ارتأينا نشر مقتطفات من مذكرات همفر وهو الجاسوس البريطاني الشهير الذي التقى بمؤسس الحركة الوهابية المدعو محمد بن عبد الوهاب عندما كان في البصرة جنوبي العراق ومن هناك تم بناء أولى الروابط في العلاقات الحميمة بين ابن عبد الوهاب وبين وزارة المستعمرات(اليهودية) في الحكومة البريطانية التي استخدمته لضرب وحدة الصف الإسلامي وحاربت من خلاله الدول الاسلامية فأضعفتها داخليا، وتسببت لاحقا في انهيار السمعة الطيبة للدين الاسلامي السمح ، ثم حولت بريطانيا ابن عبد الوهاب ( الشاذ خلقيا" وجنسيا") ليكون أداة لقتل المسلمين في الطائف ومكة والمدينة وغيرها من بلاد المسلمين حيث كان الوهابية بعد أن أصبح لهم جيش يُغيرون على قرى العراق و الشام فيقتلون رجال المسلمين ويَسْبُون النساء والعياذ بالله تعالى من الضلال، و[همفر] هذا يكشف في المذكرات التي وضعها بعد عودته إلى وطنه الأم بريطانيا جزءا مثيرا من هذه الحكاية المثيرة للجدل وكيف نجح يهود بريطانيا من اختراق المسلمين عبر تاسيس حزب او فرقة تنهش وتنخر بجسد الاسلام من الداخل وتحرف تعاليم الدين القيم وتكفر من لايتبعها وتهدر دماء كل مسلم لايقتنع بالمدرسة الوهابية اليهودية البريطانية ومؤسسها همفر الذي نصب العاق المحرف ابن عبد الوهاب زعيما لها وبعد عشرات السنين نجد ان تلك الفرقة انتشرت وذاع صيتها ونجحت في تحقيق مبتغاها بتشويه صورة الاسلام لصالح اليهود واعمالها المخزية الإرهابية الإجرامية في العراق وافغانستان وباكستان وغيرها من البلاد دليل نجاح مشروع همفر اليهودي بتشويه صورة الدين السمح ولصق صورة الإرهاب والقتل به حتى يبتعد عنه ابناء باقي الديانات ، وفي الموضوع :
1-مقدمة مذكرات همفر
يقول الجاسوس البريطاني همفر:
كانت دولة بريطانيا العظمى تفكر منذ وقت طويل حول إبقاء الإمبراطورية وسيعة كبيرة كما هي عليها الآن، من إشراق الشمس على بحارها حين تشرق وغروب الشمس في بحارها حين تغرب.
فإن دولتنا كانت صغيرة بالنسبة إلى المستعمرات الكثيرة التي كنا نسيطر عليها في الهند والصين وفي الشرق الأوسط وغيرها. صحيح أننا لم نكن نسيطر سيطرة فعلية على أجزاء كبيرة من هذه البلاد لأنها كانت بيد أهاليها، إلا أن سياستنا فيها كانت سياسة ناجحة وفعالة، وكانت في طريق سقوطها بأيدينا كليا فكان اللازم علينا أن نفكر مرتين. مرة لأجل إبقاء السيطرة على ما تم السيطرة عليه فعل . ومرة لأجل ضَم ما لم تتُم السيطرة عليه فعلا إلى ممتلكاتنا ومستعمراتنا .
وقد خصصت وزارة المستعمرات لكل قسم من أقسام هذه البلاد لجانا خاصة لأجل دراسة هذه المهمة، وكنت أنا من حسن الحظ مورد ثقة الوزير منذ دخلنا هذه الوزارة .
2- بريطانيا تهدف إلى ضرب وحدة المسلمين وتدمير خلافتهم
ولذا كنا نضع الخطط الطويلة الأمد لأجل سيطرة التفرقة والجهل والفقر وأحيانا المرض على هذه البلاد. لكن الذي كان يقلق بالنا هي البلاد الإسلامية، فإننا وإن كنا قد عقدنا مع الرجل المريض (الإمبراطورية العثمانية) عدة من المعاهدات كلها كانت في صالحنا، وكانت تقديرات خبراء وزارة المستعمرات أن الرجل المريض(الإمبراطورية العثمانية) يلفظ نفسه في أقل من قرن.
3-همفر في تركيا
أوفدتني وزارة المستعمرات عام (1710) إلى كل من مصر والعراق وطهران والحجاز والآستانة لأجمع المعلومات الكافية التي تعزز سبل تمزيقنا للمسلمين، ونشر السيطرة على بلاد الإسلام.
وبعد سفرة مضنية وصلت إلى أستانة وسميت نفسي (محمدا) وأخذت أحضر المسجد (مكان اجتماع المسلمين لعبادتهم) وراقني النظام والنظافة والطاعة التي وجدتها عندهم، وقلت في نفسي : لماذا نحارب نحن هؤلاء البشر؟ ولماذا نعمل من أجل تمزيقهم وسلب نعمهم؟ هل أوصانا المسيح بذلك؟ ...
وقد التقيت هناك بعالم طاعن في السن اسمه (أحمد أفندم)... ومن حسن الحظ أنه لم يسألني - حتى مرة واحدة- عن أصلي ونسَبي...
