القصة بدأت بعد تصويت الجمعية العامة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، على اختيار البلد الذي سيستضيف كأس العالم 2026 وحصل الملف المغربي على 65 صوتاً فقط، مقابل 134 للملف الثلاثي (الأمريكي والمكسيكي والكندي) بعد أن نجحت السعودية بإقناع عشرات الدول بالتصويت لمصلحة أمريكا ضد المغرب.
حجم التخاذل العربي كان ظاهراً بأوضح صوره، حيث تخلّت سبع دول عربية وهي السعودية والبحرين والإمارات والعراق والأردن والكويت ولبنان عن دعم المغرب لمصلحة الملف الثلاثي.
وبعد ظهور نتائج التصويت وافتضاح الدور السعودي الذي قاد حركة التصويت ضد ملف المغرب، أعرب المتحدث باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي عن خيبة أمله بعد اختيار نصف الدول العربية الملف الثلاثي، وقال: بالنسبة إلينا هذا الأمر مؤسف لكننا سنواصل العمل لأننا ننظر للمستقبل، دون تسمية دول بعينها، وأضاف: "هناك دول كانت مغلوبة على أمرها، ورضخت للضغوطات، خاصة من قبل السعودية، وهناك دول اتخذت القرار لاعتباراتها السياسية الخالصة".
وسبق ذلك إعلان وزير الثقافة والاتصال المغربي محمد الأعرج عن عدم المشاركة في اجتماع لوزراء الإعلام في دول تحالف العدوان العربي ضد اليمن بمدينة جدة السعودية المقرر عقده يوم 23 يونيو/حزيران الحالي، وجاء في بيان للوزارة أن سبب عدم المشاركة يعود لارتباطات متعلقة بجدول أعمال الوزير، لكن لعدم مشاركة الأعرج أكثر من دلالة، ما يرجّح أن يكون غيابه تعبيراً عن انزعاج الرباط من وقوف الرياض وحلفائها ضد ملف استضافة المغرب لكأس العالم 2026.
كما أعرب وزير الرياضة المغربي رشيد الطالبي العلمي عن أسف بلده "للخيانة" التي تعرّض لها من قبل بعض الدول العربية في هذا الملف.
وعلى المستوى الشعبي، عبّر المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي، عن غضبهم من الموقف السعودي وخصوصا تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه والرياضة تجاه ملف ترشح المغرب لتنظيم مونديال 2026، ووصف الناشطون على فيسبوك الموقف السعودي بالمخزي وغير الأخوي، خاصة أن تركي آل الشيخ يترأس الاتحاد العربي لكرة القدم.
واعتبر المغربيون أن السعودية خانت المغرب ونعت مدونون في شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» الموقف السعودي بأبشع النعوت، بينما طالب البعض المغرب بقطع العلاقات مع السعودية، خاصة وأنها لم تكتفِ بالتصويت لمصلحة الملف الأمريكي، بل ذهبت بعيداً في حشد الأصوات بالضغط والإغراءات المالية لدول آسيوية لمصلحة الملف الأمريكي الثلاثي على حساب الملف المغربي.
وانتشرت التعليقات الغاضبة من الموقف السعودي، إلى بعض البلدان العربية الأخرى كالكويت وتونس والجزائر ومصر، والتي عبر أغلب رواد موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عن غضبهم من هذا الموقف الذي لا ينم عن روح الأخوة العربية والإسلامية، حسب ما جاء في تدويناتهم.
الإعلامي المغربي نور الدين مفتاح، أكد بدوره أن هذا الجرح سيتحوّل غداً إلى موقف سياسي، والمغرب لن يضحي بكرامته من أجل حفنة استثمارات علماً أن السعودية هي من احتاجت المغرب في عدة محطات كحرب الخليج الثانية والحرب في اليمن.
أما مديرة الأخبار ونائبة المدير العام بالقناة الثانية المغربية، سميرة سطايل فقالت في تغريدة على التويتر "في غياب العالم العربي، أثبت المغرب (الكروي) وجوده، الجزائر موريتانيا ليبيا تونس اختاروا موروكو 2026، ومصر كذلك أثبتت استقلاليتها في مواجهة الحملة الأمريكية السعودية”، لتختم كلامها بنعت الدول التي لم تصوّت بالخونة.
وسائل الإعلام العربية أكدت أيضاً أن ملف المغرب كان يستحق الفوز بالتنظيم، وهناك دول غير عربية ساندت الرباط لاقتناعها بأحقية هذا البلد العربي في تنظيم المسابقة الكروية الأضخم على مستوى العالم، ولفتت وسائل الإعلام العربية إلى أن تهديدات دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، للدول المشاركة في التصويت، كانت سبباً رئيساً في فوز الملف الثلاثي لكندا والمكسيك وأمريكا بتنظيم مونديال 2026، فلو كان التصويت رياضة فقط لفازت المغرب، لكن التصويت كان سياسياً بامتياز.
الأجواء المشحونة بين المغرب والسعودية لم تقتصر على الملف الرياضي، حيث أثارت إحدى الحلقات في المسلسل السعودي الكوميدي "شير شات"، ردود فعل غاضبة في المغرب، إذ وجد الجمهور المغربي أنها تصوّر بلادهم على أنها سوق للنخاسة، وتعمد إلى إهانة نساء المغرب وتصويرهن كبائعات هوى للسعوديين.
وحمّل مغردون مغاربة سلطات بلادهم المسؤولية لأنها سمحت بتصوير المسلسل على أراضيها، بينما هاجم آخرون وسائل إعلام محلية واتهموها بتنميط صورة المرأة المغربية وتصوريها كسلعة تجارية بهدف تحقيق الربح المادي.