الخيانة.. لم ولن تكون وجهة نظر!

الأحد 13 مايو 2018 - 07:36 بتوقيت غرينتش
الخيانة.. لم ولن تكون وجهة نظر!

مقالات - الكوثر: يُقال ان الرسام الفلسطيني الشهيد ناجي العلي كان يتخوف دائما من ان تتحول “الخيانة” يوما ما الى “وجهة نظر” ، وهو تخوف كان بعض العرب يرى فيه قلقا غير مبرر من قبل الفنان ناجي العلي ، لعدم تقبل هذا البعض لفكرة ان يصل الامر يوما ان تتحول فيه الخيانة الى وجهة نظر.

لم تمر سوى ثلاثة عقود على استشهاد ناجي العلي، حتى تأكد لذلك البعض، الذي استنكر عليه تخوفه من تحول الخيانة الى وجهة نظر، ان ما كان يخاف منه ناجي العلي قد وقع بشكل لا لبس فيه، بل ان الخيانة تحولت الى حكمة وعقلانية واعتدال في هذا الزمن العربي البائس.

الغالبية العظمى من العرب كانوا يشاطرون ناجي العلي تخوفه، لانهم كانوا يعلمون علم القين ان صفقات عقدت بين بعض الزعماء العرب وبين زعماء الكيان الصهيوني، على حساب القضية الفلسطينية وعلى حساب حركات التحرر العربي، بل ان بعض الزعماء العرب تواطأ مع زعماء الكيان الصهيوني لطعن اشقائهم في الظهر، وان هذا الامر سيخرج يوما من السر الى العلن.

جانب من هذه الخيانات التي كانت تجري في الخفاء، هو الرسالة التي بعث بها زعيم اغنى دولة عربية عام 1966 الى الرئيس الامريكي حينها ليندن جونسون، ودعا فيها امريكا الى مساعدة الكيان الصهيوني لشن عدوان على مصر واحتلال اراضيها من اجل الضغط على مصر واخراجها من اليمن، وان تعتدي كذلك على سوريا من اجل الا تدعم مصر، فمثل هذه الخيانات كان سيشيب لها رأس الرضيع لو تم الكشف عنها حينها، الا ان هذه الامور تحولت اليوم الى وجهة نظر.

في العقد الاخير وبعد ان انتقل القرار العربي من مصر وسوريا الى الممالك والمشايخ والامارات، اخذت الخيانة تتحول، وعلى المكشوف، الى وجهة نظر، بل تحولت “اسرائيل” ليس الى صديق فحسب بل الى حليف استراتيجي، والخلاف بين الدول العربية الى حروب تنذر بابادة شعوبا عربية باكملها بالقصف والحصار والمرض والمجاعة وتصدير الجماعات التكفيرية الدموية اليها، كما يحصل في اليمن وسوريا وليبيا والصومال.

بعد اللقاءات العلنية وامام عدسات الكاميرات بين زعماء الكيان الصهيوني وبعض مسؤولي الدول العربية من الامراء والمشايخ، لبحث “الخطر الذي تشكله ايران” على “الحلف الاسرائيلي السني” ، وتبادل الزيارات على اعلى المستويات بين الكيان الصهيوني ودول “الاعتدال العربي”، وبعد المشاركة المكثفة بين رياضيي الكيان الصهيوني ودول الاعتدال العربي، واعتراف زعماء هذه الدول بحق اليهود في “ارضهم” في فلسطين كما ذهب الى ذلك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم تعد الخيانة وجهة نظر، بل التحالف مع عدو العرب المسلمين ومغتصب اقدس مقدساتهم، بات امرا حكيما وضروريا من اجل مواجهة “الخطر الايراني”!!.

من اخطر المواقف، بعد موقف بن سلمان حول حق الشعب اليهودي بارض فلسطين، والتي كشفت عن الحالة المزرية التي وصل اليها بعض مسؤولي الانظمة العربية، هو موقف وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة من العدوان الصهيوني المتكرر على سوريا ، وخاصة بعد الغارات المتكررة والتي وصلت الى اكثر من 100 غارة نفذها سلاح الجو الصهيوني خلال السنوات الثلاث الماضية على سوريا.

المدعو خالد استشاط غضبا من رد سوريا على العدوان الصهيوني المتكرر على الاراضي السورية، عبر قصف مواقع قوات الاحتلال الصهيوني في الجولان، وغرّد انتصارا ل”اسرائيل” وتبنى الرواية الصهيونية بحذافيرها حول الرد السوري القوي ضد الكيان الصهيوني، وذلك عبر اتهامه ايران بانها تقف وراء هذا القصف وقال أن إيران “أخلت بالوضع القائم في المنطقة، واستباحت الدول بقواتها وصواريخها، ولذلك فأنه يحق لكل دولة في المنطقة، ومنها "اسرائيل"، أن تدافع عن نفسها بتدمير مصادِر الخطر”.

من الواضح ان مثل هذه المواقف الشاذة والخيانية تؤكد على ان هذه الانظمة :

-منفصلة عن شعوبها.

-لا تحظى باي شرعية.

-مفروضة على شعوبها بالحديد والنار.

-تبحث عن مصادر قوة خارج حدوها.

-تجد في “اسرائيل” طوق نجاة من بحر غضب شعوبها.

-تقوم بدورها الوظيفي في خدمة المشروع الصهيوني في المنطقة.

اخيرا ورغم الاعتقاد الخاطيء والقاتل لهذه الانظمة من ان الانخراط في الخيانة بهذا الشكل السافر سيعزز حظوظها في الاستمرار بالحكم، الا انه فات هذه الانظمة حقيقية لا شك في بديهيتها، وهي ان الشعوب العربية والاسلامية لم ولن تتقبل الكيان الصهيوني كبلد يمكن التطبيع معه، كما لم ولن تغفر للانظمة التي تسوق الكيان الصهيوني ككيان يمكن التعايش معه ، لذا فان اليوم الذي ستنتفض هذه الشعوب على هذا العار آت لا محالة.

شفقنا

24