بعد إتمام سنتين من مكثي في (الآستانة)، استأذنت العودة إلى وطني ... الواجب الوطني كان يجبرني بالرجوع إلى لندن لتقديم تقرير مفصل عن الأوضاع في عاصمة الخلافة، ولأتزود بأوامر جديدة حول مهمتي. وقد جَرَتْ العادة طيلة مكثي في الآستانة أن أقدّم كل شهر تقريرا عن حالي وعن التطورات وعما شاهدته إلى وزارة المستعمرات...
4- رفاق همفر الآخرون
كان الرفاق التسعة الآخرون قد تلقوا أوامر من الوزارة لحضورهم إلى لندن كما تلقيت أنا أيضا، ولكن لسوء الحظ لم نرجع إلا ستة فقط. أما الأربعة الآخرون فقد صار أحدهم مسلما وبقي في مصر كما أخبرنا بذلك السكرتير، لكن السكرتير أظهر ارتياحه بأنه لم يفشِ السر. والتحق أحدهم بـ روسيا وقد كان هذا من أصل روسي، وكان السكرتير يبني قلقا شديدا حوله ليس لأنه إلتحق بالوطن الأم ولكن من أجل أن السكرتير كان يظن أن الرجل كان جاسوسا للروس في وزارة المستعمرات، ولما انتهت مهمته رجع إلى بلاده. وكان الثالث قد مات في مدينة عمارة (بلد في طرف بغداد) على أثر وباء اجتاح البلاد هناك على ما أخبرنا السكرتير بذلك. أما الرابع فلم يعلم أحد عن مصيره إذ راقبته الوزارة حتى وصوله إلى (صنعاء) في اليمن من بلاد العرب، وكانت تقاريره ترسل بانتظام إلى الوزارة فترة سنة، ثم انقطعت بعد ذلك، وكلما حاولت الوزارة الإطلاع على أحواله لم تحصل على شيء. وقد كانت الوزارة تعتبر خسارة كل واحد من العشرة كارثة، حيث كنا نحسب لكل إنسان حسابا دقيقا. فنحن أمة قليلة العدد كبيرة المهام، وفقد كل إنسان من هذا الطراز كان كارثة عندنا.
5-تقريرهمفر الأول حول مواطن ضعف السلطنة العثمانية
كنت قد نجحت نجاحا باهرا في تعلم التركية والعربية والقرآن والشريعة، لكني لم أحرز نجاحا في تقديم تقرير يدل الوزارة على مواقع الضعف في الدولة العثمانية. وبعدما انفضت الجلسة التي دامت ستة ساعات، لفت نظري السكرتير إلى نقطة الضعف، قلت له أن مهمتي تعلم اللغة والشريعة والقرآن، ولذا لم أبذل وقتا كافيا لغير ذلك، وسوف أكون عند حسن ظنكم في السفرة القادمة إن أوليتم ثقتكم بي.
6-همفر يتلقى تفاصيل مهمته الثانية
قال السكرتير: لا شك أنك ناجح لكني آمل منك أن تحرز قصب السبق في هذه الحلبة، إن مهمتك يا همفر في السفرة القادمة أمران هي :
أولا - أن تجد نقطة الضعف عند المسلمين والتي نتمكن بها من أن ندخل في جسمهم ونبدد أوصالهم ، فإن أساس النجاح على العدو هو هذا.
ثانيا - أن تكون أنت المباشر لهذا الأمر إذا ما وجدت نقطة الضعف، فإن قدرت على المهمة فسوف أطمئن بأنك أنجح العملاء وستستحق وسام الوزارة.
بقيت في لندن مدة ستة أشهر... وإذا بالأوامر الصارمة تصدر من الوزارة في أن أتوجه إلى إقليم العراق، البلد العربي الذي استعمرته الخلافة منذ زمن طويل.
7- وصول همفر إلى العراق
بعد ستة أشهر وجدت نفسي في (البصرة) بالعراق... ذات مرة ذكرت لبعض رؤسائي في الوزارة اختلاف السنة والشيعة وقلت لهم أنهم لو كانوا يفهمون الحياة لتركوا النزاع ووحدوا كلمتهم. فنهرني الرئيس قائلا الواجب عليك أن تزيد الشقة لا أن تحاول جمع كلمة المسلمين. وبهذه المناسبة إن السكرتير قال لي في إحدى الجلسات التي اجتمعت معه قبل سفري إلى العراق : إعلم يا همفر أن هناك نزاعات طبيعية بين البشر منذ أن خلق الله (هابيل وقابيل) وستبقى هذه النزاعات إلى أن يعود المسيح :
فمن النزاعات لونية ومن النزاعات قبَلية ومن النزاعات إقليمية ومن النزاعات قومية ومن النزاعات دينية ومهمتك في هذه السفرة أن تتعرف على هذه النزاعات بين المسلمين وتعرف البركان المستعد للانفجار منها، وتزود الوزارة بالمعلومات الدقيقة حول ذلك، وإن تمكّنت من تفجير النزاع كنت في قمة الخدمة لبريطانيا العظمى. فإننا نحن البريطانيون لا يمكننا العيش في الرفاه إلا بإلقاء الفتن والنزاع في كافة المستعمرات، كما أننا لا يمكننا تحطيم السلطان العثماني إلا بإلقاء الفتن بين رعاياها، وإلا كيف تتمكن أمة قليلة العدد من أن تسيطر على أمة كبيرة العدد؟ فاجتهد بكل قواك كي تجد الثغرة و أن تدخل من الثغرة، وليكن في علمك أن سلطة الترك وسلطة الفرس قد ضعفتا فليس، عليك إلا أن تثير الشعوب على حكامها كما ثارت الثوار في كل التاريخ ضد الحكام، فإذا انشقت كلمتهم و تفرقت قواهم، ضمنا استعمارهم من أسهل طريق.
