إجلسي يا يوليا هيّا نتحاسب أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبيها بنفسك ،حسناً؛ لقد اتفقنا على أن أدفع لك (ثلاثين روبلاً) في الشهر.
– فقالت يوليا : لقد اتفقنا على أربعين.!!!
– قلت: كلا .. ثلاثين .. هذا مسجّل عندي؛ لقد عملت لدينا شهرين.
– قالت: شهرين وخمسة أيام.
– قلت:شهرين بالضبط .. هذا مسجّل عندي .. إذن تستحقين (ستين روبلاً). نخصم منها تسعة أيام آحاد .. فأنت لم تعلّمي (كوليا) في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط .. ثم ثلاثة أيام أعياد.
احمرّ وجه (يوليا) وعبثت بأصابعها بأهداب الفستان ولكنها لم تنبس بكلمة واحدة.
– فقلت:نخصم ثلاثة أعياد؛ إذن المجموع (إثنا عشر روبلاً) وكان (كوليا) مريضاً أربعة أيام ولم يكن يدرس كنت تدرّسين (فاريا) فقط ، وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء ، إذن إثنا عشر زائد سبعة تسعة عشر تخصم إذن الباقي (واحد وأربعون روبلاً) .. مزبوط ؟.
إحمرّت عين (يوليا) وامتلأت بالدموع وارتعش ذقنها وسعلت بغصّة ، ولكنها لم تتكلم بأي كلمة.!!!
– قلت : قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً ..نخصم (روبلين) .. الفنجان أغلى من ذلك فهو موروث ولكن فليسامحك الله وبسبب تقصيرك تسلّق (كوليا) الشجرة ومزّق سترته سأخصم عشرة، فمن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً وهكذا نخصم أيضاً خمسة، وفي 10 يناير أخذتِ مني (عشرة روبلات)..
– فقالت : لم آخذ.!!!
– قلت : ولكن ذلك مسجّل عندي..
– قالت : ( حسناً ) وهي لا حول ولا قوة …
– فقلت : من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين .. الباقي أربعة عشر.
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع وظهرت حبات العرق على أنفها الجميل وهي عاجزة فقلت في نفسي يا لها من مسكينة.
– فقالت بصوت متهدّج : أنا أخذتُ مرة واحدة منك يا سيدي عندما أعطيتني (ثلاثة روبلات) وكنت أعتقد أنها كرم منك ولم آخذ غيرها ..
– قلت : حقاً.!؟ أنظري وأنا لم أسجّل ذلك ، نخصم من الأربعة عشر ثلاثة ، الباقي هو أحد عشر فقط. وها هي نقودك؛ ثلاثة .. ثلاثة .. ثلاثة .. واحد .. واحد .. تفضلي؛.
ومددت لها (أحد عشر روبلاً) فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة وهمست : شكراً .
عندها انتفضتُ واقفاً واستولى عليَّ الغضب وسألتها : شكراً على ماذا…؟!!!
– قالت : على النقود ..
– فقلت لها : ولكني…نهبتك .. سلبتك .. ظلمتك .. سرقتك.!!! فعلامَ تقولين لي شكراً…!!!
– قالت : في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً؛ ..
– فقلت :كيف ولماذا لا يعطوكِ حقكِ !!!.
عندها قلت لها : أنا آسف لأني كنت امزح معك؛ وسأعطيك نقودك (الثمانين روبلاً) كلها، ها هـي لقد جهزتها لكِ ؛ ولكن يجب أن لا تكوني عاجزة إلى هذه الدرجة لماذا تسكتين…!؟ لا يمكن لكِ أن تكوني مسالمة إلى هذه الدرجة لأنكِ ستظلمين.
ابتسمتْ بعجز والدموع في عينيها وكأنها تقول نعم هذا ما يحدث لي ؛..
سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلّمتها (الثمانين روبلاً) فشكرتني بخجل وخرجت.. تطلعتُ في أثرها وفكّرتُ مع نفسي؛ ما أبشع أن تكون ضعيفاً في هذا العالم المتوحش؛ ..
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً ، فالظلم مرتعه يفضي إلى الندمِ ، تنام عينك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لا تنم ….