وقبل كل شيء لابد ان نضع هذه الحقائق نصب اعيننا:

1. التقنية النووية او الملف النووي  او البرنامج النووي سمّوه ماشئتم يعتبر من اهم الملفات لدى القيادة الايرانية منذ ثلاثة عقود من الزمن.. وبالتحديد منذ تفكك الاتحاد السوفيتي السابق في مطلع تسعينات القرن الماضي وقبله حتى.

2. وبما ان الملف النووي بهذه الدرجة من الاهمية والحساسية فأن السلطات احاطته بكمية كبيرة من السرية والكتمان، لذلك فأن السرّية بحدّ ذاتها تعتبر جزءا اساسيا في هذا الملف، شأنه شأن جميع الملفات المهمة والستراتيجية لدى جميع البلدان.

3. القاصي والداني يعرف مدى قوة اجهزة الأمن الايرانية وقدراتها وامكانياتها، فهي التي انزلت زعيم جماعة "جيش العدل" الارهابية وهو مسافر بين دبي في الامارات ودوشنبه في طاجيكستان، بعد ان اجبرت القوة الجوية الايرانية طائرة الخطوط التي يستقلها على الهبوط في بندرعباس.. وهي التي كشفت عن مؤامرة انقلاب دبرها نظام خليجي معروف بمؤامراته ضد دولة خليجية أخرى وافشلته قبل سنوات.. وهي وحلفائها من اوصلوا السلاح الى غزة وهي محاصرة.. فهل يعقل ان تترك اجهزة الأمن الايرانية وثائق اخطر ملف دولي وترمي به في مكبات النفايات!!

4. لمن لايعرف منطقة شور آباد (جنوب شرق طهران) فأن غالباً ما اتنزه بالقرب منها على حافة بعض المزارع والبساتين في قيصر آباد (شمال شورآباد).. هي منطقة في جانب منها معامل ومصانع وملتصقة بمدينة حسن آباد الصناعية (30 كم عن طهران)، وجانب آخر منها محل نفايات ومخلفات صناعية وانشائية.. فلماذا اختارته السلطات لاخفاء أهم ملفاتها على الاطلاق؟!

5. ادعى نتنياهو انه نقل الملف في نفس الليلة الى فلسطين المحتلة. طبعاً شورآباد قريبة نسبياً من مطار الامام الخميني (جنوب طهران)... قالوا انه 55 الف وثيقة بعضها على اقراص مدمجة.. يعني لن يتجاوز حجمها حقيبة سفر متوسطة.. ثم قالت الصحافة الصهيونية انها اطنان من الوثائق!! ترى كيف جرى نقلها.. خاصة وان الأمن الايراني ـ حسب الاسرائيليين - كان يتعقب الجواسيس والعملاء الصهاينة؟!!

6. اذا كانت الوثائق مهمة لهذه الدرجة ألم يكن بمقدار الايرانيين اخفائها في اماكن لاتصل اليها الايدي، في معسكر لحرس الثورة او مقر لوزارة الامن او مخبأ لمنظمة الطاقة الذرية الايرانية، او في المدن الصاروخية.. وللقارئ اللبيب ان يتصور الأماكن التي يمكن فيها اخفاء مجرد حقيبة سرية من قبل الايرانيين!!

وان لم تكن هذه الوثائق مهمة، فبأمكان الايرانيين ان يعدموها ويتخلصوا منها نهائياً ولايحتاج الأمر سوى الى فرامه او فرن صغير لاعدام هذه الوثائق.

لكن خلف هذا الاعلان الصهيوني بعض الاحتمالات، وهي :

1. مجرد زوبعة اعلامية سخيفة لا قيمة لها يحاول نتنياهو التشبث بها لانقاذ الضغوطات الداخلية التي  يواجهها.

2. شعور الكيان الصهيوني بحالة من الضغف الأمني والعسكري والسياسي وحتى الاعلامي، فخلق هذه الاسطوره لتحسين صورته واخفاء  حقيقة ضعفه.. ولا نستبعد ان يقوم صهاينة شركات هوليوود غداً بعمل فيلم مستوحى من هذه العملية "البطولية"!!

3. ان تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلمت الاميركان او الصهاينة بعض المعلومات عن البرنامج النووي الايراني.. فلطالما كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اداة استخباراية وجاسوسية ضد شعوب وبلدان العالم، وبالتالي هذه المعلومات انتقلت الى المنظمة بعلم السلطات الايرانية.

4. ان يكون الموساد ضحية خطة مخابراتية ايرانية ـ وهو الاكثر احتمالاً ـ بحيث قامت المخابرات الايرانية بتسريب بعض الوثائق الصحيحة واخرى مزورة (غير حقيقية) وباعها عملائها المزدوجون الى جهاز الموساد الذي وقع في الفخ لقاء مبالغ طائلة.. ولعل هذا العمل يشكل جزءا اساسيا من الرد الايراني على استشهاد سبعة من المستشارين على يد الصهاينة في الجهوم على مطارT4 السوري، او ما قبله من الاعتداءات الصهيونية.

حيث تكون المخابرات الايرانية (وهذا المعنى فهمناه من تصريحات بعض المسؤولين الأمنيين الصهانية بشأن الضربة التي وجهها اعلان نتنياهو للموساد عن هذه الوثائق!!) قد ضحكت وتلاعب عملائها بجهاز المخابرات الاسرائيلي من جهة، ومن جهة ثانية تكون قد كشفت كل الثغرات التي يمكن للاسرائليين وحلفائهم الاوروبيين والاسيويين و"المسلمين" ان ينفذوا منها.

اعتقد ان جهاز المخابرات الايراني وجه ضربة قوية للموساد الاسرائيلي وجعله ينقل اطنان من "السكراب" ونفايات مزابل "شورآباد" الى فلسطين المحتلة على انها وثائق نووية!!

نسيت ان ابارك للبنانيين عرسهم الانتخابي والنتائج التي حققتها المقاومة الاسلامية والوطنية ضد جماعات المشروع الصهيوـ سعودي.. الف مبروك لسيد المقاومة ولدولة الرئيس بري ولجميع القيادات الوطنية والاسلامية الشرفاء ولجماهيرهم الاحرار والمقاومين في لبنان.. على أمل ان يتحقق هذا الفتح الانتخابي في المشهد العراقي.

بقلم: علاء الرضائي