الشيخ محمد جواد مغنية
لمن ينتسب الخلفاء الفاطميّون ؟ وما هو مذهبهم ؟
ينتسب هؤلاء إلى جدّهم الملقب بالمهدي ، أوّل خلفائهم ببلاد المغرب ، وهو عبيد الله بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق. وهم من فرقة الإسماعيليّة ، إحدى فرق الشيعة ، والإسماعيليّة يوافقون الإماميّة الاثني عشرية في سوق الإمامة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الإمام جعفر الصادق ، ثمّ يعدلون بها عن الإمام موسى الكاظم إلى أخيه إسماعيل ، ثمّ إلى ابنه محمّد ، ثمّ إلى ابنه جعفر ، ثمّ إلى ابنه محمّد الملقّب بالحبيب ، ثمّ إلى عبيد الله الملقّب بالمهدي أوّل خلفاء الفاطميّين ، ثمّ إلى ابنه العزيز ، ثمّ ابنه الظاهر ، إلى ابنه المستنصر بالله أبي تميم خامس خلفائهم بمصر ، وهنا يفترق الإسماعيليّة إلى فرقتين : إحداهما تقول : إنّ الإمامة انتقلت من المستنصر إلى ابنه المستعلي ، وأخرى تقول : إنّها انتقلت إلى ابنه نزار.
الفرق بين الإسماعيليّة والاثنى عشريّة :
تفترق الإسماعيليّة عن الإماميّة في جهات :
منها : هذا الإختلاف بينهما في عدد الأئمّة ، وأشخاصهم بعد الإمام الصادق.
ومنها : إغراق الإسماعيليّة في تأويل آيات القرآن ، وسنن النبي على موافقة أساسهم بما لا يتحمله اللفظ ، ولا يشهد عليه شاهد من عقل أو نقل أو إجماع. أمّا الاثنا عشريّة فيتركون بعض الآيات التي يشتبه معناها على العقول ، كفواتح السور وما إليها ، يتركونها بدون تأويل ، ولا يؤوّلون آية أو حديثاً إلّا بشروط :
۱ ـ أن يتنافى المعنى الظاهر مع ما يقطع به العقل ، أو يقوم الإجماع على خلافه.
۲ ـ أن يحمل اللفظ على معنى صحيح.
۳ ـ أن يتحمّل اللفظ المعنى المؤوّل به ، وبكلمة أنّ التأويل عند الاثني عشريّة لا يعدو صرف اللفظ عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي ، مع وجود القرينة.
ومنها : أنّ الدعوة الإسماعيليّة تغمرها أمواج من السرية والتخفي ، حتّى التبست عقيدتها على أكثر الباحثين ، أو الكثير منهم ، أمّا تعاليم الإثني عشريّة فظاهرة لا خفاء فيها ، ولا غموض ، هذا ، إلى أنّ الإسماعيليّة تجاوزوا الحدّ في التستّر وإستعمال التقيّة دون مبرّر من العقل أو النقل ، « فكانوا سنيّين مع أهل السنّة ، وشيعيّين مع الشيعة ، ومسيحيّين مع المسيحيّة » (۱). أمّا الإثنا عشريّة فلا يستعملون التقيّة إلّا لضرورة قاهرة ، كالخوف على النفس أو المال أو العرض .
ومنها : أنّ الإسماعيليّة ينشرون تعاليم عقيدتهم ، ومبادئ مذهبهم على خطوات ، ولهم دعاة يتدرّجون في مراتب العقيدة من المعلومات البسيطة ، حتّى يصلوا بالمستجيب إلى مبادئ فلسفيّة عميقة لا يفهمها إلّا القليلون (۲). ولا درجات ومراتب عند الإثني عشريّة. وقد خلط كثير من الكتاب والمؤرّخين بين الإسماعيليّة ، والإثني عشريّة ، ولم يميّزوا بين الفرقتين ، ونسبوا جهلاً أو افتراء الكثير من عقائد تلك إلى هذه.
ومهما يكن ، فلسنا في شيء من بيان عقائد الإسماعيليّة ، وفلسفتهم ، وإنّما غرضنا الأوّل أن نعرف القرّاء بالدولة الفاطميّة ، وخلفائها في المغرب ومصر ، ومكانها من التاريخ وتأثيرها في نشر التشيع.
عبيد الله المهدي :
كان في عهد العباسيّين رجل يدعى أبو عبد الله الشيعي ، وكان قد ولي الحسبة في بعض أعمال بغداد ، وكان في أوّل الأمر يعتنق عقائد الإثني عشريّة ، واتّصل بمحمّد المعروف بالحبيب والد عبيد الله المهدي ، فأقنعه بالعدول عن مذهب الإثني عشريّة ، واعتناق الإسماعيليّة ، فاعتنقها ، وأخلص لها ، وأصبح من أعظم دعاتها.