8-اجتماع همفر بإبن عبد الوهاب
وجدت مكانا عند نجّار تعاقدت معه... وكان اسمه (عبد الرضا) وكان شيعيا فارسيا من أهالي (خراسان)، وقد انتهزت فرصة وجودي عنده أن أتعلم منه اللغة الفارسية، وكانت الشيعة العجم يجتمعون عنده كل عصر ويتكلمون بكل أقسام الكلام من سياسة إلى اقتصاد، وكانوا يتهجمون على حكومتهم كثيرا كما يتهجمون على الخليفة في الآستانة، أما إذا جاء زبون لا يعرفونه انقطعوا عن الكلام وأخذوا يتكلمون في قضاياهم الشخصية، وأني لا أعلم كيف وثقوا بي كل هذه الثقة، لكني علمت أخيرا أنهم ظنوا أني من أهالي (أذربيجان) حيث علموا أني أعرف اللغة التركية، وساعدهم على هذا الظن لوني المائل إلى البياض، اللون الغالب على أهالي (أذربيجان)، وهنا على هذا الحال تعرفت على شاب كان يتردد على هذا الدكان يعرف اللغات الثلاث التركية والفارسية والعربية، وكان في زى طلبة العلوم الدينية ويسمى (محمد عبد الوهاب)، وكان شابا طموحا للغاية عصبي المزاج، ناقما على الحكومة العثمانية. وكان سبب صداقته مع صاحب المحل (عبد الرضا) هو أن الاثنين كانا ناقمين على الخليفة، وأني لا أعلم من أين كان هذا الشاب يعرف اللغة الفارسية مع أنه كان من أهل السنة وكيف صادق مع (عبد الرضا) الشيعي؟ إن كل الأمرين لم يكونا غريبين، ففي البصرة يلتقي السني بالشيعي كأنهما أخوة كما يعرف الكثير من القاطنين في البصرة اللغتين الفارسية والعربية، وأن كثيرا منهم يعرف أيضا اللغة التركية .
9- همفر يصف ابن عبد الوهاب
كان الشاب الطموح (محمد) يقلد نفسه في فهم القرآن والسنة، ويضرب بآراء المشايخ. ليس مشايخ زمانه والمذاهب الأربعة فحسب، بل بآراء أبي بكر وعمر أيضا بعرض الحائط. إذ هو فهم من الكتاب على خلاف ما فهموه الآخرين، وكان يقول أن الرسول قال أني مخلف فيكم الكتاب والسنة، ولم يقل أني مخلف فيكم الكتاب والسنة والصحابة والمذاهب، ولذا فالواجب الكتاب والسنة مهما كانت آراء المذاهب والصحابة والمشايخ مخالفة لذلك. وقد جرى يوما حوار بين (محمد عبد الوهاب) وبين أحد علماء فارس اسمه الشيخ (جواد القمّي) الذي كان ضيفا عند (عبد الرضا) على مائدة الطعام التي ضيفنا عليها عبد الرضا في داره، وكان يحضر بعض أصدقاء صاحب البيت، فجرى بين محمد والشيخ جواد القمي حوار عنيف لم أحفظه كله، وإنما حفظت مقتطفات منه.
10- ابن عبد الوهاب والشيخ الشيعي
قال له القمي : إذا كنت أنت متحررا ومجتهدا كما تدّعي فلماذا لا تتبع عليا كالشيعة؟
قال محمد : لأن عليا مثل عمر وغيره ليس قوله حجة، وإنما الحجة الكتاب والسنة فقط
قال القمي : ألم يقل الرسول (أنا مدينة العلم وعلي بابها) إذاً ففرق بين علي وباقي الصحابة
قال محمد : إذا كان قول علي حجة فلماذا لم يقل الرسول (كتاب الله وعلي بن أبي طالب)؟
قال القمي : بل قال حيث قال (كتاب الله وعترتي أهل بيتي)، وعلي سيّد العترة
أنكر محمد عبد الوهاب أن يكون الرسول قال ذلك، لكن الشيخ القمي جاء بأدلة مقنعة حتى سكت محمد ولم يجد جوابا. لكن محمد اعترض عليه وقال: إذا قال الرسول كتاب الله وعترتي فأين سنة الرسول؟
قال القمي : سنة الرسول هي شرح لكتاب الله، فلما قال الرسول كتاب الله وعترتي أراد كتاب الله بشرحه الذي هو السنة .
