لماذا يتكبر الإنسان؟!

الثلاثاء 19 يونيو 2018 - 04:50 بتوقيت غرينتش
لماذا يتكبر الإنسان؟!

يقول الشّاعر، فاضحًا حالة الانتفاخ الوهميّ الّتي يعيشها المتكبّر، وإحساسه المزيّف بذاته...

سوسن غبريس

لماذا يتكبّر الإنسان ويتعالى على الآخرين؟ لماذا يفترض أنَّه من طينةٍ أفضل من طينتهم، فيغترّ ويشمخ ويتباهى ويتبختر، ويمشي في الأرض مرحاً، وينظر إلى الآخرين نظرة استعلاء واحتقار؟

إنّ أوّل ما يمكن قوله في هذا المجال، هو أنّه لا يتكبّر الإنسان إلّا انطلاقًا من مركّب نقصٍ في داخله، يجعله يعيش الوهم بالأفضليّة على الآخرين، فيميّز نفسه عنهم، ويجعل لها مرتبة فوق مرتبتهم، فيتعاطى معهم من هذا المنطلق، وينظر إليهم نظرة من عل.

وإذا كان من حقّ الإنسان أن يفرح بما يملكه من مال أو جاه أو جمال أو علم أو أيّ شيء آخر، إلّا أنَّ فرحه هذا لا ينبغي أن يتحوَّل إلى تكبّر وتفاخر على النّاس، لأنّه إذا كان لأحدٍ الحقّ في أن يتكبّر، فهو من يملك الكمال، ولا يمكن لإنسانٍ أن يدَّعي الكمالَ في نفسه، فإذا تفوَّقَ على النّاس في جانبٍ، فقد يتفوَّق آخرون عليه في جانبٍ آخر، وإذا امتلكَ شيئًا أكثر ممّا عند النّاس، فقد يفقد شيئًا مما يمتلكونه، ويبقى الكمال لله وحده.

وإنَّ من يرى أنَّه أفضل من النّاس، أن يتذكَّر من أين جاء، وأنّه من نطفةٍ من ماء مهين، وهو الأصل الّذي يشترك به مع كلِّ البشر، وأنَّ مصيره لن يكون إلّا جيفةً منتنةً تحت التّراب، فهل في ذلك مدعاةٌ للكبر؟

يقول عليّ(ع) وهو يتوجَّه إلى هذا المتكبِّر المتعالي، واضعًا أمامه الحقيقة الّتي لا مهرب منها، مستخدمًا أسلوب الأمر الّذي يحمل في طيّاته معنى الحسم: "ضع فخرك، واحطط كبرك، واذكر قبرك، فإنَّ عليه ممرّك".

ووضع الشّيء وحطّه، في اللّغة، يحمل معنى إنزال الشّيء من أعلى إلى أسفل، وهو طلب من الإمام يتوجّه به إلى الإنسان بأن يتواضع، وأن يرمي عن كاهله ثقل الكبر، وأن يستذكر ما سيكون عليه مصيره المحتوم، الّذي سيقف أمامه ضعيفًا عاجزًا مجرّدًا من كلّ قوّة وعنفوان، غير قادر على ردّه أو حتّى تأجيله.

يقول رسول الله(ص): "لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر"، ولو صلّى وصام وحجّ وعبد، لأنّ التكبّر ينافي الإيمان، ويبعد الإنسان عنه. أليس التّكبّر صفة إبليس الّتي بسببها خرج من الجنّة وصار رمزًا للشّيطنة والشّرّ؟ فهل نفعل مثله ونقتدي به؟

ويقول الشّاعر، فاضحًا حالة الانتفاخ الوهميّ الّتي يعيشها المتكبّر، وإحساسه المزيّف بذاته:

ملأى السّنابلِ تنحني بتواضعٍ              والشّامخات رؤوسهنّ فوارغ

وبعد.. هلّا راقبنا أنفسنا، وانتبهنا إليها، حتّى لا نقع في فخٍّ قد لا ننجو منه؟

المصدر: موقع بينات