منير الربيع
نفت وزارة الخارجية مضمون ما جاء في صحيفة فورين بوليسي الأميركية، وهو اتهام إلى القائم بالأعمال بالوكالة في سفارة لبنان في الباراغواي المستشار حسن حجازي بعرقلة استرداد مواطن إلى الولايات المتحدة الأميركية بتهمة الاتجار بالمخدرات وتبييض أموال لمصلحة حزب الله. وتعتبر الوزارة أن الخبر غير دقيق، إذ إن من واجبات الدبلوماسي متابعة الشؤون القنصلية لأبناء الجالية، كما أن ربط المقال تدخل القائم بالأعمال بالوكالة في هذه القضية ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل هو غير صحيح ولا يمت إلى الواقع بصلة.
المقال نشر تحت عنوان لا يمكنك يا باسيل، وهو يحمل في طياته انتقاداً لوزير الخارجية واتهامه بالعمل لمنع تسليم واشنطن مواطناً مطلوباً من الانتربول على خلفية تبييض الأموال. لا شيء بالصدفة، وفق ما يقول دبلوماسي غربي لـ"المدن"، معتبراً أن ما يجري هو حلقة من سلسلة المراقبة الأميركية للأداء اللبناني، ولا ينفصل أيضاً عن العقوبات المفروضة على حزب الله وقياديين وناشطين فيه.
يفتح المقال العين على ما يدور في الكواليس الدولية والدبلوماسية بشأن الوضع في لبنان، خصوصاً في ضوء التصوّر الأميركي عن سيطرة حزب الله على البلد وكل المؤسسات فيه، وما يأتي من رسائل من واشنطن، يندرج في إطار تحذيرات للمسؤولين اللبنانيين بشأن ضرورة الفصل بينهم وبين حزب الله، كي لا تشمل العقوبات التي يتعرّض لها الحزب، لبنان كدولة. هذا الكلام يتلاقى مع تجديد المسؤولين الأميركيين الكلام عن فعالية العقوبات على الحزب، والإشارة إلى إمكانية إصدار إجراءات جديدة بحقه. وهذه تتزامن مع الضغوط التي يتعرّض لها الحزب وإيران في سوريا، والتي دخلت روسيا في جزء منها. ومن بين ما تكشفه المصادر، ما جرى البحث به في اللقاء بين الرئيس سعد الحريري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتكشف المصادر أن بوتين طالب الحريري بضرورة تعزيز الجيش وقدراته ونشره على الحدود، وأن توكل إليه وحده مسؤولية ضمان الحدود بين لبنان وسوريا والسيطرة عليها مواجهة كل عمليات الانتقال غير الشرعية أو غير الرسمية.
لا تفصل المصادر هذا الكلام عما يشهده الميدان السوري. وهذا أيضاً يربطه الأميركيون بمسألة ترسيم الحدود الجنوبية والمقترح الذي جرى تقديمه. وتتحدث المصادر عن أنه في البداية جرى تلمّس حماسة لدى الرؤساء الثلاثة للشروع في هذه المفاوضات وترسيم الحدود البرية والبحرية. وهناك استجابة دولية لمسألة الفصل ما بين الحدود البرية والبحرية نزولاً عند الرغبة اللبنانية، لكن بشرط أن لا يتحول ذلك إلى مجال للمطالة والتسويف. وتسجّل المصادر تراجعاً عن هذه الحماسة، إذ تعتبر أن ما عاد وجرى التداول به في الكواليس أظهر تراجعاً لبنانياً. وترجّح أن يكون ذلك مرتبطاً بالتطورات الإقليمية وخاضعاً لرغبة إيرانية، خصوصاً أن أي عملية لترسيم الحدود، ستنعكس سلباً على إيران وحزب الله، لأنها ستنزع ذرائع عديدة وأوراقاً قوية يمسكان بها.
تشير المعطيات إلى أن موسكو طالبت تل أبيب بوقف أي عملية عسكرية أو غارات على غرار الغارات التي كانت تحصل على سوريا في الفترة الماضية طوال فترة المونديال، وكأن الكلام يوحي بأن استئناف هذه الضربات سيعود في مرحلة ما بعد كأس العالم، وما سيحمله ذلك من تطورات على الملف اللبناني وغيره، خصوصاً أن بعض الكلام الدبلوماسي يذهب إلى تحميل لبنان والرئيس نبيه بري مسؤولية عرقلة حصول التسوية الحدودية، معتبرة أن الشروط التي يضعها بري لا تؤدي إلى الوصول إلى حلّ. فيما تكشف مصادر لبنانية متابعة أن موقف بري ينطلق من أساس تعزيز الموقف اللبناني وعدم التنازل للإسرائيليين أو الخضوع للضغوط الغربية. هذا الكلام يحمل بعض المسؤولين الغربيين إلى رفع منسوب الكلام الضاغط على لبنان والمهدد، كي يصل إلى مصاف التلويح بحصول حرب إذا لم يتم التوافق. فيما يرفض المسؤولون اللبنانيون الخضوع لهذه التهديدات، أو لأي محاولة ابتزاز، في انتظار التطورات التي ستحصل في الفترة المقبلة.
المصدر: موقع المدن