قال محمد : أليس كلام العترة شرحا لكتاب الله؟ فما الحاجة إليهم؟
قال القمي : لما مات الرسول احتاجت الأمة إلى شرح القرآن شرحا يطابق حاجيات الزمن، ولذا فالرسول أرجع الأمة إلى الكتاب كأصل وإلى العترة كشرح له فيما يتجدد من حاجات الزمن .
لقد أعجبت أنا بهذا البحث أيما أعجاب، ورأيت إنما محمدا الشاب أمام القمي كالعصفور في يد الصياد لا يتمكن تحركا .
11-همفر يجد في ابن عبد الوهاب ضالته
ووجدت في (محمد عبد الوهاب) ضالتي المنشودة، فإن تحرره وطموحه من مشايخ عصره، ورأيه المستقل الذي لا يهتم حتى بالخلفاء الأربعة أمام ما يفهمه هو من القرآن و السنة، كان أكبر نقاط الضعف التي كنت أتمكن أن أتسلل منها إلى نفسه، وأين هذا الشاب المغرور من ذاك الشيخ التركي الذي درست عنده في تركيا؟ فإنه كان مثال السلف كالجبل لا يحركه شيء. إنه كان إذا أراد أن يأتي باسم أبي حنيفة (كان الشيخ حنفي المذهب) قام وتوضأ ثم ذكر اسم أبي حنيفة، وإذا أراد أن يأخذ كتاب البخاري – و هو كتاب عظيم عند أهل السنة يقدسونه أيما تقديس – قام وتوضأ ثم أخذ الكتاب. أما الشيخ محمد عبد الوهاب فكان يزدري بأبي حنيفة أيما ازدراء. وكان يقول عن نفسه أني أكثر فهما من أبي حنيفة، وكان يقول أن نصف كتاب البخاري باطل.
12- همفر وابن عبد الوهاب والصلة القوية
لقد عقدت بيني وبين محمد أقوى الصلات والروابط، وكنت أنفخ فيه باستمرار وأبين له أنه أكثر موهبة من (علي وعمر) وأن الرسول لو كان حاضرا لأختارك خليفة له دونهما. وكنت أقول له دائما آمل في تجديد الإسلام على يديك فإنك المنقذ الوحيد الذي يرجى به انتشال الإسلام من هذه المسقطة.
13- همفر يحاور ابن عبد الوهاب
قررت مع محمد أن نناقش تفسير القرآن على ضوء أفكارنا الخاصة لا على ضوء فهم الصحابة والمذاهب والمشايخ، وكنا نقرأ القرآن ونتكلم عن نقاط منها. كنت أقصد منها إيقاع محمد في الفخ، وكان هو يسترسل في قبول أفكاري ليظهر نفسه بمظهر المتحرر، وليجلب ثقتي أكثر فأكثر. قلت له ذات مرة : الجهاد ليس واجبا، قال : كيف وقد قال الله (جاهد الكفار)؟ قلت له يقول (جاهد الكفار والمنافقين)، فإذا كان الجهاد واجبا فلماذا لم يجاهد الرسول المنافقين؟ قال محمد : جاهدهم الرسول بلسانه. قلت : إذا فجهاد الكفار أيضا واجب باللسان. قال : لكن الرسول حارب الكفار. قلت : حرب الرسول كانت دفاعا عن النفس حيث أن الكفار أرادوا قتل الرسول فدفعهم. فهز محمد رأسه علامة الرضا .
14- ابن عبد الوهاب وصفية [البريطانية]
وقلت له ذات مرة أن متعة النساء جائزة
قال : كلا
قلت : فالله يقول فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن
قال : عمر حرم المتعة قائلا : متعتان كانتا على عهد رسول الله و أنا أحرمهما وأعاقب عليهما .
