الاعتذار لا يخلو إنسانٌ من الخطأ بحقّ أخيه الإنسان بشكلٍ عامٍ، وكذلك نحو صديقه بشكلٍ خاصٍ، ومن شيم طيب العلاقات الإنسانيّة الاعتذارُ عن الخطأ، فهي من الشيم الإنسانية النبيلة، وتعبر عن نبل صاحبها، وعلوّ قيمه، وأصالة أخلاقه والاعتذار عن الخطأ علامةٌ على سمو صاحبهن وقوته، ولم تكن في يومٍ من الأيام علامة على ضعفه.
بعكس التمادي به، الذي يعطي مؤشراً واضحاً على طغيان صاحبه، وغروره، وضيق صدره، وانغلاق افقه، وضعف تفكيره، وهناك درجاتٌ وطرق للاعتذار عن الخطأ، فليس كل إنسانٍ يمتلك الجرأة للتنازل عمّا هو عليه مباشرةً، فلا بدّ من التدرج لحفظ ماء الوجه عند من يرى ذلك، وإن كانت الصراحة، والوضوح من أول الأمر هي أفضل.
مراحل الاعتذار عن الخطأ
1- الكفّ عن السلوك المسبب له، ويتبع ذلك الكف عن مظاهر هذا السلوك، وتوابعه، فعلياً كان أم قولياً، فالخطأ عادةً يتعلق بفعلٍ، وسلوكٍ، ونشاطٍ محددٍ، وكلامٍ، ويدخل فيه أيضاً الكتابة، والرسوم المعبّرة كالكارتير وغير ذلك، فيكون الخطأ مع صديقٍ، كما يكون مع جهةٍ معينةٍ غيره.
2- التصريح باللسان، أو بأي طريقةٍ مناسبةٍ، كإرسال رسالةٍ منقولةٍ، شفويةٍ كانت أم مكتوبةٍ، أو منشورةٍ عبر الصحف مثلاً، أو في وسائل الإعلام المختلفة والمتعددة، عن مبررات الخطأ، حيث يتمّ شرح وتوضيح المبررات التي دفعته للقيام بهذا السلوك، وأنه لم يكن مقصوداً من تلك الإساءة.
3- الاعتذار المباشر عن الخطأ، باللسان، وجهاً لوجهٍ، أو بإرسال رسالةٍ مكتوبةٍ منقولة، أو منشورةٍ....الخ
4- المبادرة إلى سلوكٍ موازيٍ مناقضٍ للخطأ، سواءً كان قولياً أو كتابياً، أو إعلامياً، فمثلاً إن وصفت صديقاً معيناً على مواقع التواصل الاجتماعي بأنّه منافقٍ، ثمّ اقتنعت بخطئك، وذكرت مبررات فعلك، فإنك تقوم بالمبادرة إلى الكتابة عبر الموقع ذاته عن صديقك بأنّه يتصف بنبيل الصفات، وأنّه لا يتسم بصفة النفاق، وقد يكون هذا الموقف في الإعلام، أو في المجالس العامّة، وذلك بحسب طريقة الخطأ نفسه، فالاعتذار يكون بالآلية ذاتها التي أشيع ووقع فيها الخطأ.
آثار الاعتذار عن الخطأ
للاعتذار عن الخطأ آثارٌ طيبةٌ منها:
1- تقوية العلاقات، ومدّ جسور المحبّة والألفة، ولا سيّما بين طرفي الموضوع.
2- تقوية النسيج الاجتماعي بشكلٍ عامٍ: ذلك أن وجود هذه الصفة بشكلٍ عام في المجتمع يسهم في تقوية هذا النسيج.
3- قوّة ومتانة الجبهة الداخلية، فلا يمكن اختراق هذه الجبهة من خلال ثغرات الأخطاء.
4- إشاعة القيم النبيلة، وتشجيعها، وعلى رأس هذه القيم الشجاعةُ في الاعتذار عن الخطأ.
آثار عدم الاعتذار عن الخطأ
وكذلك يترتب على عدم الاعتذار الخطأ للأصدقاء آثارٌ منها:
1- إضعاف العلاقات، وتقطيع أواصر المحبة، وخاصةً بين طرفي المشكلة.
2- إضعاف النسيج الاجتماعي، في المجتمع بشكلٍ عام؛ لشيوع هذه الصفة.
3- تفكك وضعف الجبهة الداخلية في المجتمع؛ لوجود ثغراتٍ، ينفذ من خلالها نتيجة المجتمع بسبب المكابرة والإصرار على الأخطاء.
4- إشاعة القيم السلبية، وعلى رأسها التمادي في الخطأ، وعدم الاعتذار عنه.
إنّ اعتذار الصديق لصديقه عن الخطأ خيرُ تعبيرٍ وردُّ لجميل الودّ بينهما، وهو شجاعةٌ ونبل خلقٍ، ومن كريم الصفات، ولا يعدم من آثاره الطيبة على الفرد والمجتمع معاً، ولا يعدم عدم وجوده أيضاً من الآثار السلبية على الفرد والمجتمع على حدٍ سواء.
104