قراءة الأبراج ...و الوقت الضائع

الخميس 3 مايو 2018 - 08:13 بتوقيت غرينتش
قراءة الأبراج ...و الوقت الضائع

بعد ذلك، تُنسج الحكايا والقصص بناءً على الأبراج، فتبدأ بربط ما يحدث معنا بما سمعناه من وسائل الإعلام عن أبراجنا، وذلك بشكلٍ يوميّ. والإيحاءات النّفسيّة لقراءة الأبراج المكرّسة واقعاً وتقليداً عند النّاس...

تنتشر على مساحة الفضائيّات الإعلاميّة فقرات تُعرض فيها قراءة الأبراج للنّاس، حيث نرى سرعة انتشارها كالنّار في الهشيم، فربّات البيوت، وحتّى الموظّفون في أعمالهم، والكبار والصّغار، وحتّى الطّفل الرّضيع، تتم قراءة برجه والتوقّع بمستقبله، وبعد ذلك، تُنسج الحكايا والقصص بناءً على الأبراج، فتبدأ بربط ما يحدث معنا بما سمعناه من وسائل الإعلام عن أبراجنا، وذلك بشكلٍ يوميّ. والإيحاءات النّفسيّة لقراءة الأبراج المكرّسة واقعاً وتقليداً عند النّاس تفعل فعلها بتشكيل وعينا، أو على الأقلّ، تترك أثراً في وعينا وشخصيّتنا، لأنّنا نتعامل في قراءة الأبراج على أنّها أمور حقيقيّة لا سبيل للشّكّ في مصداقيّتها...

وهو ما تساهم به وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة، نظراً إلى أثرها الفعّال في الفرد وسلوكه الاجتماعيّ وتكوين وعيه وثقافته، إذ تمارس دوراً سلبيّاً، فهي تقدّم المادّة أو المضمون ـ قراءة الأبراج ـ مثلاً، دون أن يواكب ذلك عرض برنامجٍ يحاول أن يصحّح هذه الأمور بطريقةٍ موضوعيّة علميّة، ليطّلع النّاس عليها، وتتوضّح الصّورة لديهم بشكل كافٍ، بل أصبح همّ بعض وسائل الإعلام أن تعرض هذه الأمور بكثافة، نظراً إلى ما تحقّقه لها من مشاهدين، دون أن تبالي بنتائجها الاجتماعيّة والنّفسيّة...

وبالنّسبة إلى الرّأي الشّرعيّ في قراءة الأبراج، وما يتعلّق به، فلا يجوز الاعتقاد بصدق ذلك وكشفه للغيب، وأنَّ ما تأتي به الأبراج هو القدر المحتوم الّذي لا يمكن تغييره أبداً، ما يعطِّل الدّعاء والتوكّل، أمَّا الاطّلاع عليه من دون اعتقاد فليس محرّماً، ولا ينبغي للمؤمن إضاعة وقته في قراءة مثل هذه الأمور الّتي لا واقعيّة لها على الإطلاق، ولا سيَّما أنّه قد يصل الأمر إلى حدّ الانحراف.

و أما عن علاقة الأبراج بنحوسة الأيّام أو سعادتها، فلا صلة للأبراج بسعودة الأيّام ونحوستها وما شابه ذلك، ولا يجوز الاعتقاد به، وخصوصاً إذا كان بنحو الاستقلال وبعيداً عن إرادة الله تعالى، ولا واقعيّة لما هو متداول بين النّاس مما يتعلّق بذلك.

وبالنسبة لأبراج الصّحف والمجلاّت، فلقد برزت هذه العادة في مجتمعاتنا، حتّى إنّ الكثير من المجلات والصّحف راحت تفرد صفحاتٍ معيّنةً لتسلية القرّاء، على أساس أنّ صاحب البرج الفلاني يملك مزاجاً معيّناً، أو يملك وضعاً معيّناً ينفتح به على وضع آخر، غير أنّنا لا نجد أيّ أساس إسلاميّ في هذا المجال، بل نرى أحاديث كانت تنهى عن تعلّم علم النّجوم الّذي يُستعمل من أجل استشراف الغيب، حتّى إنّ بعض أئمّة أهل البيت(ع) قالوا لبعض النّاس الّذين يستعملون هذا العلم، قال: أتقضي؟! قال: بلى! قال: إحرق كتبك...

فليست هناك أيّة أسس لاعتبار هذه الوسائل أدواتٍ لمعرفة غيب المستقبل، لأنّه لا علاقة لكلّ هذه بالأحداث الإنسانيّة أو الكونيّة، وربما كان الأساس في مسألة الأبراج والفلك، أنّها منطلقة من بعض العقائد السّابقة غير الإسلاميّة، الّتي كان البعض يرى فيها وفي الكواكب تأثيراً في الأحداث الإنسانيّة والواقع الكونيّ، ما يجعلهم يلتقون على بعض ما يعتبر علماً في الفلك، فيعطون فكرةً عن المستقبل، إمّا بشكل شخصيّ عندما يحسبون برج هذا أو برج ذاك، أو ما إلى ذلك من أمور.

خلاصة القول ، لم يثبت أيّ تأثير لعالم الأبراج وحركة الأفلاك في عالم الإنسان أو استكشاف أوضاعه وأعماله من خلال الأفلاك، وقد وردت أحاديث في حرمة التّنجيم والنّهي عن تصديقه والعمل به...

وإنّ هذا الاعتقاد في التّنجيم باطل لا صحّة له، وهذا العمل حرام، فلا يجوز فعله ولا أخذ الأجرة عليه. نعم، لا يدخل في ذلك التنبّؤ بمثل حركة المدّ والجزر ونحوهما من الآثار الطبيعيّة الحاصلة من تداخل حركة الأرض مع سائر الكواكب، و لا ينبغي للمؤمن إضاعة وقته في قراءة مثل هذه الأمور الّتي لا واقعيّة لها على الإطلاق.

المصدر : موقع بينات