بشكل كامل وحتى الآن، لم يقع الفأس الأميركي بالرأس الخليجي لكن على صعيد الفريق الثاني، أي الخليجيين، فالجميع هناك أصبح مأخوذا من اليمن إلى الشمال وبالعكس، يظهر هذا من الشعور القطري السائد لدى النظام في الدوحة الذي صار لديه ما يقارب اليقين أن السكين الأميركية لن توفر أيا من الرقاب ويجب اتخاذ التدابير الاحتياطية، خصوصا بعد أن تبدأ السكين عملها من عند تركيا.
يأمل القطريون أن يكونوا على قائمة التأجيل لأكثر وقت ممكن، والأكيد، أن توسلات الدوحة وتملقها للولايات المتحدة لم تجد نفعا على أي من المحاور التي كانت تعمل عليها العاصمة الخليجية المحاصرة، فلم تستطع أن ترفع الغضب السعودي عنها رغم كل المكائد والمناكفات، ومحاولات تصفية اللبن الخليجي من جهة أخرى، ومن الواضح أيضا أن واشنطن تعلم المصير الذي تذهب إليه قطر ولم تخبر السعودية بهذا الأمر لأن الوقت المناسب لم يحن بعد، أو أن الرياض عليها التنفيذ فقط.
الكلام الدارج في هذه الأثناء على اللسان القطري، حول المؤامرة الأميركية التي رسمت للشرق الأوسط ومرور خط الكي الأميركي فوق تركيا ودول خليجية وأفريقية من تلك التي اعتادت تقديم النذور، كثيرا ما دفعت الدوحة الأموال وأنشأت ما يلزم كي تنفي وجود مثل هذا النوع من التوجهات السياسية، أي المؤامرة، أو الخطة السياسية والأمنية التي تشمل إقليما على الخارطة الدولية، بل أن الدوحة كانت ملكية أكثر من الملك الأميركي، وتجاوزت الحدود وهي تعض كل من يقول بهذه الأمور ولو استطاعت لأكلت ألسنة المعتقدين بالمؤامرة على الملأ، حتى وصل الموسى إلى رقبتها، وأصبح جفاء واشنطن خبزا يوميا على الدوحة أن تأكله وتشكر، وتبلع ريقها.
التوجس الخليجي يحتل كل المشاعر السياسية في تلك المنطقة، خاصة قطر التي ترى عن قرب وكثب ما يحل بالحليف التركي ذو المصير المشترك، وصاحب وحدة الحال، الرعب القطري مبرر لأن التوجه الأميركي يبدو أنه يقوم بتشذيب التيار الإخواني حول العالم الذي فشل في أكثر من ملف، وسيأتي دورها، وبهدوء ذهبت قطر للحج والناس راجعة، ببلاهة تقول أن هناك مخططا أميركيا للمنطقة ولن يمر على خير ما يرام.
حسنا، ذلك الذي حدث منذ احتلال العراق، أو لنتعمق أكثر، منذ حربي الخليج الأولى والثانية، أو بسطحية، منذ اندلاع فوضى الربيع العربي، ماذا يمكن يسمى، القطريون يسمونه بطريقة مستفزة للمنطقة كلها، وعليهم أن يتقبلوا تسميتهم وتوصيفهم حينما تبدأ الصفعات الأميركية بتقوية «الدوز» على وجوه الصبيان «الشاردين» الذين لم يستطيعوا تحصيل الغلة الأميركية.
المصدر: إيفين دوبا