ماذا قال الإمام الخامنئي في كتابه..."إنسان بعمر 250 سنة"؟

الأحد 19 أغسطس 2018 - 08:30 بتوقيت غرينتش
ماذا قال الإمام الخامنئي في كتابه..."إنسان بعمر 250 سنة"؟

الأئمة عليهم السلام جميعهم عبارة عن شخصية واحدة لها هدف واحد. ولذلك فإننا وبدل أن ندرس حياة الإمام الحسن عليه السلام وحياة الحسين عليه السلام بصورة منفصلة إحداهما عن الأخرى..فمن هو هذا الإنسان العظيم الذي عاش 250 سنة؟ ما هي قصته؟ وما هو الدور التاريخي الذي ميّز مسيرته الجهاديّة؟

سلوى منصور

تكمن أهميّة هذا الكتاب "إنسان بعمر 250 سنة" في الفكرة الأساسية له، والتي تكشف اتجاهاً جديداً لدراسة تاريخ الأئمة عليهم السلام من خلال مسيرة واحدة، وفي إطار رؤية تحليليّة لحياة كلّ إمام، بالنظر إلى المقتضيات الزمانية وضروراتها، بحيث تغدو سيرتهم الجهادية وحدة مترابطة الأجزاء.

أهميّة الكتاب
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"على الرغم من الاختلاف الظاهري بين سيرهم عليهم السلام حتى أن بعض الناس ليشعر بالاختلاف الشاسع والتناقض فيها، إلا أنها عبارة عن مسيرة وحياة واحدة استمرت 250 سنة ابتداء من سنة 11 هـ.ق. إلى 260 هـ.ق. أي انتهت بانتهاء عام الغيبة الصغرى للإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف".

وفي إطلالة سريعة على الكتاب، فهو يحتوي على مقدّمة وسبعة عشر فصلاً، تُستهلُّ بوقفة مع الحياة السياسيّة للرّسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد خُصِّصت عشرة فصول للحديث عن الحياة السياسيّة لسائر المعصومين عليهم السلام بِمَن فيهم السيدة الزهراء عليها السلام.

أما الفصل الأخير، فقد جاء للحديث عن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف. كما تضمّن الكتاب فصلاً عن مفهوم الإمامة، وعن السيّدة زينب عليها السلام والظروف السياسيّة والإجتماعيّة بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام، نهايات العصر الأموي، والجماعات السريّة.

شخص واحد... هدف واحد
"إذاً، فالأئمة عليهم السلام جميعهم عبارة عن شخصية واحدة لها هدف واحد. ولذلك فإننا وبدل أن ندرس حياة الإمام الحسن عليه السلام وحياة الحسين عليه السلام بصورة منفصلة إحداهما عن الأخرى، أو حتى لا نقع في خطأ ما اعتقده الآخرون بوجود عنصر التناقض بين حياتهم عليهم السلام، فلندرس ذلك بصورة شمولية. فمن هذا المنظار تصبح كل حركات هذا الإنسان العظيم المعصوم قابلة للفهم والإدراك".
فمن هو هذا الإنسان العظيم الذي عاش 250 سنة؟ ما هي قصته؟ وما هو الدور التاريخي الذي ميّز مسيرته الجهاديّة؟
الإمام علي عليه السلام
نبدأ مع هذا الإنسان من سنة 11 هجرية، حين أعلن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم رسمياً للناس ولادة هذا الإنسان الإلهي، وريثاً شرعياً لرسالات السماء، وأنه الإمام الحاكم. وقد كانت حياته السياسية نموذجاً من الصبر والإيثار. وبالرغم من سلبه حقه في الحكم، قدّم الدعم لمن غدر به، وأضحى بمثابة السلطة التشريعيّة للخلفاء، حرصاً على المصلحة الإسلامية العليا إلى أن عادت إليه الخلافة، فانبرى ليضطلع بدوره الرسالي الذي يستهدف تصويب مسار الأمة وإعادتها إلى الاتجاه النبوي الصحيح، ولكن المكائد لم تتوقّف، فواجه المارقين والقاسطين والناكثين.

السيدة الزهراء عليها السلام
كانت هذه الشخصية في الأبعاد السياسية والاجتماعية والجهادية، مليئة بالعمل والتكامل والسمو الروحي، شخصية مميزة لا تعرف التعب في التعامل مع الأحداث المهمة بعد رحيل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

الإمام الحسن عليه السلام
ومع بلوغ التيّار المعارض ذروته اضطر هذا الإنسان الجهادي إلى الصّلح والمهادنة مؤقتاً، فتحمّل الأذى في سبيل الحفاظ على الرسالة الإسلامية، سادّاً بذلك الطريق أمام تبديل مجرى الخلافة الإسلامية إلى ملكية، وكاشفاً عن نفاق معاوية.

الإمام الحسين عليه السلام
قام بأداء واجب عظيم، عندما أصبحت مبررات الثورة في عهد يزيد متوفرة، وهو إعادة الإسلام إلى الخط الصحيح، فأقدم على تحريك الضمير الثوري من خلال إحداث هزّة عنيفة في الأمة، وإيقاظ وجدان الناس، فقدم النموذج الأمثل للتضحية والفداء، وكانت الثورة الكربلائيّة إيقافاً للمدّ الأُموي المنحرف في واقع الأُمّة الإسلامية.

