يتعرَّض شبابنا اليوم لمضارّ الإعلام المؤذي، الذي نعرف ونعترف بوجوده. والأصوات المضلّة لهذا الإعلام تأتي من كلّ حدبٍ وصوب، تطرق مسامع الشباب وهم في وسط الميدان، محاطين بكثير من الأصوات والصور المخادعة والمغرية. هؤلاء الشباب بحاجة إلى شاخص ودليل يُقدَّم إليهم ليدلّهم على الطريق. وبإمكان الجمهوريّة الإسلاميّة والنظام الإسلاميّ تقديم هذا الدليل. ويجب الانتباه، من جهة أخرى، والالتفات بدقّة إلى أنّنا عندما نتكلّم عن احتمال انحراف جيل الشباب، لا بدّ لنا أن نتكلّم عن القابليّات وإمكان هداية وتفتّح جيل الشباب المؤمن أيضاً.
عشق الجهاد والدفاع عن القيم
تصلني رسائل كثيرة للمشاركة على جبهات الحرب؛ في سوريا. هؤلاء الشباب يرسلون الرسائل باستمرار، ويتوسّلون. بعضهم يكتب بنفسه راجياً، وبعضهم يكتب والداه أن: "ابننا يصرّ ويضغط للذهاب ويفعل كذا وكذا ولا يقرّ له قرار، أرسلوه للمشاركة في القتال". هذه الظواهر لا تُصدّق؛ أيْ إنّ هذه الوقائع لو حدثت في زمان غير زماننا ونُقلت لنا، لكان من الصعب أن نصدّقها؛ لكنّها تحدث أمامنا وفي زماننا. فما هو هذا العامل الذي يؤدّي بالشابّ إلى عشق الجهاد وعشق الدفاع عن القيم، فيترك زوجته وحياته، وولده وأباه، وأمه ويتخلّى عن راحته وعمله وينسلخ عن كلّ شيء ويهاجر إلى خارج الحدود آلاف الكيلومترات ليحارب العدو؟
يجب عدم تجاهل هذه الظواهر.
إهتمّوا بهذه الروحيّة الثوريّة
أجد من الضروريّ واللازم أن أوصي السادة الذين لهم دور في أعمال الإرشاد والمسائل الثقافيّة بأنْ ينتبهوا ويهتمّوا جيداً بهذه النقطة: إنّ أهمّ واجباتنا اليوم أن نقوّي هذه الروحيّة لدى الشباب والجيل الشابّ. وإنْ كنّا من دعاة الأخلاق، فعلينا تقوية هذه الروحيّة الثوريّة لدى الشباب؛ لأنّ الأخلاق أيضاً يمكن ترسيخها لدى الشباب ببركة الروحيّة الدينيّة والثوريّة؛ فالأخلاق من دون الدين والتقوى، ومن دون الروحيّة الثوريّة والحركة الجهاديّة والرغبة في الجهاد في سبيل الله، لا تظهر ولا تترسّخ أصلاً، وحتّى إنْ وُجدت فستكون بلا عمق.
تربية دينيّة ثوريّة
علينا أن نبذل جهودنا اليوم في سبيل تربية الشباب تربية دينيّة وثورية، وأن نقوّي هذا التيّار العظيم لقوى الثورة، والموجود لحسن الحظّ، في أوساط الشباب، فلنمنحهم الأمل، ولنعطهم الدعم ليَقوى هذا التيار؛ إذ يجب ألّا نضعف التيّار الثوريّ ونقوّي التيار المقابل له؛ لا في أجواء الجامعة ولا في أجواء الإعلام الدينيّ ولا في الأجواء الثقافيّة وما شابه.
هذا الشهيد حجّة على الجميع
إنّ الشهيد العزيز "محسن حُجَجي"(1)، الذي استُشهد مؤخّراً، هو من شباب اليوم، فهو في الخامسة والعشرين من العمر، أحاط به الإنترنت، كلّ مواقع التواصل الاجتماعي، وكلّ نوافذ الإغراء الصوتيّ والتصويريّ، تماماً كما أحاطت بآلاف الشباب الآخرين، لكنّه نشأ وأصبح مجاهداً ثمّ شهيداً. بالتأكيد فإنّ الله تعالى قد جعل هذا الشهيد اليوم حُجّةً على الجميع، وهناك كثير من الناس ومن الشباب ممّن يتحلّون بهذا الإحساس، وهذا الدافع وهذا الإيمان. لذا، ينبغي عدم التقليل من شأن هذه البراعم الثوريّة والإسلاميّة الجديدة. هؤلاء الشباب يتمتّعون بقيمة عالية جدّاً، لذا يجب تكريمهم ومعرفة قدرهم.
الهوامش:
(*) كلمة سماحة الإمام الخامنئي دام ظله خلال لقائه وفوداً من محافظتي "يزد" و"همدان".
1-الشهيــــد "محســـن حُججـي" من قوات الدفاع عن الحرم، وقد استشهد على أيدي عناصر "داعش" بعد يومين من وقوعه في الأسر في معارك على الحدود بين سوريا والعراق.
المصدر: مجلة بقية الله بتصرف