هذه التصريحات قد تسوقُ تركيا إلى ما يشبه نظام "حكم الفرد الواحد"، الأمر الذي ألمح إليه مرشح الحزب الجمهوري المعارض لسياسات اردوغان "محرم إنجه"، بعيد الإعلان عن فوز الأخير وحزبه في الإنتخابات الأخيرة. ولكن ما يبعث على القلق، أكثر من أي شيئ آخر، إستمرار اردوغان بسياساته الخارجية التى كان عليها حتى قبيل الإنتخابات الأخيرة، أي إنه على أقل تقدير سيتابع سياساته في شمال سوريا والعراق متذرعا بملاحقة مَن يُسمِّيهم بـ "إرهابي حزب العمال الكردستاني"، أو العمل على تحرير الأراضي السورية، والتمهيد لعودة "المهجرين السوريين" على حد زعمه. أما المراقبون والمتابعون للشأن التركي، يرون أن على تركيا التصحيح من مواقفها، وأن لايحاول اردوغان مواصلة بعض سياساته على الصعيدين الداخلي والخارجي. فبالنسبة للغرب وبالتحديد الإتحاد الأوروبي الذي ما زال اردوغان يحلم بإنضمام تركيا اليه رسميا، يرى أن اردوغان لم يُنصف الأحزاب والتكتلات المعارضة لحزبه، في الحملات الإنتخابية التي سبقت الانتخابات الاخيرة، بل وضيَّق عليها حتى إنها إشتكت من عدم توزيع الفرص بشكل عادل بين التيارات السياسية التي خاضت الإنتخابات الأخيرة. هذا بالنسبة للقضايا الداخلية، اما بالنسبة للقضايا الخارجية، تبقى الكثير من الأهوال الإقليمية والدولية تُلاحق الرئيس الفائز الذي لم يحصل على الغالبية البرلمانية، وفي مقدمتها قضايا الهجرة ومكافة الإرهاب، وهما أهم فقرتان أشارت اليهما منسقة السياسة الخارجية الاوربية فدريكا موغريني، في اول تصريح لها بُعيد إعلان فوز اردوغان في الإنتخابات التركية الاخيرة.وحتى لو تحالف اردوغان مع "حزب الحركة القومية" لتحقيق الأغلبية البرلمانية، فهل ستكون الطريق معبدة أمامه لتشكيل النظام والحكومة التي كان يطمح اليهما قبل إجراء الإنتخابات، ليتمكن لتحقيق ما كان يصبو إليه قبل إجراء التعديلات الدستورية في نيسان من العام الماضي؟ وما هي أهم الخطوات للنهوض بإقتصاد البلاد المتأرجح وتحسين العملة التركية التي باتت في وضع لاتُحسَدُ عليه؟ وكيف ستتعامل الحكومة التركية القادمة مع القضايا الداخلية والإقليمية وأهمها قضيتي التدخل التركي في سوريا والعراق؟ تساؤلات تسترعي التريث والإنتظار لمعرفة التركيبة السياسية للحكومة التركية القادمة أولا، وكيفية تعاملها مع الشؤون الداخلية ثانيا، كي يتسنى للمراقبين التنبؤ حول كيفية تعاملها مع التحديات الإقليمية والدولية.
22