حيث يتنافس اليوم في الانتخابات العراقية 88 ائتلافاً وحزباً سياسياً وذلك لشغل 328 مقعداً في البرلمان؛ ففي منطقة كردستان العراق الذي يتكون من ثلاث محافظات وهي أربيل، دهوك، والسليمانية، يتنافس 503 مرشحين، يمثلون 25 جناحاً سياسياً وذلك لشغل 46 مقعداً في البرلمان، حيث يمثل محافظة دهوك في هذه الانتخابات 12 مقعداً، في حين حصة السليمانية تصل إلى 18 مقعداً، في حين أنّ أربيل تختصُّ بـ 16 مقعداً، كما تمّ تخصيص مقعد واحد في المحافظات الثلاث للمسيحيين.
خلال الأسابيع القليلة الماضية اشتدَّ التنافس بين الحركات السياسية الكردية والعربية في منطقة كردستان، كما وصلت الحملات الانتخابية ذروتها بين هذه التيارات.
ومن بين تلك التيارات السياسية في هذه المنطقة، يمكن الإشارة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تمكّن وخلال السنوات القليلة الماضية من الوصول إلى البرلمان العراقي ليكون أول حزب يُنتخب، ففي الانتخابات الأخيرة تمكّن الحزب من الحصول على 25 مقعداً في البرلمان.
واليوم؛ وفي الانتخابات المُقبلة، يحاول ويسعى قادة الحزب لاستعادة هذا العدد الكبير من الأصوات بكل الطرق الممكنة، كما يُحاولون زيادة أعداد مقاعدهم في البرلمان، وبهدف الوصول إلى هذه الغاية؛ نرى أن الحزب بات يطلق إعلانات رنانة من خلال استخدام الأموال الضخمة التي يملكها، ومن أجل كسب أصوات مواطني الإقليم يسعى الحزب للتأكيد على مفهوم استمرار وإدامة فكرة الاستفتاء والاستقلال عن العراق.
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده مسعود بارزاني، أجرى استفتاءً فاشلًا على استقلال الإقليم عن العراق، واليوم يُعدُّ الحزب خططاً متعددة للفوز بأغلبية الأصوات في الانتخابات المقبلة، ويمكن الإشارة إلى تلك الخطط من محورين:
تقسيم المجتمع بين خونة ووطنيين
يمكن رؤية أهم أسلوب انتخابي للحزب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة على أساس إظهار نفسه على أنه حزب وطني، فيما يصف التيارات الكردية الأخرى بالخيانة، وعلى هذا الأساس، ومنذ بداية الحملة الانتخابية؛ نرى أن الحزب قد أكد أنّ سيطرة الحكومة المركزية على مدينة كركوك وهزيمة قوات البيشمركة تعتبر خيانة كبرى!.
وفي هذا السياق أشارت تصريحات مسرور بارزاني، ابن مسعود بارزاني ورئيس الأمن القومي لإقليم كردستان العراق، في حملة حزبه في مدينة سوران في 5 مايو 2018؛ إلى قضية سقوط كركوك في 16 أكتوبر 2018، وقال: "لن ننسى الخيانة الكبرى لكركوك وسنتذكر كيف تم تسليم كركوك للحكومة المركزية".
وقد أكد أن (جده) الملا مصطفي البارزاني لم يسمح للأعداء باقتطاع حتى شبر واحد من التراب الكردي، كما شدد البارزاني في الحملة ذاتها على أنّهم لن يُخونوا أحداً في الوضع الحالي، غير أنّه عاد وهاجم مرة أخرى الأحزاب السياسية والأوساط السياسية الأخرى في الإقليم ووصفهم بالخونة.
التأكيد على السعي للاستقلال
التكتيك الرئيسي الآخر للحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي هو التأكيد على مسألة السعي للاستقلال واستمراره، واليوم يقول بارزاني وباستمرار للشعب الكردي في الإقليم بأنهم إذا صوتوا لمصلحة الحزب الديمقراطي؛ فإنّ الحزب سوف يُطالب بغداد بدستورٍ جديد، وفي حالة عدم نجاح المفاوضات مع بغداد؛ فإن الحزب الديمقراطي سيقوم بإعلان الاستقلال.
وفي السياق ذاته، أكد مسرور البارزاني خلال خطابه في مدينة سوران أنهم "سيخوضون حرباً من أجل تعديل الدستور في بغداد" مضيفاً بأنهم ينوون تشكيل ائتلاف من الأحزاب الكردية لإسقاط البرلمان العراقي، وبالإضافة إلى ذلك؛ أكد "روجي نوري شاهويس" أحد زعماء الحزب في 3 مايو 2018 من خلال بيانٍ، أنه وفي المستقبل القريب إذا لم يتم تنفيذ بنود الدستور؛ فسوف يتّبع الحزب طريق الاستقلال.
وفي النهاية فإن التصريحات التي يُطلقها قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني لا تغدو كونها تهدف إلى إثارة العامة، ويمكن رؤية هذه الإثارة من خلال هتافاتهم باستعادة المناطق المتنازع عليها بما في ذلك كركوك، إلى سيطرة الإقليم، ويمكن الاستنتاج أيضاً أنّ كل تلك التصريحات في الحالة الميدانية التي يعيشها العراق ليست فقط غير قابلة للتحقق؛ بل إنّ حكومة الإقليم ستواجه أيضاً المشكلات والعقبات ولن تكون قادرة على الاستمرار.
وعلى هذا الأساس، يمكن ملاحظة أن قادة الحزب الديمقراطي يُطلقون شعارات غير فعالة وغير قابلة للتحقق، وليست أكثر من شعارات للاستهلاك المحلي والانتخابي وهم يعلمون جيداً أنّها غير قابلة للتحقق كما لا يمكن قبولها من قبل قسمٍ كبير من مواطني المحافظات الثلاثة التي تُشكل إقليم كردستان العراق.
الوقت
24-101