بجلباب أبيض وعلى كتفه اليمنى بندقية آلية وعن شماله حزام يحمل فيه احتياجاته، وعلى وسطه حزام أسود، وبلغة شديدة وحاسمة يبدأ حديثه عن مصر وأهلها وعن تنظيمه الإرهابي ونظرته المستقبلية، خلال التسجيلات المصورة التي أصدرها ما يسمى تنظيم داعش في سيناء، لكن تبقى حقيقة هذا الشخص غامضة.
هناك عدة روايات حوله، حتى إن الكثير لم يستطع تحديد مولده، ولكن الأرجح أنه ولد في الفترة بين عامى 1975 و1980.
وكثرت الروايات عن اسمه الحقيقي بعد إعلان أجهزة الأمن المصري لحقيقة شخصيته، فهناك روايتان، الأولي تقول إنه يسري عبدالمنعم نوفل، والثانية تقول إنه محمد أحمد علي، ولكن الأرجح الأخيرة بحسب مصادر أمنية وتقارير إعلامية.
من مواليد محافظة شمال سيناء، وظل مقيمًا فيها حتي انضم إلى تنظيم أنصار بيت المقدس، والذي بايع بعد ذلك تنظيم داعش، فأصبح مسماه الجديد ولاية سيناء.
كما قالت تقارير أمنية أخرى إن أبا أسامة المصري كان يقيم في محافظة الشرقية، واعتنق الفكر الجهادي منذ عدة سنوات.
انتماءاته الفكرية
طبقًا لمصادر أمنية مصرية وغربية فإن أبوأسامة المصري ينتمي إلى ما يُعرف إعلاميًا بـالسلفية الجهادية، وهو زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس، الذي أعلن- في بيان صوتي بثه يوم 10 نوفمبر 2014- بيعته لزعيم تنظيم ما يسمي الدولة الإسلامية- داعش- أبوبكر البغدادي، وغيّر اسمه بعد ذلك بأيام إلى ولاية سيناء.
ويقال إن المصري هو مَن قرأ بيانًا بثه التنظيم في مايو 2015 وجدد فيه هذه البيعة، لكن وجهه كان مخفيًا بمؤثرات تمويه بصرية، وهو ما تكرر في جميع تسجيلات الفيديو التي تحدث فيها بمناسبات عديدة، وبثتها حسابات التنظيم على مواقع الشبكات الاجتماعية.
مواقفه المتطرفة
كان انضمام المصري، إلي تنظيم ولاية سيناء في محافظة شبة جزيرة سيناء، وحده جديرًا بأن يكون صاحب أكبر عدد من العمليات الإرهابية، ضد الجيش المصري، أو الأهالي العزل المقيمين في شمال وجنوب سيناء، حيث أفادت بعض التقارير الأمنية، بأن أبوأسامة المصري تلقى تدريبات عالية في قطاع غزة الملاصق للحدود المصرية من خلال مدينة رفح، مستغلًا الأنفاق الحدودية مع القطاع الفلسطيني، إلى جانب مشاركته في القتال الدائر في سوريا منذ نحو أربع سنوات.
ظهر في العديد من مقاطع الفيديو، التي بثها التنظيم عبر منتدياته على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، وهو يتحدث عن التنظيم وشرعية ما يقوم به من عمليات إرهابية، وظهر في تلك الأشرطة وبدت على يديه علامات مرض البهاق، كان موجودًا في الفيديوهات الخاصة بتفجير كمين كرم القواديس في مصر، وفى فيديو آخر وهو يؤم أعضاء التنظيم في صلاة العيد ويخطب فيهم.
كما قالت تقارير أخرى إنه اعتنق الفكر الجهادي منذ عدة سنوات، ويعد من أخطر العناصر الجهادية، وله شخصية مؤثرة في كل من حولة من العناصر الجهادية داخل وخارج سيناء. وأضافت التقارير أن أبا أسامة يقود تنظيم أنصار بيت المقدس، ويتردد بين مصر وقطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية، ويتنقل بالمناطق الصحراوية بين مدينتي رفح والشيخ زويد بشمال سيناء، بجمهورية مصر العربية، وسط حراسة أمنية من عناصر التنظيم، الذين يحملون الجنسية المصرية وجنسية إحدى الدول العربية.
في السياق ذاته، قالت تقارير إعلامية أخرى، إن أبا أسامة المصري، هو يسري عبدالمنعم نوفل، القيادي السابق بتنظيم الناجون من النار، وهو تنظيم ظهر أواخر الثمانينيات مزج بين مفهوم الدعوة والجهاد المسلح قام به عدد من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم العشرين عامًا والمنتمي لتنظيم الجهاد. وهرب أعضاء التنظيم من السجن خلال اندلاع ثورة 25 يناير أثناء الفوضى التي اجتاحت البلاد، ونتج عنها هروب عدد كبير من المساجين من السجون، على رأسهم أعضاء تنظيم “الناجون من النار” ومعهم زعيم التنظيم يسري عبدالمنعم.
