لا يستسيغ الموساد رائحة الشاباك إطلاقا ولو عن بعد سفر سنة، وتتوافق معه وزارة الحرب الإسرائيلية في هذا الأمر، الحرب الدائرة بين الموساد وأجهزة رسمية من جهة مع الشاباك ورئاسة الحكومة من جهة أخرى، أشبه بقتال قبيلتين تستشرسان لتحقيق أكبر عدد من الضربات المحققة والمميتة لدى الخصم، ومتابعو البنية الأمنية في «إسرائيل» باتوا على قناعة الآن أن تفككا كبيرا ألقى بأثره في الكيان العبري بعد التصدع التاريخي بين أجهزة الاحتلال الأمنية.
تمير باردو رئيس الموساد السابق ذو اللكنة الفرنسية الواضحة في عبريته، لن يخرج إلى العلن، فيلعن طريقة الشاباك في التعامل مع الأخوة الأعداء، هكذا من تلقاء نفسه، حتى الموساد لم يسلم من الفضائح التي كشفها باردو مؤخرا، ولابد، أن أمرا ما كبيرا يحصل داخل "إسرائيل" التي عليها أن تستدرك وتعيد التفكير في كل ما يحيط بها وإلا فإن المستقبل لن يكون على ما يرام، الأمر الكبير الذي يجهز له هو سحب البساط العريض من تحت قدمي بنيامين نتنياهو وتغيير الأعصاب الدماغية لحزب الليكود كله، ولو كان غير ذلك، لما انبرى نتنياهو وجماعته بهذه الطريقة المجنونة للرد على باردو في كل الشوارع والأزقة الإعلامية الضيقة.
ثمة من يعلم في «إسرائيل» أن الأنياب الصهيونية والمخالب، أصبحت بلاستيكية بشكل غالب، ذلك لا يعني أنها لا تؤثر، لكنها ليست بتلك الفاعلية، لذلك، هناك ما يبرر أن يقلب شخص بوزن باردو الطاولة على الجميع، وأمام الجميع في الداخل الإسرائيلي الذي لا ينقصه المزيد من التهتك.
لقد وجه رئيس الموساد السابق ضربات قوية للجهاز الذي كان يترأسه سابقا، والشاباك، والحكومة، وكل شيء يتعلق بالإدارة السياسية والأمنية في "إسرائيل"، وهذا مفاده أن عينا ما قوية تحط نظرها بثبات على مقعد رئيس الحكومة وبأي شكل تريد إزاحة نتنياهو التي تراه أنه أكثر وزاد الجلوس في مكان غير مناسب له، بعد تداعيات من الفشل والدعايات البلهاء لدفن آثار الفشل.
بديل نتنياهو ليس أفضل، المسألة التي يتم العمل عليها نقل منديل الحكم من يد يمينية متطرفة إلى أخرى كذلك، فالوقت الحالي لا يحتمل أن يجري العمل بغير ذلك طالما أن المصير الإسرائيلي محفوف بالمخاطر وفي أي لحظة يمكن أن ينفجر بركان عارم، والانقلاب الناعم الذي يسري في شرايين الكيان الآن، يعني أن لا شيء مستقر داخل «إسرائيل» ولا شيء مضمون بينما تحصل أشياء وأمور ليس فيها أخبار جيدة على الاطلاق للجبهة الداخلية الإسرائيلية.
المصدر: إيفين دوبا