في آخر موقف لمستشار ولي عهد ابو ظبي للأمور السياسية جاء فيه ترحيبه بالحظر الأميركي الجديد ضد إيران وقال: اذا استطاعت الإجراءات الأميركية أن تضعف ايران سياسيا وإقتصاديا وتقلل من نفوذها في المنطقة، واستطاعت أن تغير النظام في إيران ، فإن ذلك سيعود بالنفع لكل البلدان العربية، ولكن قبل ذلك جاءت تصريحات محمد بن سلمان خلال سفره الأخير إلى أميركا والتي هاجم خلالها ايران كالعادة وطلب من المسؤولين الإميركيين المساعدة لمواجهة ايران.
لاشك أن كلا المحمدين يطمحان في هذه الأيام وقبل كل شيء للجلوس على كراسي ابويهما الملكية ، وهما يعملان للترويج لنفسيهما على انهما اقوى القادة في المنطقة والاكثر نفوذا، ولكن العجب أنهما (اي المحمدين) يعتبران إيران العائق أمام التسويق لهذه الأفكار.
كون محمد بن زايد الأكبر سنا من محمد بن سلمان الذي يملك سجلا مليئا بالتدخلات في البلدان الأخرى، فإنه (اي محمد بن زايد) يعتبر إبن سلمان الأخير الأحق من بين كل السعوديين في ادارة المنطقة، فمحمد بن زايد الذي يزيد عمره عشرة اعوام عن تاريخ تأسيس بلده عام 1971 وببركة الدولارات التي جناها من بيع النفط وببركة العائدات التجارة والسياحة و.. يقوم بإرشاد الشاب المبتدئ محمد بن سلمان حتى يوصله إلى رأس السلطة في السعودية.
على الرغم من أن التعاون العسكري بين السعودية والإمارات بدأ يعود بشكل جدي في السنوات الأخيرة وخصوصا مع بدء الثورة في البحرين، وعلى الرغم من ان الإمارات قامت آنذاك بإتباع السعودية وإرسال قوات لها إلى البحرين على غرار السعودية التي يمكن القول انها قامت بإحتلال البحرين، إلا أن الواقع يختلف كليا، فالواقع هو أن محمد بن زايد هو من كان يحدد السياسيات ومحمد بن سلمان كان يتبعه.
بإلقاء نظرة عامة، فإن تدخل هذين البلدين في شؤون الدول الأخرى لا يخرج عن ثلاث حالات، الحالة الأولى هي أن تقوم كل من السعودية والإمارات بالتنسيق والتعاون الحثيث من أجل التدخل في شؤون بلد آخر مثل سوريا، وذلك من خلال قيام البلدين بخلق ودعم المجموعات الإرهابية في سوريا لإسقاط حكومة بشار الأسد، وكذلك ظهر هذا النوع من التعاون الحثيث جليا في تعاون هذين البلدين في اسقاط حكومة الإخوان في مصر والتي كان يترأسها محمد مرسي.
الحالة الثانية وهي قيام السعودية بالتدخل بشكل فردي ومن ثم انضمام الإمارات لها، وبعد ذلك تتراجع السعودية وتسلم زمام المبادرة لرفيق البارحة ومنافس اليوم أي الإمارت وهذا ما حدث بشكل واضح في اليمن، وأما الحالة الثالثة فهي تأخر السعودية عن الإمارات في التدخل وهذا ما جعل السعودية تتبع في قرارها للإمارات وجعل محمد بن سلمان يتلقى تعليماته من إبن زايد، ولعل التدخل في كل من ليبيا والصومال وجيبوتي واريتيريا وتونس و.. دليل واضح على هذه التبعية.
فاذا اضفنا إلى كل ما سبق الإدعاءات الإماراتية في الدور الذي لعبوه في تعيين ترامب رئيسا لأميركا وذلك من خلال المشورة التي قدموها له عن طريق جورج نادر، ودورهم في خلع تلرسون من منصب وزير الخارجية، يمكن القول أن محمد بن سلمان والسعودية تحولوا إلى دمية في يد محمد بن زايد، دمية صمتت عن الأحداث الفلسطينة الأخيرة وقضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس كما سكت محمد بن زايد، دمية تبعت إبن زايد في تأييدها لـ"اسرائيل" وتحسين علاقتها مع اميركا وتحويل إيران إلى عدو.
تجربة عزل قطر والتي تقضي في هذه الأيام عامها الأول وتحولها إلى ازمة حقيقية بين دول التعاون الخليجي، تؤكد أن علاقة الابن والأم بين المحمدين ليست لها ابعاد استراتيجية ومما لا شك فيه أن الخلافات بين المحمدين والتي تشبه النار تحت الرماد ستشتعل بينهما بمجرد إعتلاء كل منهما عرش السلطة.
المصدر: موقع أخبار24