اليوم...لا كلمة بعد كلمة الشعب في فلسطين

الأحد 20 مايو 2018 - 15:27 بتوقيت غرينتش
اليوم...لا كلمة بعد كلمة الشعب في فلسطين

ليست لدينا كلمات تستطيع أن تعبّر عن شعورنا عما يحدث، ولا تستطيع أن ترتقي إلى مستوى تضحيات الشعب الفلسطيني، ولا تستطيع أن تفي بما هو مطلوب من تضامن وتمسّك بثوابت الأمة...

د. زياد حافظ

مسيرة الأرض التي بدأت في «يوم الأرض» ما زالت مستمرة. والسيل الشعبي الفلسطيني الذي تدفّق، وما زال، على الحاجز السلكي الذي يفصل قطاع غزّة عن فلسطين ما زال قائماً. وصف البعض أن ما قام به جيش العدو من قنص وقذف بالقنابل الغازية والمسيلة مجزرة بحق أهلنا في غزّة، وهي مجزرة بالفعل. غير أن «المجزرة» تحوّلت ملحمة لن ينساها الفلسطينيون ولا الشعوب العربية ولا أحرار العالم.

ليست لدينا كلمات تستطيع أن تعبّر عن شعورنا عما يحدث، ولا تستطيع أن ترتقي إلى مستوى تضحيات الشعب الفلسطيني، ولا تستطيع أن تفي بما هو مطلوب من تضامن وتمسّك بثوابت الأمة. المؤتمر القومي العربي بأعضائه وأمانته لا تستطيع إلاّ أن تكون مع أهلنا في غزّة وفلسطين في مسيرة العودة التي لن تقف إلاّ عند تحقيق العودة بمشيئة الله وإرادة الشعب العربي في فلسطين.

فهناك بوادر تغيير ما. مَن ينظر إلى وجوه مندوبي الدول في مجلس الأمن ومندوب فلسطين يسألهم عن نفاقهم وازدواج معاييرهم فيما يتعلّق بفلسطين يدرك أن من حصل على حدود القطاع نقطة تحوّل في الرأي العام الدولي والرسمي. تقرأ العار والخجل على وجوههم ومندوبة الولايات المتحدة تجهد لاهثة في الدفاع عن الكيان وجرائمه. فأين «حق الدفاع» عن النفس والقنّاصة الصهاينة يتبارون ويهلّلون لكل إصابة برصاصهم لشاب أو شابة فلسطينية. عند كتابة هذه السطور تجاوز عدد الشهداء الستين وآلاف الجرحى. بعض الإعلام العربي المطبّع يسرد عدد «القتلى» الذين سقطوا بدلاً من الشهداء برصاص «الدولة» وليس الكيان وكأن الذين استشهدوا ضحايا كارثة طبيعية وليس من صنع العدو المجرم.

حتى الإعلام الغربي المتعاطف تاريخياً مع العدو لم يعد يستطيع تحمل ما يجري في غزّة. فافتتاحيات «النيويورك تايمز» و»الواشنطن بوست» تشهد على ذلك. أما المدوّنات في الاعلام الموازي فأصبح يفضح جرائم العدو بشكل تلقائي. حتى الشباب اليهودي الأميركي يعبّر عن استيائه من أعمال حكومة نتنياهو وجرائمه. ونضيف إلى كلّ ذلك المظاهرات في المدن الغربية والأميركيتين، جميعها مندّدة بالكيان ومنتصرة لحق الشعب الفلسطيني.

منظّمة «مراسلون بلا حدود» تقاضي الكيان في محكمة الجنايات الدولية بينما يغيب كلّياً المجتمع الحقوقي والقانوني العربي. فأين اتحاد المحامين العرب من كل ذلك؟ ما يحصل في غزّة وفي كل فلسطين هو درس من الشعب إلى النخب التي تخذل يوماً بعد يوم ذلك الشعب الجبّار.

كنّا نتمنّى على حكومتي مصر والأردن تحرّكا يشجب الكيان كسحب السفراء وإغلاق السفارات بينما يتجاوزهما الرئيس التركي أردوغان ويطلب من سفير الكيان مغادرة تركيا. مناورة استعراضية رخيصة؟ ربما. غير أن الموقف التركي يعبرّ عن حدّ أدنى من الحفاظ على كرامة المسلمين في غياب مجمع العلماء المسلمين في العالم، وكأن فلسطين لا تعنيهم، وكأن القدس لم تعد أولى القبلتين، وكأن الأقصى لم يبنِه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولم يعد الحرم الثالث.

عدد كبير من المنظّمات الشعبية العربية ندّد بجرائم العدو وتضامن مع أهلنا في غزّة. لكن لم نشهد تحرّكاً جماهيرياً واسعاً في العديد من أقطار الأمة. نسجّل التظاهرة في اليمن تحت القنابل والتظاهرة في المغرب والبحرين، كما نسجّل حراكاً في كل من الأردن ولبنان، غير أن هذا الحراك ما زال دون الحجم المطلوب فلا يشكّل ضغطاً على حكومات الدول العربية التي ما زالت ملتزمة الصمت وكأن الكابوس الفلسطيني سيذهب تلقائياً. فالانشغال بالانتخابات البرلمانية أو البلدية يبدو أهم من التعبير عن السخط العربي. المسؤولية تقع هنا بدون مواربة على النخب الشعبية العربية التي تحمل هموم الشعب.

أما جامعة بعض الدول العربية فستعقد اجتماعاً طارئاً من باب الحرج ورفع العتب، وليس من باب القناعة والالتزام بثوابت الأمة، ولكن أن يأتي التحرّك متأخراً خير من أن لا يأتي بالمطلق.

رغم التقصير غير المقصود للنخب الشعبية العربية سواء لأسباب موضوعية أو ذاتية، فإن مسيرة الشعب الفلسطيني مستمرّة. فهذا الشعب أصبح يجرّ من ورائه ليس فقط النخب بل الأمة بأسرها، فنهضة الأمة لن تكون إلاّ عبر فلسطين ولا يسعنا إلاّ أن نسكت وننحني أمام الدروس التي نتلقّاها يومياً في فلسطين، فلا كلمة اليوم بعد كلمة الشعب في فلسطين.

المصدر: موقع الأنصار الإخباري