السيد سامي خضرا
عندما ينام السالك إلى اللّه جلّ جلاله، عليه أن يتوقع أمرين:
إمَّا أن تُقبض روحه، ولذا يُجدِّد توبته واستغفاره، وإمَّا أن يُطيل اللّه سبحانه في أجله ليوم جديد، فيستيقظ، ويستأنف العمل بما يُثقل ميزانه يوم القيامة. يقول اللّه تبارك وتعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الزمر: 42}.
من آداب الاستيقاظ من النوم:
1-يستحب قراءة الآية الأخيرة من سورة الكهف حين النوم، ومن قرأها استيقظ في الساعة التي يريد كما ورد عن مولانا ومقتدانا الإمام الصادق عليه السلام، وفي نص آخر أنه يسطع له نور إلى المسجد الحرام، وحشي ذلك النور بملائكة يستغفرون له. والآية المباركة هي: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾(الكهف: 110).
2-السجود مباشرة فور الانتباه من النوم، وهو أول عمل يعمله ولا يخفى ما في السجود من أسرار وبركات، ويقول في سجوده: "الحمد لله الذي أحياني بعد موتي، إن ربي لغفور شكور"، أو يقول "الحمد لله الذي أحيانا، بعدما أماتنا، وإليه النشور". ورُوي عن مولانا الباقر عليه السلام: "ما استيقظ رسول اللّه صلى الله عليه وآله من نوم إلا خرَّ لله ساجداً".
3-السواك فور القيام من النوم، حيث كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله "لا ينام إلا والسواك عند رأسه" فإذا نهض بدأ به. وفي الكافي الشريف، أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله كان يضع ماء وضوئه وسواكه، عند رأسه، فإذا قام إستاك، وربَّما فعل ذلك مراتٍ في الليلة الواحدة. ورُوي أنه صلى الله عليه وآله كان يستاك كلَّ ليلة ثلاث مرات: مرّةً قبل نومه، ومرَّة إذا قام من نومه إلى ورده، ومرَّة قبل خروجه إلى صلاة الصبح.
4-يستحب عند الإستيقاظ قراءة الآيات المباركات من سورة آل عمران، من الآية التسعين بعد المائة، إلى الرابعة والتسعين بعد المائة، وهذا هو فعلُ النبي صلى الله عليه وآله حيث كان إذا استيقظ جلس، وقلَّب بصره في السماء، ثم قال: "إنَّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار، لآياتٍ لأولى الألباب الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار، ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار، ربنا إننا سمعنا منادياً يُنادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا، وكفِّر عنّا سيِّئاتنا وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رُسلك ولا تخزنا يوم القيامة، إنك لا تُخلف الميعاد".
* نصائح أخرى:
5-ولمن أراد قيام الليل يُنصح بعدم الإكثار من الطعام عند العشاء، ويتجنَّب الاستغراق في التفكير بفضول الدنيا وحظوظ النفس من الحسد والتكبر... أمَّا ترك الذنوب والحرام، فهذا من البديهي الذي لا ينبغي السهو عنه، إلاَّ أن تأثيره على المنع من قيام الليل عجيب. رأينا فيما تقدَّم أنَّ من فُسح له في أجله عليه المبادرة إلى السجود والدعاء والتلاوة كتعبير عن الخضوع والخشوع والتفكر والإنابة.
المصدر: مجلة بقية الله