قلت : أنت تقول أنا أعلم من عمر فلماذا تتبع عمر؟ ثم إذا قال عمر أنه حرمها وأن الرسول حللها فلماذا تترك رأي القرآن ورأي الرسول وتأخذ برأي عمر؟ فسكت، ولما وجدت سكوته دليل الاقتناع، وقد أثرت فيه الغريزة الجنسية (ولم تكن له إذ ذاك زوجة)، قلت له : ألا نتحرر أنا وأنت ونتخذ (متعة)نستمتع بها؟ فهز رأسه علامة الرضا، وقد اغتنمت أنا هذا الرضا أكبر اغتنام، وقررت موعدا لآتي بامرأة ليتمتع بها، من أجل أن أكسر خوفه من مخالفة الناس. لكنه اشترط عليّ أن يكون الأمر سرا بيني وبينه وأن لا أخبر المرأة بإسمه. فذهبت فورا إلى بعض النساء المسيحيات اللاتي كن مجندات من قبل وزارة المستعمرات لإفساد الشباب المسلم، ونقلت لها كامل القصة، وجعلت لها اسم (صفيّة) وفي يوم الموعد ذهبت بالشيخ محمد إلى دارها، وكانت الدار خالية إلا منها، فقرأنا أنا والشيخ صيغة العقد مدة أسبوع، وأمهرها الشيخ نقدا ذهبا، فأخذت أنا من الخارج وصفية من الداخل نتراوح على توجيه الشيخ محمد عبد الوهاب. وبعدما أخذت صفية من الشيخ كل مأخذ، وتذوق محمد حلاوة مخالفة أوامر الشريعة تحت غطاء الاجتهاد والاستقلال في الرأي والحرية، في اليوم الثالث من المتعة أجريت مع محمد حوارا طويلا عن (عدم تحريم الخمر)، واستدليت بآيات قرآنية وأحاديث زيفتها وقلت له لقد صح أن معاوية ويزيد وخلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس كانوا يتعاطون الخمر فهل من الممكن أن يكون كل أولئك على ضلال وأنت على صواب؟ إنهم لا شك كانوا أفهم لكتاب الله وسنة الرسول مما يدل على أنهم لم يفهموا التحريم وإنما فهموا الكراهة والإعافة، وفي الأسفار المقدسة لليهود والنصارى إباحة الخمر، فهل يعقل أن يكون الخمر حراما في دين وحلالا في دين؟ والأديان كلها من إله واحد؟ ثم إن الرواة رووا أن عمر شرب الخمر حتى نزلت الآية (فهل أنتم منتهون).ولو كانت الخمرة حراما لعاقبه الرسول. فعدم عقاب الرسول دليل الحلية
15-ابن عبد الوهاب ومعاقرة الخمرة
أخذ يسمعني محمد بكل قلبه، ثم تنهد وقال : بل تثبت في بعض الأخبار أن عمر يكسر الخمر في الماء و يشربها، ويقول أن سكرها حرام، لا إن لم تكن تسكر. ثم أردف محمد قائلا : وكان عمر صحيح الفهم في ذلك لأن القرآن يقول (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة)، فإذا لم تُسكر الخمر لم تفعل هذه الأمور التي ذكرت في الآية وعليه فلا نهى عن الخمر، إذا لم تكن مسكرة .
أخبرت (صفية) بما جرى، وأكدت عليها أن تسقي محمد في هذه المرة الخمرة مغلفة ففعلت وأخبرتني أن الشيخ شرب حتى الثمالة وعربد وجامعها عدة مرات في تلك الليلة، وقد رأيت أنا آثار الضعف والنحول عليه غداة تلك الليلة. وهكذا استوليت أنا وصفية على الشيخ محمد استيلاء كاملا. ويا لها من روعة تلك الكلمة الذهبية، قالها لي وزير المستعمرات حين ودعته (إنا استرجعنا أسبانيا من الكفار )يقصد المسلمين) بالخمر والبغاء، فلنحاول أن نسترجع سائر بلادنا بهاتين القوتين العظيمتين .
16-من حوارات همفر مع ابن عبد الوهاب
ذات مرة تكلمت مع الشيخ محمد عن الصوم وقلت له : إن القرآن يقول (وأن تصوموا خير لكم) ولم يقل أنه واجب عليكم، فالصوم بنظر الإسلام مندوب وليس واجب، لكنه قاوم الفكرة وقال لي :
يا محمد تريد أن تخرجني من ديني؟ قلت له : يا وهاب إن الدين هو صفاء القلب و سلامة الروح وعدم الاعتداء على الآخرين، ألم يقل النبي (الدين الحب)؟ وألم يقل الله في القرآن الحكيم (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)؟ فإذا حصل للإنسان اليقين بالله واليوم الآخر، وكان طيب القلب نظيف العمل كان من أفضل الناس. لكنه هز رأسه علامة النفي وعدم الارتياح. ومرة أخرى قلت له :
