قبل ثلاثة قرون، أطلق الشيخ محمد بن عبد الوهاب حركته الدعوية في منطقة نجد، وشكل فهمها للإسلام مرجعا عقديا وسياسيا للدولةالسعودية ثبتت عبره أركانها في الداخل ومدت من خلالها نفوذها للخارج.
لكن ذلك لم يكن سوى وهم وخيال وافتراء وبهتان وزور، وفق عضو هيئة كبار العلماءبالسعودية المستشار بالديوان الملكي عبد الله المنيع.
وفي برنامج للفتوى أذيع بالتلفزيون السعودي، سأل متصل من المغرب عن حقيقة الوهابية. وكانت المفاجأة رد الشيخ بالقول إن "الوهابية وهمية وخيالية وليس لها من الواقع شيء".
وحسب المنيع، فإن وصف السعودية بالوهابية مجرد افتراءات سياسية يراد بها "التنفير من هذه البلاد وما هي عليه".
لم يفسر الشيخ المقصود بالواقع هنا، ولكنه ربما يعني العهد الجديد حيث تسعى السعودية للتخفف من أعباء الماضي دون أن تتقبل أدوات الحاضر، على الأقل في الجانب السياسي والحقوقي.
ولاة الأمر
ولعله من غير الممكن أن يتبرأ شيخ يشغل منصبا حكوميا من المذهب الرسمي للدولة دون أن يكون على يقين بأن ما يقوله يحظى برضا صناع القرار.
ويبدو أن السائل المغربي أسدى خدمة جليلة للشيخ، حيث إتضح أنه كان ينتظر الفرصة لسحق ثلاثة قرون من التاريخ السعودي.
ولكن ليس من الممكن التخلص من الإرث الوهابي بسلبياته وإيجابياته عبر دقائق على التلفزيون، فقد طبع في الكتب وسجل في الأشرطة وأثر على الشباب المسلم في مناطق عديدة.
وحتى إذا اقتنع السائل بأن الوهابية وهمية، فإنه من الصعب على السعوديين أنفسهم أن يقتعنوا بأنهم ليسوا وهابيين وبأن الوهابية نشأت وترعرعرت خارج حدودهم.
لكن الشيخ نسي في معرض حديثه أن "الوهابية وهمية وخيالية"، فدافع عنها قائلا إنها لا تكفر مرتكبي الكبائر، ونافيا عنها وصفها بعدم المحبة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الإطار، شدد على أن محمد بن عبد الوهاب وابن القيم وابن تيمية علماء مجددون "وأهل هذه البلاد هم على ما عليه السلف الصالح".
وبعد أن دافع عنها، ختم الشيخ حديثه بالقول من جديد إن الوهابية وهمية وخيالية ولا وجود لها على الواقع، من دون أن ينسى الإشادة بخدمة أولي الأمر للإسلام.
التبرؤ والتنكر
وتعليقا على حديث الشيخ انتشرت في مواقع التواصل عناوين وعبارات من قبيل: "السعودية تتبرأ من الوهابية"، "هيئة كبار العلماء تتخلى عن الوهابية".
وبالفعل تبرأ بعض أنصار النظام السعودي في تويتر من الوهابية ووصفوها بأنها حركة نشأت في أفريقيا برعاية العثمانيين لتشويه النظام السعودي في الخارج.
لكن خصوم هؤلاء لم يجدوا كبير عناء في إحراجهم، فقد نشروا صورا لجرائد سعودية في الحقب الحديثة تتغنى بمبادئ الوهابية، وبعضها تحمل عنوانا عريضا عن تشكيل لجنة برئاسة أمير الرياض حينها والملك الحالي سلمان بن عبد العزيز لجمع التبرعات للمجاهدين الأفغان.
وقد اختار آخرون مواجهة المنيع بتذكيره بأن الشيخ عبد العزيز بن باز كان يشيد بالوهابية ويصفها بأنها شرف عظيم.
المصدر : مواقع التواصل الاجتماعي ،الجزيرة