ما لا تعرفه عن أم علي الاكبر(ع) و قرابتها من المختار الثقفي...

الجمعة 27 إبريل 2018 - 08:35 بتوقيت غرينتش
ما لا تعرفه عن أم علي الاكبر(ع) و قرابتها من المختار الثقفي...

كانت ليلى من بيت شرف ومنعة فان جدها عروة أحد العظيمين الذين قالت قريش فيهما:« لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم» والقريتان مكة والطائف،...

ليلى بنت أبي مرّة بن عروة الثقفي، هي زوجة الامام الحسين(ع) وأم علي الاكبر الذی قتل مع أبيه في كربلاء. هي بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي . من النساء الفاضلات في عصرها.

ذكر سماحة الشيح عبد الرزاق القمي في كتابه المسمى بـ(علي الأكبر) ترجمة موجزة لشخصية ليلى رضوان الله تعالى عليها وهي كما يلي:

كانت ليلى من بيت شرف ومنعة فان جدها عروة أحد العظيمين الذين قالت قريش فيهما:« لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم» والقريتان مكة والطائف،...

ونرى أن من الضروري التحدث عن أبيها عروة بن مسعود الثقفي كما سيأتي بعد أسطر.

والدة ليلى  رضوان الله تعالى عليها
أما والدة ليلى، فهي ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، أي أن أبا سفيان يعد جداّ لليلى، بيد أن شوائب أمية لم تمس من ليلى أو تؤثر فيها، بقدر تأثير العنصر العربي الثقفي فيها.. ونسبتها هذهِ لبني أُمية كانت مسوغاً للجيش الأموي بكربلاء كيما يستميل علي الأكبر إلى جبهته بأسلوب مضحك هزيل وبمحاولة فاشلة.

السيدة ليلى الثقفية، عربية الأصل كما يوحي نسبها إلى بني ثقيف ذات الشهرة والصيت الذائع في الطائف وكل البقاع العربية..
السيدة ليلى هذه نالت من الإيمان والحظوة لدى الله سبحانه وتعالى بحيث وُفقت لأن تكون مع نساء أهل بيت النبوة، تعيش أجواء التقى والإيمان، وتعيش آلام آل الرسول وآمالهم، وتشاطر الطاهرات أفراحهن وأتراحهن، وقد ظفرت بتوفيق كبير آخر، حيث أضحت وعاءً لأشبه الناس طراً برسول الله (صلى الله عليه وآله).. فهي امرأة رشيدة، جليلة القدر، سامية المنزلة، عالية المكانة، رفيعة الشرف في الأوساط الاجتماعية، كيف لا وهي زوجة سبط سيد المرسلين وسيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).
أبو مرة عروة بن مسعود الثقفي