الصلاة ليست واجبة. قال : وكيف؟ قلت : لأن في القرآن يقول الله (وأقِم الصلاة لذكري) فالمقصود من الصلاة ذكر الله تعالى، فلك أن تذكر الله تعالى عوضا عن الصلاة. قال محمد : نعم سمعت أن بعض العلماء كانوا يذكرون الله تعالى في أوقات الصلاة عوضا عن الصلاة. ففرحت لكلامه أيما فرح، وأخذت أنفخ بهذا الرأي حتى ظننت أني استوليت على لبّه، وبعد ذلك وجدته لا يهتم لأمر الصلاة، فأحيانا يصلي وأحيانا لا يصلي خصوصا في الصباح، فإنه كان يترك الصلاة غالبا، حيث كنت أسهر معه إلى بعد منتصف الليل غالبا فكان منهوك القوى عند الصباح فلا يقوم للصلاة. وهكذا أخذت أسحب رداء الإيمان من عاتق الشيخ شيئا فشيئا. وأردت ذات مرة أن أناقش حول الرسول لكنه صمد في وجهي صمودا كبيرا، و قال لي : إن تكلمت بعد ذلك حول هذا الموضوع قطعت علاقتي بك. وخشيت أن ينهار كل ما بنيته، من أجل ذلك أحجمت عن الكلام، لكن أخذت في إذكاء روحه في أن يكون لنفسه طريقا ثالثا غير السنة والشيعة، وكان يستجيب لهذا الإيحاء كل استجابة، لأنه يملأ غروره وتحرره. وبفضل (صفية) التي دامت علاقتها معه بعد الأسبوع أيضا في متعات متعددة تمكنا بالأخذ بقيادة الشيخ محمد كاملا. وذات مرة قلت للشيخ :
هل صحيح أن النبي آخى بين الصحابة؟ قال : نعم. قلت : هل أحكام الإسلام وقتية أم دائمة؟ قال محمد : بل دائمة لأن الرسول يقول (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة). قلت : إذا فلنواخي أنا وأنت. ومنذ ذلك الحين كنت أتبعه في كل سفر وحضر، وكنت أهتم لأن تأتي الشجرة التي غرستها ثمارها التي صرفت لأجلها أثمن أوقات شبابي. وكنت أكتب بالنتائج إلى وزارة المستعمرات كل شهر مرة. كما كانت عادتي منذ أن خرجت من لندن وكان الجواب يأتي بالتشجيع الكافي، فكنت أنا ومحمد نسير بالطريق الذي رسمناه بخطى سريعة، ولم أكن أفارقه لا في السفر ولا في الحضر، وكانت مهمتي أن أنمي فيه روح الاستقلال والحرية، وحالة التشكيك، وكنت أبشره دائما بمستقبل باهر وأمدح فيه روحه الوقادة ونفسه النفاذة. ولفقت له ذات مرة (حلما) فقلت له أني رأيت البارحة في المنام رسول الله – وصفته بما كنت سمعته من خطباء المنابر – جالسا على كرسي وحوله جماعة من العلماء لم أعرف أحدا منهم وإذا بي أراك قد دخلت ووجهك يشرق نورا فلما وصلت إلى الرسول قام الرسول إجلالا وقبّل بين عينيك وقال لك : يا محمد أنت سمييّ ووارث علمي والقائم مقامي في إدارة شؤون الدين والدنيا (فقلت أنت) يا رسول الله إني أخاف أن أظهر علمي على الناس؟ قال رسول الله لك : لا تخف إنك أنت الأعلى.
فلما سمع محمد مني هذا المنام كاد أن يطير فرحا ، وسألني مكررا هل أنت صادق في رؤياك؟وكلما سأل أجبته بالإيجاب حتى إطمأن، وأظن أنه صمم من ذلك اليوم على إظهار أمره .
17-إنتقال همفر إلى النجف وكربلاء
في هذه الأيام جاءتني الأوامر من لندن أنه عليّ أن أتوجه إلى (كربلاء) و(النجف) مهوى قلوب الشيعة ومركز علمهم وروحانيتهم، ولهذين البلدين قصة طويلة.
18- همفر قلق على إبن عبد الوهاب
كنت أيام مغادرتي البصرة إلى كربلاء والنجف قلقا أشد القلق على مصير (الشيخ محمد عبد الوهاب)، حيث كنت لا آمن الانحراف عن الطريقة التي رسمتها له، فإنه كان شديد التلون، عصبي المزاج، فكنت أخشى أن تنهار كل آمالي التي بنيتها عليه. إنه حين أردت أن أفارقه كان يروم الذهاب إلى الآستانة للتطلع عليها لكني منعته عن ذلك أشد المنع وقلت له أخاف أن تقول هناك شيئا ما يوجب أن يكفروك ومصيرك حينذاك القتل. قلت له هكذا ولكن كان في نفسي شيء آخر، وهو أن يلتقي ببعض العلماء هناك، فيقوّموا معوّجه ويرجعونه إلى طريق أهل السنة فتنهار كل آمالي. ولما كان الشيخ محمد لا يريد الإقامة في البصرة، أشرت عليه أن يذهب إلى (إصفهان وشيراز)، فإن هاتين المدينتين جميلتين، وأهاليها من أهل الشيعة، ومن المستبعد أن تؤثر الشيعة في الشيخ، وقد كنت بذلك أمنت انحرافه. وعند مفارقتي للشيخ قلت له : هل أنت تؤمن بالتقية؟ قال نعم، فقد اتقى أحد أصحاب الرسول (وأظنه قال أنه مقداد) حين اضطهده المشركون، وقتلوا أباه وأمه فأظهر الشرك وأقره على ذلك رسول الله. قلت له : إذن اتقِ من الشيعة ولا تظهر لهم إنك من أهل السنة لئلا تقع عليك كارثة، وتمتع ببلادهم، وتعرف على عاداتهم وتقاليدهم، فإنه ينفعك أشد النفع في مستقبل حياتك .
19- همفر يزوّد ابن عبد الوهاب بالمال
وقد زودت الشيخ حين أردت مفارقته بكمية من المال بعنوان (الزكاة) وهي ضريبة إسلامية تؤخذ لصرفها في مصالح المسلمين، كما وقد اشتريت له (دابة) للركوب بعنوان الهدية وفارقته. ومنذ مفارقتي له لم أعلم مصيره، وكنت قلقا لذلك أشد القلق، وقد اتفقنا أن نرجع كلانا إلى البصرة، وإذا رجع أحدنا ولم يجد صاحبه، يدع مكتوبا عند عبد الرضا يخبر فيه صديقه عن حاله .
