مواقف الأطراف:
السلطة الفلسطينية:
رغم أن السلطة تبدي رفضا معلنا للصفقة، إلا أنه تسود شكوك في حقيقة موقفها؛ فقد سبق أن رحب رئيس السلطة محمود عباس خلال لقائه مع الرئيس المريكي دونالد ترمب بدوره لتحقيق صفقة القرن. وأخذت السلطة موقف الرفض العلني بعد إعلان ترمب بشأن القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، فيما تحدثت العديد من وسائل الإعلام عن لقاءات سرية عقدت خاصة بين المخابرات الأمريكية وماجد فرج بحضور أطراف إقليمية. كما يذهب بعض المحللين إلى أن العقوبات الجماعية التي فرضتها السلطة ضد قطاع غزة، وتعطيلها مسيرة المصالحة؛ إنما هو للدفع بشكل مباشر أو غير مباشر نحو تنفيذ الصفقة على أرض الواقع.
حركة حماس:
بشكل قاطع وحاسم، أعلنت حركة حماس رفضها لصفقة القرن، وتعهدت بمقاومتها، وعدم السماح بتمريرها مهما كلف من ثمن، وتعهدت الحركة على لسان رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بإفشال الصفقة.
كيان الاحتلال الإسرائيلي:
الاجراءات التي يمارسها الاحتلال "الإسرائيلي" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تؤكد رغبته في إتمام صفقة القرن، من خلال تكريس سياسة الأمر الواقع، عبر استمرار الاستيطان، وتصديق الكنيست "الإسرائيلي" على العديد من القوانين العنصرية، منها بالقراءة الأولى على مشروع قانون "القدس الموحدة" الذي تكون القدس بموجبه هي "العاصمة الأبدية للشعب اليهودي"، وفق زعمهم.
الأطراف الإقليمية
معظم الدول العربية، تعلن رسميا رفضها المساس بحقوق الشعب الفلسطيني، ولكن وسائل الإعلام الدولية تكشف عن موافقة بعض هذه الدول على الرؤية الامريكية وأنها تستخدم نفوذها المالي لتمريرها، وأن الأمر يتعلق بكيفية إخراج هذه الموافقة إلى الرأي العام. وأثارت عمليات التهجير الواسعة التي جرت لعشرات الآلاف في سيناء مخاوف من أرضية لتمرير بعض جوانب الصفقة؛ في ظل تأكيد رسمي علني وفي اللقاءات مع الفصائل على رفض التنازل عن أي شبر من الأرض المصرية.
التحديات والآفاق:
تواجه صفقة القرن العدد من التحديات المتعلقة بتسوية قضايا الحل النهائي (اللاجئين، الحدود، السيادة والسلاح، القدس، الماء)، وتحديات أخرى متعلقة بمدى كفاءة إدارات الرؤساء المعنين بالصفقة، فجميعهم يعانون من اتهامات داخلية وتواجههم عدة قضايا، بالإضافة إلى كثرة الصراعات الإقليمية، وهو ما سبب تراجعاً في الاهتمام الدولي بالصراع العربي "الإسرائيلي". كما أن تشابك الصفقة وتعقيداتها وحساسية الملفات التي تتناولها؛ تجعل هناك صعوبة في إمكانية تطبيقها، في ظل الاعتبارات التالية:
1-الإشكاليات السياسية التي يعاني منها الكيان الصهيوني، بسبب غموض مصير رئيس الوزراء الصهيوني “نتنياهو” بعد عرضه للقضاء الصهيوني مؤخراً.
2-الإشكاليات السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فإدارة الرئيس الأمريكي "ترمب"، تتخذ خطوات متسارعة في تجاه صفقة القرن، والتي ربما قد لا تكون بتنسيق دولي، مما سيؤدي إلى تعارض المخططات الدولية وتحديداً بين تركيا وأمريكا، وروسيا وأمريكا؛ وبالتالي تعطيل الصفقة.
3-الموقف الفلسطيني، إذ إن جميع الفصائل تعلن رفضها للصفقة، وإصرارها على إفشالها، كما أن موقف السلطة ورغم الالتباس والشك الكبير في حقيقته؛ إلا أنه يتبنى على العلن على الأقل رفض الصفقة، والأهم من كل ذلك الوعي الشعبي والإرادة الشعبية التي تفجرت على شكل مسيرة العودة الكبرى، وأظهرت استعداد الشعب للتضحية والنضال رغم الظروف الصعبة والقاسية.