من المعروف تاريخياً أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) قد بذل كثيراً وحرص على الصدع برسالته الخلاّقة، وكانت الطائف هي أحد المراكز التي قصدها (صلى الله عليه وآله)، ومن المعروف جيداً مبلغ المعاناة من جراء جهل أهل الطائف لهذا الداعية المحرر، فقد عاد النبي من الطائف وهو متعب ومخضب بالدم..
فلم يستجب لدعوته أحد قط، سوى رجل واحد تبع أثره ولحق به، لا يعرف غيره، ثمّ أنه اتصل به فأسلم وحسن إسلامه، ذلك هو قطب ثقيف، والد السيدة ليلى، التي لا يعرف ما إذا كانت مولودة أو غير مولودة في تلك الفترة.
إنه عروة بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، واسمه قيس بن منبّه بن بكر بن هوزان بن عكرمة بن حصفة بن قيس عيلان الثقفي. أبو مسعود، وقيل أبو يعفور شهد صلح الحديبية، وكني بأبي مرة..
فعروة بن مسعود الثقفي، زعيم من زعماء العرب، وسيد ممن ساد قومه فأحسن السيادة، وهو رابع أربعة من العرب سادوا قومهم، كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) قول حول عروة، والثلاثة الآخرون، وهو قوله: "أربعة سادة في الإسلام: بشر بن هلال العبدي - وعدي بن حاتم - وسراقة بن مالك المدلجي، وعروة بن مسعود الثقفي.".
وعلى هذا فان مركز عروة في المجتمع العربي، مركز رفيع مرموق، وذلك قبل أن يُسلم ويعلن إسلامه، بحيث بلغت منزلته عند العرب مبلغاً متزايداً حتى بالغوا به فتطرفوا إذ عظموه تعظيماً على حساب محمد ذي الخلق العظيم، وعظموه ليجعلوا منه شخصية تضاهي النبي الأعظم.. وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في موقف معروف، إذ حكى عنهم ما قاله أحدهم - الوليد بن المغيرة - على سبيل المقارنة الفاشلة: (قَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)
والمقصود من القريتين هو مكة والطائف، أما المقصود من العظيمين فيهما، فهو القائل نفسه- الوليد بن المغيرة- بمكة ويعني بالثاني عروة الثقفي بالطائف، كما عن قتادة وورد في الإصابة والاستيعاب ذلك..
أجل كان عروة شخصية مرموقة، لكنه أبى أن يزعم العظمة كغيره مثل ابن المغيرة وأمثاله، وكان شجاعاً وجريئاً بحيث أنه صمم على أن يدعو قومه للإسلام حالماً يعود إلى الطائف وهكذا كان.. فبعدما أسلم على يد الرسول الذي تبع أثره من الطائف وأدركه قبل دخول المدينة، وبعد أن تمكن الإسلام والإيمان من قلبه، استأذن النبي (صلى الله عليه وآله)كي يرجع لهداية قومه.
وسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يرجع إلى قومه بالإسلام، فقال يا رسول الله، أنا أحب إليهم من أبصارهم، وكان فيهم محبباً مطاعاً، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام فأظهر دينه رجاء ألا يخالفوه
لمنزلته فيهم، فلما أشرف على قومه. وقد دعاهم إلى دينه- رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله.

ومن إيمانه ورضاه وقناعته بواجب الصدع بالرسالة مع تحمل دفع الثمن باهظاً أنه أجاب بجواب واضح اليقين حينما سألوه :"وقيل لعروة: ما ترى في دمك؟ قال: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليّ، فليس فيّ إلاّ ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن يرتحل عنكم." (1)

هذا وكان من حسن الهيئة كالمسيح عيسى: "وكان عروة يُشبَّه بالمسيح عليه السلام في صورته(2). وكان من حسن العاقبة والمصير كما نسب للنبي (صلى الله عليه وآله)قوله: "ان مثله في قومه مثل صاحب يس من قومه (3)دعا قومه إلى الله فقتلوه."(4)

فضلاً عن ذلك، قال النبي (صلى الله عليه وآله): "رأيت عيسى ابن مريم، فاذا أقرب من رأيت به شبهاً عروة بن مسعود." (5)