أفكاره
نقص المعلومات عن أبي أسامة المصري، يجعل من الصعب التعرف على هويته، ويبدو أن أبرز ما يميزه أنه مفوه شرعي، وهو ما بدا في التسجيلات الخاصة به، مثل الفيديو التوثيقي الخاص بواقعة عملية كرم القواديس، وكذا الفيديو الخاص ببيعة عناصر التنظيم لأبي بكر البغدادي في وجود أبي أسامة المصري، وهذه الفصاحة عكس بقية أعضاء التنظيم، الذين إذا ما تحدثوا لا يتعدى حديثهم التكبير أو التهليل لنجاح عملية إرهابية نفذوها.
إطلالة أبي أسامة المصري دائمًا تتشابه مع الظهور الإعلامي للمتحدث الرسمي باسم داعش أبي محمد العدناني، كما تشير بعض التقارير إلى أن العدناني والمصري يقتربان في السن، 37 عامًا، الأمر الذي دفع مراقبين إلى القول بأن المصري يحاكي ظهور العدناني إعلاميًا، حيث يتضمن دائمًا حديث المصري الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وهو ما يقوم به العدناني، كما يتشابه المصري كذلك في طريقة الظهور مع العدناني، الذي دائمًا ما يتحدث وهو جالس وجواره سلاحه الشخصي، وهو ما يظهر به المصري.
الفيديو الجديد الذي بثه تنظيم ولاية سيناء ويظهر بيعة عدد من المسلحين للبغدادي، ويتوسطهم أبوأسامة المصري، أكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المصري هو أمير التنظيم في شبة جزيرة سيناء، بعد الحديث عن أن أمير التنظيم هو كمال علام، حيث اتضح أن أبا أسامة هو مفتي الجماعة وقائدها، بعد أن سماه البغدادي أميرًا على ما يعرف بولاية سيناء بحسب حديثهم، وأن كمال علام هو قائد الجناح العسكري للتنظيم.
وبعدها تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مقطع فيديو يتضمن خطبة لأبي أسامة المصري، أثناء إلقائه لخطبة عيد الفطر في شبه جزيرة سيناء، واعترافه بوقوع عدد من القتلى في صفوف التيارات التكفيرية بسيناء، معتبرًا ذلك سنة الله في الأرض- على حد قوله.
وقد شبه أبوأسامة ما تتعرض له الجماعات التكفيرية بما كان يتعرض له الأنبياء قديمًا حينما قال في الفيديو: ما جاء من نبي إلا وكذبه قومه. داعيًا في خطبته لتنظيم داعش قائلًا: اللهم انصر إخواننا في دولة الإسلام، وافتح لهم بغداد وكل البلاد، وقلوب العباد.
مقتله
انتشرت بيانات كثيرة من فترة لأخرى، عن مقتل أبي أسامة المصري، والقبض عليه، إلى الدرجة التي وصلت فيها إلى ثماني مرات، وهو الأمر الذي كذبه الظهور الأخير للمصري. وبحسب البيانات فإن البداية كانت مع إعلان القوات المسلحة المصرية، في يناير 2015م، مقتله في ضربة وصفت وقتذاك بالقاتلة لمجموعات تنظيم أنصار بيت المقدس، بمناطق جنوب الشيخ زويد ورفح.
وفي واقعة أخرى، قالت تقارير إعلامية إن تنظيم أنصار بيت المقدس تلقى ضربة موجعة في أكتوبر 2014، عندما قتل أبوأسامة المصري، زعيم التنظيم، و4 من الحراس الشخصيين له.
وأضاف المصدر، الذي امتنع عن ذكر اسمه، أن فرقة خاصة من قوات الجيش الثاني الميداني قامت بإنزال جوي على منطقة الجميعي جنوب الشيخ زويد، بعد جمع المعلومات عن مكان اختفاء أبي أسامة المصري، وتمكنت من محاصرة مجموعة إرهابية ووقعت اشتباكات عنيفة بين القوات المداهمة والمجموعة الإرهابية، وأثناء ذلك فر زعيم التنظيم في سيارة كروز بطلاء مموه محمل عليها مدفع مضاد للطائرات باتجاه الجنوب.
وأثناء وقوع الاشتباكات وصلت فرقة أمنية تستقل سيارات هامفي إلى المكان، تحت مظلة من طائرة عسكرية دون طيار، وقامت القوات بقتل أربعة من العناصر الإرهابية المسلحة، ثم لاحقت الطائرة زعيم التنظيم وقامت بقصف سيارته.
المصدر: موقع أمان