إرتقى القائد علاء البوسنة في عمله الجهادي، حتى 12 تموز 2006، «موعد» وصوله إلى المسؤولية الكبيرة التي كان يحملها . وقف أمام عدوان أسالَ دماءً، وطحن عظاماً، وهدم قرى وبضعة مدن. وضع حدّاً لاحتلالٍ تكسّر تحت ظلال سيفه. هو من جملة الأرواح التي تحدّت الموت... بالموت، وأكملت مسيرةً راغبةً إما الحُسنَيين: النصر أو الشهادة... «وما بدّلوا تبديلاً». سنروي اليوم بعضاً من سيرة قائد شهيد، شارك في صدّ عدوان تموز. حكاياتٌ بَعضُها تروى، اليوم، وأخرى "لها يومها"
علي أحمد فيّاض "علاء البوسنة" ولد في أنصار 1970 و استشهد في حلب/ سوريا2016 .
"لو بحثنا في كل بيوت العرب لما وجدنا أشجع منك"، هكذا نعى القائد الجهادي الكبير مصطفى بدر الدين «علاء البوسنة»، الرجل الأربعيني المنحدر من بلدة أنصار الجنوبية، والذي ألِف في حياته «الجهادية» المهمات الصعبة. لـ«الحاج علاء» بصماتٌ واضحة في «صقل تجربة المقاومة العسكرية»، وتحديداً في تأسيس «قوّتها الخاصة»، وبنائها وتطوير برامجها. لازمت «البوسنة» اسم الشهيد «الجهادي»، حيث قاتل هناك في تسعينيات القرن الماضي، إلى جانب"المستضعفين".
عُرف علي فياض بشجاعته وإقدامه، و«ترابيّته... فهو الحاضر دوماً بين المجاهدين». يروي أحد الملازمين له في حرب تموز أن «علاء» تسلّم ــ وقبيل عملية «الوعد الصادق» ــ مسؤوليةً جديدة، تاركاً "المنطقة الساحلية (الخط الساحلي الواقع جنوبي نهر الليطاني حتى الحدود مع فلسطين المحتلة)، التي كان أحد المعنيين بها."
ينقل أحد رفاق «علاء» أن الشهيد حرص على أن يكون دوماً على «رأس اللائحة»، عند انتقاء قيادة المقاومة أسماء المشاركين في أي عملٍ نوعي ضد الاحتلال الإسرائيلي. خبرته بأساليب قتال العدو، ومعرفته بـ«المنطقة الساحلية»، دفعتا قيادة المقاومة إلى أن يتولّى «علاء» أحد قطاعاتها الأساسية. بدأت الرحلة من مدينة صور إلى بلدة كفرا، حيث تولّى مسؤوليتها، والتنسيق مع المعنيين في القرى المحيطة. تزامن وصوله إلى هناك مع إطلاق العدوّ عملياته البريّة على بلدة عيتا الشعب. ولأن كفرا، وفق «الحسابات العسكرية»، تعتبر منطقةً حسّاسةً جدّاً، ومحور تقدّمٍ محتملٍ للعدو، وضع فيّاض سريعاً خطّةً دفاعية، متعاوناً مع الشباب الموجودين فيها: زَرع العبوات، ونَشَر الكمائن والقبضات المضادة للدروع.
حضور «علاء» المباشر في الميدان أعطى دُفعةً معنوية للمجاهدين، بعد أن واجهت قيادة المقاومة مشكلةً في إرسال التعزيزات إلى بلدتي رشاف وصربين. عندها، جعل «علاء» من كفرا «عقدة وصل» بين القرى، حيث رسم خطّةً بديلةً قضت بتوفير الدعم (أفراداً، وعتاداً، وذخائر) للقريتين، انطلاقاً من كفرا، بعد أن تولّت قيادة المقاومة، بدورها، مدّه بكل ما يحتاج إليه.ظلّ «علاء» ورفاقه ثابتين في مواقعهم حتى صباح 14 آب 2006. صمودٌ طمأن قيادة المقاومة، التي قدّرت أنّه "إذا تمكّن العدو من التقدم من عيتا الشعب ــ وهذا أمرٌ صعبٌ جدّاً ــ فإن المواجهة الفاصلة ستكون في كفرا»، أو «عيتا الثانية... بقيادة علاء البوسنة."
نلتقيكم غدا ...مع قائد شهيد آخر
المصدر:جريدة الأخبار