رحمن علي فياض
يقول مهاتير محمد: لابد من ضرورة توجيه الجهود والطاقات، للملفات الحقيقية هي: الفقر والبطالة والجوع والجهل. لأن الانشغال بالايدلوجيا، ومحاولة الهيمنة على المجتمع، وفرض أجندات ووصايا ثقافية وفكرية عليه، لن يقود إلا إلى مزيد من الاحتقان والتنازع، فالناس مع الجوع والفقر لا يمكنك أن تطلب منهم بناء الوعي ونشر الثقافة!
وقال: نحن المسلمين صرفنا أوقاتا، وجهوداً كبيرة، في مصارعة طواحين الهواء، عبر الدخول في معارك تاريخية، كالصراع بين السنة والشيعة، وغيرها من المعارك الجانبية القديمة، فنحن، في ماليزيا، بلد متعدد الأعراق والأديان والثقافات، وقعنا في حرب أهلية، ضربت بعمق، أمن واستقرار المجتمع.. فخلال هذه الاضطرابات والقلاقل لم نستطع أن نضع لبنة فوق أختها!
فالتنمية في المجتمعات لا تتم إلا إذا حل الأمن والسلام، فكان لزاماً علينا الدخول في حوار مفتوح، مع كل المكونات الوطنية، دون استثناء أحد، والاتفاق على تقديم تنازلات متبادلة، من قبل الجميع، لكي نتمكن من توطين الاستقرار والتنمية في البلد.
من لديه مدرسة كأهل البيت عليهم وآلهم أفضل الصلوات، وشخصية كالسيد السيستاني هو الأجدر به أن يصبح من الدول العظمى والمتقدمة في جميع النواحي.. الاقتصادية والخدمية والعلمية، فلا عقلية مهاتير كعقلية المرجع الأعلى، ولا المدرسة التي ينتمي إليها كمدرسة أهل البيت، فأين العلة؟!
منذ خمسة عشر عاما، والمرجعية الدينية، رسمت خريطة واضحة للبلاد، يتنعم فيها جميع أبناء الوطن الواحد دون تفرقة، على أساس العرق أو المذهب، يكون فيها الوطن للجميع، إلا أن أصرار الطبقة السياسية، على الاغتنام وتوزيع المغانم فيما بينهم، دون التفات إلى حاجة المواطن الحقيقية، أضاع الوطن والمواطن.
الوطن وقع تحت وطأة الإرهاب والمليشيات، التي تفتك فسادا فيه، والمواطن ضاع بين نقص الخدمات والانحراف الفكري، فكانت النتائج صادمة للكل، رغم أنها متوقعة في ظل الطبقة السياسية الحاكمة، التي لا تفكر إلا ببقائها في سدة الحكم، أو سرقة ما تبقى من ثروات البلاد.
لم يكن يتوقع أغلب المراقبين للشأن العراقي، أن تكون المرجعية، بهذه الشدة من الغضب “وأنها دعت المواطنين للمطالبة بحقوقهم، بالغضب المسيطر عليه”، فلولا يأسها من أن الطبقة الحاكمة أصبحت، عاجزة عن توفير مستلزمات، الحياة الكريمة للمواطنين، والنهوض بالبلاد، لمصاف الدولة المتقدمة، لما دعت المواطنين للمطالبة بحقوقهم بالغضب.
هل يستطيع العراق أن ينهض وهو بين سندان الفقر وأزمة الخدمات والفساد الذي يضرب كل مفاضله وطمع جامح لساسة البلاد؟
الفرصة الأخيرة، بيد الطبقة الحاكمة، فالمرجعية الدينية أنقذت العراق، في عديد من الأزمات الخانقة، الدور الأن والكرة في ملعب الكتل السياسية، فهل يوجد بينهم مثل مهاتير محمد يفكر في بناء وطن؟
لا شك في أن العراق ولود، ويوجد فيه من العقول، ما يضاهي ألفا مثل مهاتير، فتجربة اقحام الشباب في العمل السياسي أتت أكلها، فوزارة الشباب أنموذج، لتحدي المصاعب وكسر الجمود، لدى الحرس القديم من ساسة البلاد، فإعطاء الفرصة لطبقة سياسية جديدة، يجعلنا نجزم أنها لو أخذت فرصتها، لكسرت جميع القيود، وعبرت بالعراق إلى شاطئ الأمان، حيث يجب أن يكون.
المصدر:كتابات في الميزان