20-همفر يعود إلى بريطانيا لتقديم تقريره بابن عبد الوهاب
بعد مدة من مكوثي في (بغداد) أتتني الأوامر بضرورة التوجه إلى (لندن) فورا فتوجهت إليها، وهناك اجتمع بي السكرتير وبعض أعضاء الوزارة وأخبرتهم بمشاهداتي وما عملته في سفرتي الطويلة. ففرحوا بمعلوماتي عن العراق أشد الفرح وأبدوا ارتياحهم لها. وكان قد سبق إليهم تقريري عن الرحلة، وظهر لي فيما بعد أن صفية قرينة (الشيخ محمد عبد الوهاب) في البصرة أيضا كانت قد كتبت إليهم مما يطابق تقاريري. كما تبين أيضا أن الوزارة كانت تراقبني في كل سفرة، وأن المراقبين كتبوا عني تقارير مرضية، ومصدقة لما كتبت في تقريري، وِلما قلت عند مقابلة السكرتير .
21-وزارة المستعمرات البريطانية مهتمة لأمر ابن عبد الوهاب
وضع لي السكرتير موعدا للاجتماع بنفس الوزير، ولما زرته رحب بي ترحيبا حارا يختلف عن ترحيبه السابق عندما عدتُ من الآستانة إلى لندن، وظهر لي أنني شغلت من قلبه مكانا لائقا. وقد أبدى الوزير ارتياحه الكبير من السيطرة على محمد، وقال : إنه ضالة الوزارة، وأكد عليّ مكررا بأن أعاهده بكل أنواع المعاهدة، وقال أنك لو لم تحصل في كل أتعابك إلا على الشيخ، كان ذلك جديرا بكل تلكم الأتعاب.
22-إجماع تقارير جواسيس بريطانيا ترشح ابن عبد الوهاب
بقيت في لندن مدة شهر آخر حتى أتتنا أوامر الوزارة بالتوجه إلى العراق مرة أخرى، لتكميل الشوط مع (محمد عبد الوهاب) وقد أمرني السكرتير بأن لا أفرط في حقه مقدار ذرة حيث قال أنه حصل من مختلف التقارير الواردة إليه من العملاء أن الشيخ أفضل شخص يمكن الاعتماد عليه ليكون مطية لمآرب الوزارة. ثم قال السكرتير: تكلم مع الشيخ بصراحة. وقال أن عميلنا في أصفهان، تكلم معه بصراحة، وقبل الشيخ العرض على أن نحفظه من الحكومات والعلماء الذين لابد وأن يهاجموه بكافة السبل حينما يبدي آراءه وأفكاره، وأن يزوده بالمال الكافي والسلاح إذا اقتضى الأمر ذلك، وأن نجعل له إمارة ولو صغيرة في أطراف بلاده (نجد) وقد قبلت الوزارة كل ذلك .
23- ابن عبد الوهاب والوثيقة البريطانية معه
لقد كدتُ أخرج عن جلدي من شدة الفرح بهذا النبأ، قلت للسكرتير : إذن فما هو العمل الآن؟
وبماذا أكلّف الشيخ، ومن أين أبدأ؟ قال السكرتير : لقد وضعت الوزارة خطة دقيقة لأن ينفذها الشيخ وهي :
1-تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبيعهم في أسواق النخاسة، رجالهم جعلهم عبيدا ونسائهم جواري .
2- هدم الكعبة باسم أنها آثار وثنية إن أمكن، ومنع الناس عن الحج وإغراء القبائل بسلب الحجاج وقتلهم .
3- والسعي لخلع طاعة الخليفة، والإغراء لمحاربته وتجهيز الجيوش لذلك، ومن اللازم أيضا محاربة (أشراف الحجاز) بكل الوسائل الممكنة، والتقليل من نفوذهم .
4-وهدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة وسائر البلاد التي يمكنه ذلك فيها بإسم أنها وثنية وشرك والاستهانة بشخصية النبي(محمد) وخلفائه ورجال الإسلام بما يتيسّر .
5-ونشر الفوضى والإرهاب في البلاد حسب ما يمكنه .
6-ونشر قرآن فيه التعديل الذي ثبت في الأحاديث من زيادة ونقيصة .
24-نصائح وزارة المستعمرات البريطانية لـ همفر
قال السكرتير لي بعدما بيّن البرنامج المذكور: لا يهولنّك هذا البرنامج الضخم فإن الواجب علينا أن نبذر البذرة وستأتي الأجيال الآتية ليكملوا المسيرة، وقد اعتادت حكومة بريطانيا العظمى على النفس الطويل، والسير خطوة خطوة، وهل محمد النبي إلا رجل واحد تمكن من ذلك الانقلاب المذهل؟ فليكن (محمد عبد الوهاب) مثل نبيّه (محمد) ليتمكن من هذا الانقلاب المنشود .
25-همفر في البصرة مرة ثانية
وخرجت قاصدا نحو البصرة، وبعد سفرة مضنية وصلت إليها ليلا، وذهبت إلى دار (عبد الرضا) وكان نائما، ولما رآني رحب بي واستقبلني استقبالا حارا ونمت هناك حتى الصباح وقال لي : إن الشيخ محمد رجع إلى البصرة ثم سافر وأودع عندي كتابا موجها إليك. وفي الصباح قرأت الكتاب وإذا به يخبرني فيه أنه سافر إلى نجد، وقد ذكر عنوان محله في نجد .
