عبدالله الاحمدي
الجماعات المتأسلمة جربت كل أنواع التجارة فخسرت، لكنها عندما بدأت تجارتها في المقدس الديني وجدت المسألة سهلة ومريحة. ويكفي لمن يتاجر بالدين القليل من الهمهمات، والعنعنات، ومط الصوت، والتنغيم أحيانا، ومحاولة التباكي، وصناعة أحاديث مفتراة، والاستعداد لقول الزور، وامتهان الأكاذيب، وتحريك المساوك بعد كل كذبة.
هذا هو الرأسمال اللازم لخداع البسطاء، وابتزاز أموالهم تحت مسميات عديدة ليس للدين المحمدي صلة بها.
أولى خطوات هذه التجارة كانت الاستيلاء على بيوت الله، واعتلاء المنابر، وممارسة الكذب على الله ورسوله والمؤمنين، بافتراء أحاديث وتفسيرات ما انزل الله بها من سلطان، وما قالها الرسول الأعظم، ثم التحريض ضد من يعارضون التجارة بالدين، والهجوم على معارضي النظام، وتكفيرهم والطعن في وطنيتهم وعقيدتهمً وتقديم خدمات لأجهزة القمع.
طبعا هذا كله كان بدعم من الحاكم الذي استخدم هؤلاء التجار لأداء مهام في خدمة المستبد وبقاء نظامه العميل.
كانت مهمة تجار الدين الذين جندهم شيطان نجد، وزودهم بالمال، كانت مهمتهم الإجهاز على صحيح الإسلام المحمدي، والموروث الديني المتسامح والحضاري في اليمن، واستبداله بخزعبلات الوهابية، وإخضاع اليمنيين لوصاية شيطان نجد وأسياده في الغرب.
استولوا على المساجد وفرضوا دينا لا يعرفه اليمنيون وغير قابل للتطبيق، فانتقلوا إلى العنف ضد المسلمين.
ومن المسجد استغلوا العاطفة الدينية عند اليمني، فأنشأوا صناديق التبرع للقدس وأفغانستان، والبوسنة والهرسك في كل مؤسسات المجتمع، دون ان يصل ريال واحد لهؤلاء الذين يتسولون باسمهم.
وفي حديث للمناضل الفلسطيني نائف حواتمة قال: ( لم يصلنا من تبرعاتكم ولا فلس واحد).
المساجد محتلة من قبل تجار الدين الأغرار، والمسلمون غير مطمئنين على أداء الفريضة بعد أئمة يكرهونهم.
انتقلوا إلى الاستحواذ على أموال الناس بطرق الاحتيال؛ التجار ورجال الأعمال باسم الزكاة ودعم الأعمال الخيرية، والقضية هي دعم جيوبهم، وبناء مشاريعهم الخاصة، انتقلوا من حالة فقر وعوز إلى الاغتناء والراحة والبذخ.
أما البسطاء من الرجال والنساء فسرقوا مدخراتهم باسم الاستثمار، والأرباح الخيالية التي منوهم بها، فانشأوا من اجل ذلك شركات الأموال، وجمعيات الاستثمار، فسمعنا عن شركة الثمار والبركة، تيمنا بشركات السعد والريان في مصر التي نهبت أموال المصريين. وأكثر من انخدع بهم النساء، اذ اختلسوا مجوهراتهن من الذهب، ثم هربوا إلى ادعاء الخسارات.
أمطروا الناس بالفتاوى الزائفة لخداع الناس، والكذب والافتراء على الإسلام المحمدي، وسخروا واستخفوا بعقول الناس؛ حرموا التلفاز، وحلب الأبقار، والنظر إلى ذكور الحمير، وعدم لمس الخيار والكوسة والباذنجان، وحللوا استباحة الدماء!!
واكبر عملية نصب مارسها هؤلاء، كانت شركة الأحياء البحرية التي ترأسها المدعو الزنداني والتي لا يعلم إلى اليوم عن مصير أموال مساهميها. وحالة النصب الأخرى ما قامت به إحدى شركاتهم من تزوير وثائق في أراضي كالتكس في مدينة عدن، إذ حصلوا من هذا العملية على أكثر من 11 مليار ريال كتعويض من الدولة عن هذه الأراضي.
اعرف كثيرين من الذين خدعوا بهذه الجماعات المحتالة، فذات يوم جاءني مدير مدرسة في ريف تعز يحمل شكوى بإحدى جمعيات النصب، قائلا انه أسهم في هذه الجمعية بمبلغ مئة ألف ريال، وتبين له ان هذه الجمعية وهمية، وغير مصرح لها.
التجارة بالدين بارت، وتجار الدين افتضحوا، استهلكوا ما عندهم من خزعبلات، وحيل. باعوا دينهم وكل ما لديهم بثمن بخس.
الذين تاجروا بالدين أفلسوا قيميا وأخلاقيا، وتحولوا إلى المتاجرة بالوطن والشعب، وهاهم اليوم يشتغلون قوادين أمام الاحتلال وقوى العدوان.
تحولوا إلى مرتزقة لمن يدفع، يقاتلون لحماية الحدود السعودية، ولتنفيذ مشاريع العدوان.
هؤلاء الذين تاجروا بالدين، تجردوا من القيم الدينية والإنسانية، وتحولوا إلى عصابات للقتل والذبخ والنهب واللصوصية.
تجردوا من آدميتهم وتحولوا إلى مجرد حيوانات تنهش في لحوم اليمنيين، وفي أعراضهم خدمة للعدوان.
أفلس هؤلاء، وها هم اليوم يتسولون في شوارع الرياض على أبواب الأميرات، وعلى مراقص وخمارات تركيا.
باعوا أنفسهم وتآمروا على الإسلام المحمدي وعلى الوطن.
أناس ليس لهم قضية، ولا يحملون هما وطنيا، أو دينيا، أو إنسانيا، توقع منهم ان يأتوا كل الجرائم، ويرتكبوا كل المنكرات.
المصدر: الثورة.نت