4-الشرعية الدولية: يعلم ترمب تماماً أن قراراته واجراءاته وما يريده من صفقة القرن تتعارض مع القرارات والقوانين الدولية؛ وأنها انتهكت هذه القوانين والقرارات.
5-خطورة الملفات التي تتناولها صفقة القرن؛ خاصة البعد الاقتصادي بها وقضايا (الغاز)، وهي مسائل أمن قومي بالنسبة للعديد من الدول، وأن حل هذه القضايا بالنسبة لها ليس بهذه السهولة عبر صفقة ما.
السيناريوهات المحتملة
وفق مدير مركز "مسارات" المحلل السياسي هاني المصري، "نحن أمام ثلاثة سيناريوهات لصفقة القرن:
1-السيناريو الأول: ألا تطرح هذه الصفقة أصلاً؛ لأن الإدارة الأميركية تقول منذ نحو عام: إنها بصدد طرح صفقة القرن ولم تفعل.
2- السيناريو الثاني: "أن تطرح على أمل استئناف المفاوضات للتخفيف من رفضها وتهيئ من قبولها لاحقاً، وذلك عبر استدراج القيادة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات، عبر الموافقة على جزء ورفض جزء من الصفقة من القيادة الفلسطينية، وهذا ليس سهلاً".
3-السيناريو الثالث: فيتمثل في أن "تطرح الولايات المتحدة الأميركية الصفقة وتحمل الفلسطينيين مسؤولية ما سيحدث، لا سيما أن بعض الدول العربية أبدت موافقة على التعاطي مع الإدارة الأميركية من دون حل القضية الفلسطينية، في ظل الحديث عن حلف إقليمي ضد إيران".
وختم قائلاً: "هناك معارضة غير كافية لإحباط صفقة القرن، لكن أيضاً كافية لعدم تمريرها بسهولة، وعلى سبيل المثال لو كانت هناك معارضة ميدانية كما جرى في قطاع غزة بالأسابيع الماضية، سوف يحدث تغيير ليس فقط على صعيد صفقة القرن، وإنما على مجمل القضية الفلسطينية، لأن ذلك سوف يمنح أملاً بتسوية أفضل وفيها الحد الأدنى مما يريده الفلسطينيون".
مخاطر الصفقة على القضية الفلسطينية:
يهدف المشروعُ الجديد إلى تفكيك قضية فلسطين إلى جزئيات صغيرة، لا علاقة لها بالحق والقانون، لتصبح ملفاً من عشرات آلاف الملفات في العالم، ضمن ملفات الإحسان والعطف، والانتعاش الاقتصادي!
وتمرُّ عمليةُ تفكيك القضية الفلسطينية، وفق الصفقة بالمراحل الآتية:
تحييد العرب عن قضية فلسطين، وتحويل القضية، من قضية عربية مقدسة، إلى مُسبِّب مزعومٍ في كل كوارث ومصائب العرب، ليُصبحَ الفلسطينيُّ مطارَداً، مكروهاً.
أما مرحلة التفكيك الثانية، فهي لا تقلُّ خطورة عن الحلقات السابقة، لأنها تستهدف النسيج الفلسطيني الحزبي، فقد تخلَّت أحزابٌ كثيرة عن أبجديات التقاليد الحزبية الوطنية الرئيسة، وأبرزها التزامها بفلسطينيتها، وبجماهيرها، وبقضيتها، فتحول بعض التنظيمات إلى (شركات حزبية) مساهمة، ووكالات حزبية، تتبع في الحقيقة مالكي هذه الشركات من غير الفلسطينيين، فزُجَّ الفلسطينيون في الخلافات العربية، وأصبحوا أطرافا فيها، وأحلافا في الصراعات الدينية، الدينية. هذه العولمة الحزبية الفلسطينية، غير المدروسة، أدَّتْ إلى إضعاف الوحدة الفلسطينية، أدتْ إلى أخطر مرحلة في تاريخ فلسطين، الاقتتال والانقسام.
أما حلقةُ التفكيك الثالثة، فهي ضرب نواة هذه القضية، وهي التحرير، والعودة، والقدس، واستبدال هذه الركائز النضالية بقضايا جزئية، أبرزها؛ الموظفون، والاستيطان، وتشكيل الوزارات، والكهرباء، والموازنات، المياه.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
إقرأ أيضا: مسلسل قصة صفقة القرن...الحلقة الأولى...الخطة الشيطانية