هذا علي...يحير العقول بفصاحته

الأربعاء 8 أغسطس 2018 - 11:03 بتوقيت غرينتش
هذا علي...يحير العقول بفصاحته

وفي بلاغة أمير المؤمنين (عليه السلام) وفصاحته نقل ابن أبي الحديد كلام أبي عثمان عن جعفر بن يحيى وكان من أبلغ الناس ...

الشيخ عبد الرسول الغفاري

لا يخفى أن شهرة الإمام في الفصاحة والبلاغة هي من المسلمات بحيث لا يختلف فيه اثنان ، بل حتى أعداؤه يقرون له هذه الفضيلة ؛ فهذا  محقن الضبي قدم على معاوية فقال : "جئتك من عند أعيى الناس . فقال له معاوية : يا ابن اللخناء لعلي تقول هذا ؟ ! وهل سن الفصاحة لقريش غيره ؟"(1) .

وفي بلاغة أمير المؤمنين (عليه السلام) وفصاحته نقل ابن أبي الحديد كلام أبي عثمان عن جعفر بن يحيى وكان من أبلغ الناس وأفصحهم للقول والكتابة ، أنه كان يتعجب بقول علي (عليه السلام) :" أين من جد واجتهد ، وجمع واحتشد ، وبنى فشيد ، فمهد وزخرف فنجد. "

قال : ألا ترى أن كل لفظة منها آخذة بعنق قرينتها ، جاذبة إلى نفسها ، دالة عليها بذاتها ، قال أبو عثمان : فكان جعفر يسميه فصيح قريش "(2).

وقال ابن أبي الحديد : "واعلم أننا لا يخالجنا الشك في أنه (عليه السلام)أفصح من كل ناطق بلغة العرب من الأولين والآخرين إلا ما كان من كلام الله سبحانه وكلام رسول الله (عليه السلام) وذلك لأن فصيلة الخطيب أو الكاتب في خطابته وكتابته يعتمد على أمرين هما مفردات الألفاظ ، ومركباتها ، أما المفردات فأن تكون سهلة سلسلة غير وحشية ولا معقدة ، وألفاظه (عليه السلام)كلها كذلك ، وأما المركبات فحسن المعنى وسرعة وصوله إلى الأفهام واشتماله على الصفات التي باعتبارها فضل بعض الكلام على بعض ، وتلك الصفات هي الصناعة التي سماها المتأخرون البديع ; من المقابلة والمطابقة وحسن التقديم ورد آخر الكلام على صدره والترصيع والتكافؤ والتسميط والمشاكلة ، ولا شُبهة أن هذه الصفات كلها موجودة في خطبه وكتبه ، مبثوثة متفرقة في فرش .

"كلامه (عليه السلام) ، وليس يوجد هذان الأمران في كلام لأحد غيره ، فإن كان قد تعملها وأفكر فيها وأعمل رويته في وضعها وسرها فلقد أتى بالعجب العجاب ووجب أن يكون إمام الناس كلهم في ذلك لأنه إبتكره ولم يعرف من قبله ، وإن كان إقتضبها إبتداءً وفاضت عليها لسانه مُرتجلة وجاش بها طبعه بديهة من غير روية ولا اعتمال فأعجب وأعجب على كلا الأمرين فلقد جاء مجليا والفصحاء ينقطع أنفاسهم على أثره."(3)

الهوامش:

(1)شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ٢٤ ، شجرة طوبى ١ / ٦١ .

(2)شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ٦ / ٢٧٨ .

(3)بحار الأنوار ٤١ / ٣٥٩ .

المصدر: موقع نهج البلاغة