لم أكن أظن يومًا أني سأكون مضطرة إلى هذا الحديث، لتبرير نفسي ولمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خراب حل بي وبكل من أحب، تتوه الكلمات مني وأنا أفكر بأي شيء أبدأ وكيف أشرح ذاتي وفكري حياتي وطموحاتي أحلامي وأمنياتي لأناس قد يروني الآن مجرمة أستحق ما يحصل لي وربما يرون أن الخلاص مني هو السبيل لوطن أفضل، مع أني موقنة أن الكثير لا يعرفوني ولم يسمعوا باسمي من قبل ورغم هذا يملكون الجرأة ليحكموا علي ظلمًا وعدوانًا.
كثيرًا ما يقال أن الناس يميلون لسرعة تجريم الآخر الذي يجهلونه إذا رأوا أنه عوقب بشدة، ولا يرغبون بمعرفته، كونهم إذا تعرفوا عليه سيجعلهم يكتشفون أنه لا يختلف عنهم في كونه إنسان ابن لأحدهم أب أو زوج وهذا يدفعهم للتعاطف وتأنيب الضمير، لذا كي أدفعكم للتعاطف معي وتأنيب الضمير سأصافحكم بسلام وأعرفكم على نفسي: السلام عليكم، اسمي نوف وأنا لست بإرهابية.
ابنة لأم عظيمة تعاني بسببي وابنة لعائلة كريمة شريفة تضررت بسبب ما حصل لي وطالبة دراسات عليا لم أحصل على فرصة لإكمالها، وأختصر حياتي بعدة صفات مختصرة، دودة كتب منذ أن بلغت السادسة من عمري، ذكية كما يقول أبي، وفتاة هادئة غير أن الأسئلة تعصف بي.
لماذا يضيق بنا صدر الوطن، ولماذا أعتبر أنا عدوًا ومجرمًا أهدد أمنه! لم أكن سوى مواطنة صالحة أحب بلدي وأتمنى له الأفضل، ابنة محبة وطالبة مجتهدة وعاملة جادة لم أكن لأحتقر وأكره وأحسد أي أحد فكيف الحال بوطني، ولا أعلم لي ذنبًا غير أني كل يوم أتحسر على كل محزون ومظلوم من مجتمعي وأحاول مساعدتهم تطوعا إما بوقتي أو جهدي فكيف تصبح هذه جريرتي؟ وأنا التي كنت أوصلهم مباشرة بالجهات المختصة من محامين وجمعيات حقوق إنسان ولم أسلك طرقا ملتوية أو أتحدث بما لا يليق فكيف تؤخذ هذه ضدي.
كيف يبلغ الفساد بأناس أن يستغلوني لأجل الحصول على ترقيات وملء جيوبهم بالمال على حسابي، أن ينسفوا عمري وحاضري ومستقبلي لغايات عبثية لا تكون إلا إفسادا في الأرض وتشويها لصورة الوطن وتقديمها كدولة قمعية دون أدنى تفكير وحساب فيما يفعلون، لمصلحة من يحدث كل ما يحدث؟
خذوا عمري وحياتي وصحتي وكل ما أملك إن كان في هذا مصلحة لبلدي ورفعة له، خذوا حاضري ومستقبلي وكل ما أحب إن كان هذا يرضيكم وفيه صالح لشعبنا، لكن لا تظلموني وتسلبوني حقي بالحياة والحرية والكرامة وكل ما حلمت به وطمحت إليه لأكون مجرد تضحية لغاية ما تصب في صالح أحدهم.
ويا إلهي إن كان ما يحدث يرضيك فلك العقبى حتى ترضى، وإن ما كان يحدث لا يرضيك، فأرزق شعبنا البصيرة حتى يعلموا أن أختهم بالوطن مظلومة وأنها لا تستحق سوى حريتها وحفظ كرامتها وحضن عائلتها الذي سلبت منه.
نوف عبد العزيز/ناشطة حقوقية
المصدر: الجزيرة