وذهب أبو عبد الله الشيعي إلى بلاد المغرب يبشر بالإسماعيليّة ، ويمهد لخلافة المهدي ، فاتبعه بعض أهلها ، وترأس عليهم رئاسة دينيّة ، وقرّر لهم مذهب الإسماعيليّة ، فاتّبعوه وتمسكوا به ، ولما اطمأنّ إلى طاعتهم ألف منهم جيشاً ، وثار به على الحاكم ، وهو إبراهيم بن الأغلب ، وانتزع منه الحكم ، وسلمه إلى المهدي لقمة سائغة ، وذلك سنة ۲۹٦ ه ، وتلقب المهدي بأمير المؤمين ، ولم يلبث أن دون الدواوين ، وجبى الأموال ، واستقرّ قدمه بالبلاد.
واصطدم المهدي بدولة الأدارسة ، وساهم إلى حدّ كبير في إزالتها ، كما اصطدم مع الأمويّين في الأندلس ، وأزال دولة الأغالبة كليّة ، وخضع له المغرب الأقصى ، وتونس ، ودخلت القبائل بكاملها في طاعته ، وبعد أن استقرّ له الملك ، فتك بأبي عبد الله الشيعي ، لثقة الناس به ، ومكانته بين أهالي المغرب ممّا أثار حنق المهدي عليه.
ورأى المهدي أن يبني حاضرة في مكان متوسّط يتّخذها حصناً يعتصم به عند الحاجة ، ويوجه منه هجماته إلى الخارجين عليه ، فبنى مدينة أسماها المهديّة تقع على بعد ستّين ميلاً جنوبي القيروان ، يحيط بها البحر من ثلاث جهات ، وبعد أن انتهى من بنائها أنشأ مدينة أخرى بجوارها أسماها زويلة ، نسبة إلى إحدى قبائل بلاد المغرب ، ومات سنة ۳۲۲ ، وقام بالأمر بعده ابنه أبو القاسم محمّد الملقب بالقائم بأمر الله.
القائم بأمر الله :
وما آلت الخلافة إلى القائم بأمر الله ، حتّى اندلعت نار الثورة في أجزاء المملكة ، وانحاز بعض الزعماء إلى عبد الرحمن الناصر الأموي بالأندلس ، وثار على القائم خارجي يدعى أبا يزيد عرف بعدائه للإسماعيليّة ، وقد اجتمعت عليه سائر الخوارج ، وقويت به شوكته ، وأخذ عليهم البيعة لنفسه على قتال الإسماعيليّة ، واستباحة الغنائم والسبي. وحاصر أبو يزيد المهديّة عاصمة الخلافة ، وعظم البلاء على أهلها ، حتّى أكلوا الدوابّ والميتة ، وخرج أهلها مهاجرين إلى مصر وطرابلس وبلاد الروم ، وكان أصحاب أبي يزيد يأخذون من يخرج من المدينة ، ويشقّون بطنه طلباً للذهب ، وكانت الغوغاء تتوافد على أبي يزيد من كلّ ناحية ينهبون ويقتلون ، حتّى افنوا ما كان في أفريقيا (۳) ، ولما لم يبق ما ينهب تركوه في قلّة أستطاع القائم بأمر الله أن يتغلّب عليها.
مات القائم سنة ۳۳۳ ، وتولّى بعده ولده إسماعيل الملقّب بالمنصور.
المنصور :
وكان المنصور من أهل الشجاعة والفصاحة والتدبير ، فعمل على تقوية جيوشه عدّة وعدداً ، وطارد الخارجي أبا يزيد الذي أو شكّ أن يؤدّي بدولة الفاطميّين من قبل ، وأوقع الهزيمة بجيشه ، حتّى انتهت فتنته بالقبض عليه ، ومات متأثّراً بجراحه ، وسائت حال البلاد من جراء هذه الثورة ، وأثرت في موارد الدولة ، فشرع المنصور بالعمل على انعاش البلاد ، وإعادتها إلى ما كانت عليه ، وأنشأ أسطولاً كبيراً ، وأسّس مدينة المنصوريّة ، واتّخذها عاصمة لدولته.
مات المنصور سنة ۳٤۱ ، وآلت الخلافة إلى ولده المعزّ لدين الله.
المعزّ :
كان المعزّ لدين الله مثقفاً ، ومولعاً بالعلوم والآداب ، كما عرف بحسن التدبير ، وأحكام الأمور ، لذا دانت له قبائل البربر ، وأطاعته على ما بينها من اختلاف ، وقد رأى بعد أن استتب الأمن في ربوع المغرب ، واطمأنّت به الحال أن يعدّ العدّة لغزو مصر ، لثروتها وموقعها الجغرافي الذي يمهد السبيل لإمتداد النفوذ والسيطرة على كثير من الأقطار ، بخاصّة الشام والحجاز ، وكان هذان القطران خاضعين للاخشيديين حكّام مصر في ذلك الحين.
