ترامب تطرق في خطابه الى مزاعم حول دور ايران في المنطقة والى برنامجها الصاروخي ، لتبرير قراره الانسحاب من الاتفاق، بينما تجاهل كليا التقارير التي تجاوزت عددها عشرة التي اصدرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ ابرام الاتفاق عام 2015 والتي اكدت جميعها التزام ايران الكامل بالاتفاق النووي.
من بين التبريرات التي اعتمدها ترامب للانسحاب من الاتفاق هي منع ايران من امتلاك قنبلة نووية ! ، بينما اعتبر الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما انسحاب ترامب من الاتفاق بانه خطأ فادح، لان ايران لم تنتهكه، فيما دعا وزير الطاقة الامريكي السابق في عهد اوباما، ارنست مونيز وهو من كبار علماء الفيزياء في امريكا ومن الذين شاركوا في التوصل الى الاتفاق النووي، دعا ترامب في وقت سابق الى عدم الانسحاب من الاتفاق لانه يضمن من الناحية التقنية عدم حصول ايران على القنبلة النووية.
مزاعم ترامب للانسحاب من الاتفاق كانت في الواقع اهانة لامريكا، لانها اكدت للعالم اجمع ان امريكا بلد لا يمكن الوثوق بوعوده، كما كانت تقويضا لدور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لانها تضرب بعرض الحائط للجهود التي قامت بها من اجل العمل على تنفيذ الاتفاق الدولي، كما كانت انتهاكا صارخا لقرارات مجلس الامن الدولي، الذي صادق على الاتفاق النووي.
ايران بدورها اختارت ان تتعامل بعقلانية ومسؤولية مع قرار ترامب، ومنحت الاطراف، وخاصة الاوروبيين، فرصة لا تتجاوز الاسابيع القليلة لبيان موقفها الحقيقي، وكيف ستحافظ على مصالح ايران في اطار الاتفاق الذي دعت المنسقة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني، ايران الى عدم الخروج منه وعدم السماح لاي كان من النيل منه.
الموقف الايراني من الانسحاب الامريكي من الاتفاق جاء متماشيا مع السياسة الهادئة والمتزنة والمسؤولة لايران، وهي السياسة التي جعلت امريكا و “اسرائيل” والسعودية والامارات في جانب، والعالم كله في جانب اخر، كما ستساهم هذه السياسة في تعقيد مساعي امريكا في فرض عقوبات اقتصادية وتجارية ضد ايران، لعدم اقتناع العالم بذرائع امريكا من وراء فرض تلك العقوبات.
العقوبات الامريكية أثرت بشكل محدود على الاقتصاد الايراني، الا ان العقوبات التي آذت أكثر هذا الاقتصاد كانت تلك التي فرضها مجلس الامن الدولي على ايران ، وهي عقوبات لن تفرض بعد اليوم عليها ، بعد ان تبين للعالم اجمع ، وخاصة الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن، مدى التزام ايران بالاتفاق النووي واحترامها للمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
الرئيس الامريكي ترامب ما كان ليجد وسيلة يمكن من خلالها ازالة هواجسه ازاء البرنامج النووي الايراني، افضل من الاتفاق النووي، هذا لو كان حقا لديه هواجس في هذا الشان، الا انه اختار وبإرادته ان يظهر بمظهر البلطجي البليد، دون ادنى احترام لمنصبه كرئيس دولة تدعى انها الاعظم في العالم، ويقوم بالانسحاب من اتفاق ابرمته بلاده وكبار حلفائه الى جانب روسيا والصين، دون اي سبب وجيه، فقط نزولا عند رغبة الصهيونية العالمية، وارضاء ل”عقدة اوباما” التي يعاني منها بسبب عنصريته، وهي العقدة التي ستُقرب في النهاية المانيا وبريطانيا وفرنسا من روسيا والصين، في كيفية التعامل مع الاتفاق النووي، وستكلف في المقابل امريكا اثمانا باهظة.
شفقنا
24