إبراهيم سنجاب/كاتب مصري
رغم تعقيدات الأزمة في اليمن إلا انه وفي جميع القواميس وبكل اللغات ، لن يكون المدافع عن حدود بلاده ضد العدوان مرتزقا ولا خائنا ولا منافقا ، ولن يكون المدافع عن جرائم الحرب وطنيا مهما كانت المبررات . وليضع كل فريق من المتصارعين على مستقبل اليمن نفسه في الوصف الذي هو عليه .
أكثر من 100 طفل ما بين قتيل ومصاب في مجزرة مروعة في صعدة المدمرة ، جريمة يندى لها جبين الإنسانية وتتوارى أمام همجيتها أفعال هولاكو وهتلر وكل الطغاة التاريخيين . عشرات الأطفال خلف كل منهم حكاية تدمي القلب ، لكل منهم حكاية مع أمه وأبيه وأخوته ممن لم يقتلهم الحقد بعد .
الأطفال الضحايا سبقهم إلى باطن الأرض قبل أسبوع واحد 52 قتيلا وأكثر من مائة مصاب في ثلاث هجمات في ليلة واحدة بمدينة الحديدة البائسة بلهيب حرارة شهر أغسطس وانعدام الخدمات والفزع من عودة الكوليرا وحمى الضنك ثم الحصار والحرب النفسية التي تمارسها عصابات الإعلام العربي والأجنبي لالتهام ميناء المدينة الاستراتيحي لاستكمال مخطط تحويل البحر الأحمر إلى مزرعة سمكية ضخمة ليس فيها ما يقلق إسرائيل .
قتلى الحرب على اليمن والمصابون من أفقر فقراء الدنيا ، ولك أن تتصور أن من عاش مصابا لا يجد الطعام فما بالك بالعلاج ، لم يشفع لهم فقرهم ومرضهم عند قاتلهم ولا عند أي منظمة إنسانية ، ولم يكنرث لمأساة ذويهم أي ضمير عربي ولا مسلم لم يكن مطلوبا منه إلا أن يتبرأ من دمائهم ولو بكلمة تعصم قلب أوليائهم . الأسوأ من ذلك أنهم لم يتلقوا ولو كلمة عزاء من أخوتهم في الوطن هؤلاء الذين في اليمن وأولئك الذين غادروه .
بعيدا عن الحرب والقتل والاقتتال ، بعيدا عن الحقد على الحوثي ، وبعيدا عن شرعية هادي والذين معه ، فإن الذين قتلوا لا يستحقون الموت ، والذين قتلوهم ليسوا على شيء، القتلة فعلوا مثل ذلك عشرات المرات على مدى السنوات الثلاث الماضية وسيفعلون ، وضحاياهم لا ملجأ لهم إلا الله وسيظلون ، والغريب أن يبرر لهم مرتزقة وعملاء استحبوا الخيانة على كلمة عزاء .
يا عيباه ، عندما يذكر اليمن فتذكر الدماء والأشلاء والارتزاق والعمالة ! وإذا كانت هذه الدماء رخيصة عند من يريقون الدماء ، فمن العار أن تكون أرخص لدى طوائف عديدة داخل المجتمع اليمني نفسه ، إنها الخيبة الكبرى والعيب الأسود الذي لن ينمحى ولو بعد ألف عام . أعداد المبررين لجرائم قصف أطفال صعدة والصيادين والمرضى من النخبة المزيفة من الإعلاميين والسياسيين والنشطاء ممن يعتبرون أنفسهم يمنيين أو عربا ومسلمين سواء في الداخل أو الخارج صادمة ، أما أعداد الصامتين عنها ممن يصدعون العالم بصورهم وفيديوهاتهم فيثيرون الشك في يمنيتهم .
ضحايا العدوان أعدادهم تتزايد دون حساب ، وذووهم لا صوت لهم ، بينما أصوات المنافقين المرتزقة تصم الآذان وتعمى العيون وتلوث المشهد الدامي ، دماء الأطفال ترسم لوحات تسحق القلوب وتبكي العيون ، ولكن اليمن لا بواك له.
المصدر:الثورة .نت