وفي سنة ۳٥٦ أمر المعز بإنشاء الطرق ، وحفر الآبار في طريق مصر ، وأقام المنازل على رأس كلّ مرحلة ، ولما وصلته الأخبار بوفاة كافور سنة ۳٥۷ أخذ في إعداد الجيش والمال ، وبعث إلى دعاته في مصر يعلمهم بعزمه ، ليمهّدوا سبل الغزو ، وعهد إلى قائده جوهر الصقلي بقيادة الحملة ، فسار جوهر بجيشه سنة ۳٥۸ ، حتّى وصل برقة ، فقدم له صاحبها الطاعة ، ثمّ مضى إلى الإسكندريّة ، فدخلها من غير مقاومة.
ولما وردت أخبار جوهر إلى الفسطاط تألف وفد من الأكابر ، وفاوضه في تسليم المدينة ، وانتهت المفاوضة بكتاب الأمان ، ولكن فئة من الجنود المصريّين الذين كانوا في خدمة كافور لم يرضوا عن عقد الصلح ، وأعلنوا الحرب ، ودار القتال بينهم وبين جيش جوهر ، فقتل منهم عدد كبير ، وطلب الباقون منهم الأمان من جديد ، فأجابهم جوهر ، وأعاد الأمان.
وهكذا زال سلطان الأخشيديّين والعباسيّين عن مصر ، وأصبحت هذه البلاد ولاية تابعة للدولة الفاطميّة التي امتدت من المحيط الأطلسي غرباً إلى البحر الأحمر شرقاً ، ونافست الدولة الفاطميّة الشيعة بغداد حاضرة الدولة العباسيّة السنيّة المتداعية ، وكان لتلك المنافسة أبعد الأثر في الحضارة الإسلاميّة. [ تاريخ الدولة الفاطمية لحسن إبراهيم ص ۱٤۷ طبعة سنة ۱۹٥۸ ].
الجامع الأزهر ومذهب التشيع :
وفي سنة ۳٥۸ وضع جوهر أساس مدينة القاهرة التي لا تزال إلى اليوم ، وبعد إكمالها اتّخذها عاصمة الدولة الجديدة. ورأى جوهر أن لا يفاجئ السنيّين في مساجدهم بشعائر المذهب الشيعي ، خشيد أن يثير حفيظتهم ، فبنى الجامع الأزهر ، وعقدت فيه حلقات الدرس، وكانت تركز اهتمامها على نشر المذهب الشيعي بين الناس.
ومنع جوهر من لبس السواد شعار العباسيّين ، وزاد في الخطبة : « اللهم صلّ على محمّد المصطفى ، وعلى علي المرتضى ، وفاطمة البتول ، والحسن والحسين سبطي الرسول » كما أمر أن يؤذّن في جميع المساجد بحيّ على خير العمل ، واستمرّت شعائر التشيّع ، والتدريس في الأزهر على المذهب الشيعي ، حتّى جاء صلاح الدين الأيّوبي ، فقضى على الخلافة الفاطميّة ، ومذهب التشيّع ، وكل ما يمت إليه بصلة ، وقد ذكرنا ذلك في كتاب « الشيعة والحاكمون ».
توجّه المعز إلى مصر :
ولما أيقن المعزّ أنّ دعائم ملكه توطدت في مصر والشام سار إليها من إفريقيّا بأهله وأمواله في ركب هائل ، فوصل الإسكندريّة سنة ۳٦۲ ، فخف أكابر المصريّين إلى لقائه وتحيّته ، وانتقل منها إلى القاهرة عاصمته الجديدة ، واستقرّت الخلافة الفاطميّة بمصر ، وامتدّ سلطانها من أواسط المغرب إلى شمال الشام ، ولكن لم يمض إلّا القليل حتّى زحف القرامطة إلى الشام ، وانتزعوها من يد نائب الخليفة الفاطمي ، ثمّ توجّهوا إلى مصر بقيادة زعيمهم الحسن الأصم ، والتقت جيوش المعزّ بالغزاة على مقربة من بلبيس في أواخر سنة ۳٦۳ ، وأوقعت بهم هزيمة فادحة.
ومات المعزّ سنة ۳٦٥ بيد أنّه لم يغادر هذه الحياة ، حتّى كانت الخلافة الفاطميّة تبسط سلطانها وإمامتها على المغرب ومصر والشام ، حتّى حلب والحرمين.
