وقد أشارت كتب الأدعية إلى استحباب صيام هذا اليوم مع الإشارة إلى بعض الأعمال والصلوات والأدعية المستحبة فيه.
المعنى اللغوي
دَحو الأرض، اصطلاح قرآني وحديثي: يعني بَسْطها،ومدها. ودحاها أي: أزالها عن مقرّها، وهو من قولهم: دحا المطر الحصى عن وجه الأرض، أي: جرفه. يقال دحا اللّه الأرض يدحوها دحوا: إذا بسطها.
دحو الأرض في القرآن الكريم
جاءت المفردة في القرآن الكريم مصدراً بصيغة المفرد المذكر الغائب من باب فَعَلَ يفعُلُ في الآية الثلاثين من سورة النازعات: ﴿وَالأرض بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا﴾. وقد عقد المفسرونفي ذيل تفسيرهم لهذه الآية بحثا حول كيفية خلق الأرض وبسطها ومدّها.
آراء المفسرين
أشار الطبري إلى إختلاف كلمة المفسرين حول المراد من كلمة "بعد ذلك" قائلاً: اختلف أهل التأويل في معنى قوله (بَعْدَ ذَلكَ) فقال بعضهم: دُحِيت الأرض من بعد خَلق السماء. وقال آخرون: بل معنى ذلك: والأرض مع ذلك دحاها. وأردف الطبري قائلاً: والقول الذي ذكرناه عن ابن عباس من أن الله تعالى خلق الأرض، وقدّر فيها أقواتها، ولم يدحها، ثم استوى إلى السماء، فسوّاهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فأخرج منها ماءها ومرعاها، وأرسى جبالها، أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل؛ لأنه جلّ ثناؤه قال: (وَالأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا).
وجاء في تاريخ الأمم والملوك بعد التعرض لنفس البحث: "فإن قال قائل: فإنك قد علمت أن جماعة من أهل التأويل قد وجهت قول الله ﴿والأرض بعد ذلك دحاه﴾ إلى معنى (مع ذلك دحاها) فما برهانك على صحة ما قلت من أن ذلك بمعنى (بعد) التى هي خلاف قبل؟ قيل: المعروف من معنى بعد في كلام العرب هو الذي قلنا من أنها بخلاف معنى (قبل) لا بمعنى (مع) وإنما توجه معاني الكلام إلى الأغلب عليه من معانيه المعروفة في أهله لا إلى غير ذلك.
وأشار الفخر الرازي في ذيل تفسير الآية إلى قول ثالث مفاده: أن لا يكون معنى قوله دَحاها: مجرد البسط، بل يكون المراد أنه بسطها بسطا مهيأ لنبات الأقوات وهذا هو الذي بينه بقوله: ﴿أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها﴾ (النازعات: 31) وذلك لأن هذا الاستعداد لا يحصل للأرض إلا بعد وجود السماء فإن الأرض كالأم والسماء كالأب، وما لم يحصلا لم تتولد أولا المعادن والنباتات والحيوانات.
وقد ناقش الشيخ المجلسي الاشكالات الواردة على خلق الأرض وبسطها مع تعرضه لتطابق الروايات مع هذا المعنى المذكورة.
تاريخ دحو الأرض ووقائع ذلك اليوم
تؤكد الروايات أن دحو الأرض كان في 25 ذي القعدة وأنه يستحب صيامه. وهو الذي حدثت فيه بعض الوقائع الكبيرة لبعض الأنبياء العظام كنزول الرحمة على آدم (عليه السلام) وجاء في مصباح المتهجد: واليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة وهو اليوم الذي دحيت فيه الأرض واستوت سفينة نوح على الجودي فمن صام ذلك اليوم كانكفارة سبعين سنة. وهو الذي ولد فيه إبراهيم وعيسى بن مريم (عليهما السلام). علماً أنّ النصارى يرون أن المسيح ولد في الخامس والعشرين من ديسمبر وهو اليوم الذي يراه عبدة الشمس يوما لولادة الشمس ويحتفلون به.
أعمال يوم دحو الأرض
جاء في مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي: اللّيلة الخامسة والعشرون من ذي القعدة: ليلة دحو الأرض، وهي ليلة شريفة تنزل فيها رحمة الله تعالى، وللقيام بالعبادة فيها أجر جزيل.
ثم قال: اليوم الخامس والعشرون: يوم دحو الأرض، وهو أحد الايّام الأربعة التي خصّت بالصّيام بين أيّام السّنة، وروي انّ صيامه يعدل صيام سبعين سنة، وهو كفّارة لذنوب سبعين سنة على رواية أخرى، ومن صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مائة سنة، ويستغفر لمن صامه كلّ شيء بين السّماء والأرض، وهو يوم انتشرت فيه رحمة الله تعالى، وللعبادة والاجتماع لذكر الله تعالى فيه أجر جزيل. وقد ورد لهذا اليوم سوى الصّيام والعبادة وذكر الله تعالى والغُسل عملان: الاوّل: صلاة مرويّة في كتب الشّيعة القميّين... والثّاني: هذا الدّعاء الذي قال الشّيخ في المصباح انّه يستحبّ الدّعاء به:
اَللّهُمَّ داحِيَ الْكَعْبَةِ، وَفالِقَ الْحَبَّةِ، وَصارِفَ اللَّزْبَةِ، وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَة.....