26- همفر في منزل إبن عبد الوهاب في نجد
فسافرت في الصباح وجهة نجد ووصلتها بعد مشقة بالغة وجدت الشيخ محمد في داره، وقد ظهرت عليه آثار الضعف فلم أبح له بشيء، ثم تبين لي فيما بعد أنه تزوج وأنه ينهك قواه مع زوجته، فنصحته بالإقلاع فسمع كلامي، وقد صار القرار أن أجعل نفسي عبدا له قد اشتراه من السوق وأن العبد الآن جاء من السفر، وهكذا كان، فشهر عند أصدقائه أني عبده اشتراه من البصرة وأنه كان في سفر أمره بذلك السفر وأنه جاء الآن، وتلقاني الناس بهذا الاسم وبقيت عنده سنتين وهيأنا الترتيب اللازم لإظهار الدعوة .
27-بدء حملة ابن عبد الوهاب برعاية بريطانيا
وفي سنة 1143 هجرية قويت عزيمته وقد جمع أنصارا لا بأس بهم فأظهر الدعوة بكلمات مبهمة وألفاظ مجملة لأخص خواصه، ثم جعل يوسع رقعة الدعوة، وألفت أنا حوله عصابة شديدة المراس زودناهم بالمال وكنت أشد عزيمتهم كل ما أصابهم خوف من أجل مهاجمة أعدائه له، وكلما أظهر الدعوة أكثر صار أعداؤه أكثر، وأحيانا كان يريد التراجع من ضغط بعض الإشاعات ضده، لكني كنت أشد من عزيمته، وأقول له : إن محمد النبي رأى أكثر من ذلك وأن هذا طريق المجد وأن كل مصلح لا بد وأن يتلقى العنت والإرهاق .
28- شيئ من سيرة الحركة الوهابية
وهكذا كنا مع الأعداء بين الكر والفر وقد وضعت على أعداء الشيخ جواسيس اشتريتهم بالمال، فكلما أرادوا إثارة فتنة أخبرنا الجواسيس بقصدهم فنتمكن من قلب الخطة، وذات مرة أُخبرتُ أن بعض أعدائه أرادوا اغتياله فوضعتُ الترتيبات اللازمة لإفشال الخطة، ولما ظهر قصد أعدائه بإرادتهم (اغتيال الشيخ) انقلبت الخطة عليهم وأخذ الناس ينفرون منهم .
لقد وعدني (الشيخ) بتنفيذ كل الخطة السداسية إلا أنه قال : أنه لا يتمكن في الحال الحاضر إلا على الإجهار ببعضها وهكذا كان، وقد استبعد الشيخ أن يقدر على (هدم الكعبة) عند الاستيلاء عليها، كما لم يبح عند الناس بأنها وثنية وكذلك استبعد قدرته على صياغة قرآن جديد وكان أشد خوفه من السلطة في (مكة) وفي (الآستانة) وكان يقول : إذا أظهرنا هذين الأمرين لا بد وأن يجهز إلينا جيوش لا قبل لنا بها، وقبلت منه العذر لأن الأجواء لم تكن مهيأة كما قال الشيخ .
29-محمد بن سعود يعاون ابن عبد الوهاب بتوجيه بريطاني
بعد سنوات من العمل تمكنت الوزارة من جلب (محمد بن سعود) إلى جانبنا فأرسلوا إليه رسولا يبين لي ذلك ويظهر وجوب التعاون بين (المحمدين) فمن محمد عبد الوهاب الدين ومن محمد السعود السلطة، ليستولوا على قلوب الناس وأجسادهم، فإن التاريخ قد أثبت أن الحكومات الدينية أكثر دواما وأشد نفوذا وأرهب جانبا. وهكذا كان وبذلك قوي جانبنا قوة كبيرة وقد اتخذنا (الدرعية)عاصمة للحكم (والدين الجديد) وكانت الوزارة تزود الحكومة الجديدة سرا بالمال الكافي كما اشترت الحكومة الجديدة في الظاهر عدة من العبيد كانوا خيرة ضباط الوزارة الذين دربوا على اللغة العربية والحروب الصحراوية فكنت أنا وإياهم (وعددهم أحد عشر) نتعاون بوضع الخطط اللازمة وكان (المحمدان) يسيران على ما نضع لهما من الخطط، وكثيرا ما نناقش الأمر مناقشة موضوعية إذا لم يكن أمر خاص من الوزارة .
30-خاتمة مذكرات همفر
وقد تزوجنا جميعا من بنات العشائر، وقد أعجبنا بإخلاص المرأة المسلمة لزوجها وبذلك اشتبكت أواصر الصلة بيننا وبين العشائر أكثر فأكثر والأمر الآن يسير من حسن إلى أحسن، والمركزية تتقوى يوما بعد يوم وإذا لم تقع كارثة مفاجئة فقد بذرت البذرة الصالحة لأن تنمو وتنمو حتى تؤتي الثمار المطلوبة .
المصدر: دام برس