الإمام السجاد عليه السلام
مارس في أعقاب الثورة دوراً بارزاً، لأجل إنجاح واقعة عاشوراء، فشهر سلاح اللسان بالخطب والمواعظ، وسلاح العلم بالتثقيف والإرشاد، وسلاح الأخلاق بالتربية والتوجيه، واتبع منهجاً حكيماً، محوره إقامة الحكومة الإسلامية، وذلك عبر محاور ثلاثة:
أولاً: تدوين الفكر الإسلامي بصورة صحيحة.
ثانياً: إثبات أحقية أهل البيت عليهم السلام في الخلافة والولاية والإمامة.
ثالثاً: إيجاد التشكيلات المنسجمة لأتباع أهل البيت عليهم السلام.

الإمام الباقر عليه السلام
أصبح عنصر الجهاد السياسي في حياته أكثر وضوحاً، فكانت ثورته التنظيمية لرص صفوف الشيعة كطليعة للأمة الإسلامية . فوقف سدّاً منيعاً في وجه أخطر عمليّة تحريف تهدف إلى إبادة الإسلام من جذوره، في الحكم الأموي الجاهليّ.

الإمام الصادق عليه السلام
ومع بداية العدّ التنازلي للحكم الجاهلي وتراجع الحكّام الأمويين عن كثير من تعنّتهم، استغل ذلك لتثبيت دعائم الإسلام والفكر الإمامي عبر تبيين مسألة الإمامة والدعوة إليها، وإقامة تنظيم سري أيديولوجي سياسي، فعدّ ذلك فتحاً عظيماً في المعيار السياسي.
فكان رجل الجهاد والمواجهة والمناظرات، ورجل العلم والمعرفة، ورجل التنظيم والتشكيلات .

الإمام الكاظم عليه السلام
بدأ مرحلةً من أصعب المراحل وأهمها، مملوءة بالشبهات الفكريّة والعقائديّة، فكانت مهمته الحفاظ على شجرة التشيع عبر ترسيخ مبدأ الإمامة الاثني عشرية.

الإمام الرضا عليه السلام
في معرض حرب سياسية خفيّة، واجه تجربة تاريخية عظيمة من خلال القبول الشكلي بولاية العهد، مستغلاً ذلك في نشر التشيّع على مستوى كبير في العالم الإسلامي.

الإمام الجواد عليه السلام
انطلق للتمهيد لفكرة المهدوية، بإثبات فكرة الإمامة المبكرة والوعد بالظهور. فأضاف بعمله إلى الإسلام دعامة مهمة من الجهاد الشامل، فبذل الهمّة من أجل كشف قناع التزوير عن وجه المأمون، وكان أوّل من شيّد بُنيان بحث الحرية بصورة علانية.

الإمام الهادي عليه السلام
ثم استخدم أسلوب الوعظ والإرشاد في معارضة السلطة التي كانت غارقة في المحرمات، فتابع مسيرته في الدفاع عن الدين، عبر رد الشبهات لا سيما المتعلقة بالقرآن. وشهدت هذه المرحلة روابط الشيعة وانتشار تشكيلاتهم في كل أرجاء العالم الإسلامي.

الإمام العسكري عليه السلام
وفي نهاية المطاف، برز هذا الإنسان كألمع قائد إلهي في مواجهة أحلك الظروف وأصعبها، وأكثر الهجمات ضراوة وأكثر الحكومات حقداً وبعداً عن الإسلام وباسم الخلافة الإسلامية.

الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
وصلنا في رحلتنا الزمنية إلى سنة 260هـ.ق. لتتوّج مسيرة هذا الإنسان ببدء تاريخ جديد يؤسس للمحطة التاريخية المنتظرة، التي ستصل إلى زمان تُملأ فيه الأرض بالقسط والعدل بعد امتلائها بالجور والفساد.

حول الكتاب
في الكتاب عرض تحليلي يتضمن مجموعة من المحاضرات والدراسات التي ألقاها ودوّنها سماحة الإمام علي الخامنئي في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الاثني عشر عليهم السلام لدى الشيعة الإماميّة، تم جمعها وتنسيقها وتبويبها لتشكّل هذا الكتاب الرائع.

الإمامة منصب إلهي
نجح الكتاب في توضيح أمور عدة:
1-التأكيد أن الأئمة عليهم السلام كان لهم تنظيم وتخطيط سياسي وجهادي، يعدّ من أذكى الخطط السياسيّة المتاحة لمثل تلك الظروف العصيبة الحالكة، وليس كما ذهب بعض المؤلفين إلى أنهم منصرفون عن ميادين الجهاد والسياسة إلى صوامع العبادة والزهد وما إلى ذلك.
2-إنّ البعد السياسي لحركة الأئمة عليهم السلام يتجلّى في إقامة الحكومة الإسلامية.
3-تبيان مفهوم الإمامة، وأنها منصب إلهي واختيار رباني، وأن الإمام يجب أن يكون معصوماً، فهو القائد الفكري، ومفسّر للقرآن، والعالم بكل دقائق الدين، هدفه هدف الأنبياء لأنه امتداد للنبوة.
4-إنّ مسؤوليتنا اتجاه الأئمة عليهم السلام هي اتخاذهم كقدوة لنا لأنهم المثال الأعلى الكامل.
5-انتظار الفرج يعني الصمود أمام قوى الظلم والاستكبار.

المصدر:مجلة بقية الله