرامي A∗ التي أُجريت عام 2013 على تضييق النطاق إلى ثلاثة أنصاف أقطار شوارزشيلد Schwarzschild - حيث يساوي الواحد منها نصف قطر أفق الحدث، أو الحجم الافتراضي للثقب الأسود، مما كشف عن تفاصيلَ صغيرةٍ تصل إلى مقياس 36 مليون كيلومتر. قد يبدو هذا ضخمًا، فبعد كل شيء، تبلغ المسافة بين الأرض والشمس 150 مليون كيلومتر، ولكنها في الواقع أصغر من الحجم المتوقع للقرص المتنامي، وقد سمحت لعلماء الفلك بالبدء في فهم بنية أفق الحدث من خلال وضع نماذج وتطبيقها على البيانات.

يقول عالم الفلك روسين لو Ru-Sen Lu من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك الراديوي: "لقد بدأنا في فهم الشكل الذي قد يبدو عليه هيكل أفق الحدث، بدلًا من استخلاص استنتاجات عامة من الرؤى التي أخذناها من العينات.

من المشجع للغاية أن نرى أن تركيب الهيكل الشبيه بالخاتم يتفق تمامًا مع البيانات، على الرغم من أنه لا يمكننا استبعاد نماذج أخرى، على سبيل المثال، تركيب نقاط مضيئة". لذلك يبدو أن بنية الفضاء حول أفق الحدث للرامي A ∗ يمكن أن تتشكل مثل دونات كبيرة حول الثقب الأسود.

الأمر الذي يمكن أن يفسر سبب شراهتها المتزايدة. بطبيعة الحال، فإن البيانات ليست مفصلة بما فيه الكفاية حتى الآن لاستخلاص أي استنتاجاتٍ مؤكدة. ستزودنا الملاحظات المستقبلية من EHT بالمزيد من البيانات من أجل بناء صورة أكثر شمولًا.

ولكن حتى الآن، يُعتبر الأمر مثيرًا للغاية. يقول شيبير دوليمان Sheperd Doeleman من مركز هارفارد سميثونيان للفيزياء الفلكية ومدير تليسكوبEHT: "هذه النتائج هي خطوة مهمة نحو التطوير المستمر لتليسكوب أفق الحدث. إنّ تحليل عمليات الرصد الجديدة، والتي تضمنت منذ عام 2017 مصفوفة مرصد أتاكاما المليمتري الكبير ALMA، سيقربنا خطوة أخرى لتصوير الثقب الأسود في مركز مجرتنا".

نُشِر البحث في مجلة The Astrophysical Journal