يتجلى من ذلك أن هذا الصحابي الجليل كان أثيراً عند النبي (صلى الله عليه وآله)، وله في نفسه موقع ومكانة.. هذا وان التاريخ لم يورد عنه ما يسيء إليه أو يتهمه، فهو رجل نزيه السمعة صاحب مكانة وسامي الرفعة.. كما أنه شخصية عظيمة قياساً لشخصيات القبائل الأُخرى - والله مطلق العظمة -.
أسلم في السنة التاسعة من الهجرة - بعيد رجوع النبي (صلى الله عليه وآله) من رحلته الرسالية إلى الطائف - وقتل عروة الثقفي أثناء إعلانه دينه ودعوته، وكان يتأهب لأداء فريضة الصلاة كما جاء في (نفس المهموم)
أما كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله)التي وردت بصدد عروة، فهي لعمرك من أروع أوسمة التقدير التي منحها الرسول القائد إلى جنده الدعاة الصامدين الصابرين أوسمة الشرف المذخور والفخر الخالد في الدنيا والآخرة.. وأهم وسام - بعد إعلان أنه شبيه النبي عيسى (عليه السلام) - هو أنه نظير النبي ياسين في قومه..
ولا نعتقد أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) يشبه بياسين لمجرد أنه دعا قومه فقتلوه كياسين (عليه السلام).. وإنما لأنه رجل دعوة على بينة من دينه ورجل إيمان وتقى وإخلاص ويقين، ولأنه بلغ من شرف الإيمان ما منحه شرف الشهادة، ثم شرف الإشادة به على لسان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
ذلك هو والد السيدة ليلى، المجاهد الشهيد عروة بن مسعود الثقفي رضوان الله عليه.
وقد ترك في نفس ابنته ليلى آثار الهدى والإيمان والاستقامة على الدين الحنيف.. وفي أي سن كانت الفتاة ليلى فانها ولا شك قد أحست بفقد والدها الحبيب، وكلما نضجت وكبرت شعرت بأن أباها مضى ضحية قضية سماوية مقدسة، حتى بلغت اليقين بأنه صرع وقتل لا كمن صرع وقتل من العرب وأشراف القبائل، لقد راح والدها شهيداً وقرباناً لله من أجل رسالته، وليس قتيلاً أثناء صراع قبلي رخيص..
وعليه فقد كانت أول نكبة أصابت قلبها، هي هذه الحادثة الشديدة الوقع على الفتيات اللواتي يصعب عليهن الاستغناء عن حنان الأبوة وصل الوالد المؤمن الشجاع.. ثم توالت عليها النكبات - بعد أن أضحت ليلى أحد أعضاء هيئة نساء البيت المحمدي الكريم - إذ راحت تعيش أجواء بيت النبوة والرسالة صاحب القوة والأصالة، في مواصلة الصدع بمقررات القرآن ومبادئ الإسلام، حتى ختمت ليلى حياتها وهي صابرة صامدة محتسبة قد تحملت ألوان الأسى والألم وقدمت لرسالة الإسلام ما أنجبت من صالحين وطاهرين.
أي أن استشهاد والدها ليس مجرد أول نكبة، بل أول درس على ضرورة الصمود ووجوب الصبر لمواصلة العمل من قبل المؤمن والمؤمنة، البنت والزوجة، وأول تجربة للسيدة ليلى على تحمل شدة وطأة نتائج الدعوة ودفع ثمن العمل لدين الله سبحانه وتعالى.
أجل تلك هي ليلى الثقفية والدة علي الأكبر، التي لم تستمد قيمتها من أمها ولم تستمد كرامتها ومنزلتها حتى من أبيها، وإنما استمدت رقيها من تقواها وانتمائها ثم انتسابها للأسرة المحمدية المقدسة، ولارتباطها الوشيج بشخص الإمام العظيم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وكفاها بذلك فخراً حين تفتخرُ.

قرابتها للمختار

في مسعود الثقفي تجتمع ليلى مع المختار، فإنّها بنت أبي مُرّة بن عروة بن مسعود، والمختار بن أبي عبيدة بن مسعود، فـأبو مُرّة والد ليلى والمختار ولدا عم.

أقوال الشعراء فيها

قال الحارث بن خالد المخزومي:

أطافت بنا شمس النهار ومن رأى *** من الناس شمساً بالعشاء تطوف

أبو أُمّها أوفى قريش بذمّة *** وأعمامها إمّا سألت ثقيف

وقال:

أمن طلل بالجزع من مكّة السدر *** عفا بين أكناف المشقّر فالحضر

ظللت وظلّ القوم من غير حاجة *** لدن غدوة حتّى دنت حزّة العصر

يبكّون من ليلى عهوداً قديمة *** وماذا يبكّي القوم من منزل قفر»

وفاتها

لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاتها ومكانها.

الهوامش

1-الاستيعاب، والإصابة ج 3 / ص 112 ـ 113 المطبوع على هامش الاستيعاب.
2-نفس المصدرين.
3-الاستيعاب، والإصابة.
4- نفس المهموم / للقمي.
5- نفس المهموم.

المصدر: مواقع مختلفة بتصرف