وقال ابن الأثير : « كان المعزّ عالماً فاضلاً ، جواداً شجاعاً ، جارياً على منهاج أبيه من حسن السيرة ، وإنصاف الرعية ». [ الحاكم بأمر الله لمحمّد عبد الله عنان ص ۷۹ طبعة ثانية ].
وخلف المعزّ ولده أبو منصور نزار الملقّب بالعزيز بالله.
العزيز بالله :
وفي أوائل عهد العزيز استولى القرامطة على الشام ، وزحفوا على مصر مرّة أخرى ، فسار إليهم العزيز بنفسه ، وقاتلهم قتالاً شديداً ، وهزمهم. وعني العزيز عناية خاصّة بالشام وشؤونها ، واختار لولايتها غلامه بنجوتكين التركي ، وبعد أن نظم أمورها أمره بالمسير إلى حلب ، فسار إليها ، وأميرها يومئذ أبو الفضل بن حمدان حفيد سيف الدولة ، وكان بنو حمدان حينما رأوا توغل الفاطميّين في الشام تحالفوا مع باسيل الثاني إمبراطور قسطنطينيّة ، ولما زحف الجيش الفاطمي إلى حلب أمدهم باسيل بالجيوش ونشبت معركة بين الجيشين هزم فيها البيزنطيون، وأسر قائدهم ، وعندها سار باسيل بنفسه في جيش تقدره الرواة بمائة ألف ، لزم الفاطميّون خطّة الدفاع.
وفي عهد العزيز اشتدّت حركة الإنشاء والتعمير ، فأنشئت وجددت في أيّامه صروح ومنشآت عديدة ، منها قصر الذهب بالقاهرة ، وجامع القرافة ، وجامع القاهره الذي أتمّه ولده الحاكم ، وبستان سردوس ، وقصور عين شمس ، ودار الصناعة ، وقنطرة الخليج. « الحاكم بأمر الله لعنان ».
وعني العزيز كأبيه المعزّ بنشر المذهب الشيعي ، وحتم على القضاة أن يصدروا أحكامهم وفق هذا المذهب ، كما قصر المناصب الهامّة على الشيعيّين ، وأصبح لزاماً على الموظّفين السنيّين الذين تقلّدوا بعض المناصب الصغيرة أن يسيروا طبقا لأحكام المذهب الإسماعيلي (٤).
وكان العزيز جواداً ومدبّراً ، فقد أذن لصاحب بيت المال أن يقدم القروض للموظفين الصغار من مال العزيز الخاص على أن لا يطالب من عجز عن الوفاء ولا يعاقب من يستطيع الوفاء ولا يفعل. وفي عهده اتّسع نطاق الدعوة الفاطميّة اتّساعاً عظيماً ، ودعي للخليفة الفاطمي في الموصل واليمن. وانكمشت الدعوة العباسيّة في حدود ضيقة ، وتضاءل سلطانها الروحي ، كما تضاءل سلطانها السياسي.
توفّي العزيز سنة ۳۸٦ ، وخلفه ولده أبو علي منصور ، ولقب الحاكم بأمر الله.
الحاكم بأمر الله :
حين بويع الحاكم بالخلافة كان له من العمر ۱۱ سنة ، فتولّى الوصاية عليه مربيه وأستاذه بر جوان الخادم ، وبعد أن أتمّ الخامسة عشرة من عمره استقلّ بالحكم ، وقتل بر جوان ، لأنّه كان يضايقه ويسيء معاملته حين الوصاية عليه.
وقسم الدكتور حسن إبراهيم في كتاب « تاريخ الدولة الفاطميّة » أدوار خلافة الحاكم إلى أربعة :
۱ ـ من سنة ۳۸٦ إلى سنة ۳۹۰ ، وكان في هذه المدة لا يملك من أمر السلطان شيئاً لصغره.
۲ ـ من سنة ۳۹۰ إلى سنة ۳۹٥ ، وفيها كان للحاكم على حداثة سنه سلطة كبيرة ، أظهر فيها تعصّباً شديداً للمذهب الفاطمي.
۳ ـ من سنة ۳۹٦ إلى سنة ٤۰۱ ، وفي هذه المدّة ، ترك سياسة التعصّب ، وتبع سياسة التسامح مع جميع الطوائف.
٤ ـ من سنة ٤۰۱ إلى سنة ٤۱۱ ، ظهرت سياسته في هذه الفترة بمظهر القلق والتذبذب ، ورغم ذلك ، فقد ساعدت سياسته على إقرار الأمن ، وقضت على الفوضى التي كانت سائدة في أوائل عهده ، وأنشأ الحاكم دار الحكمة التي كان يشتغل بها كثير من القراء والفقهاء والمنجمين والنحاة واللغويين ، وألحق بها مكتبة ، أطلق عليها اسم دار العلم ، حوت كثيراً من أمّهات الكتب ونفائسها.
وقال عنان في كتاب « الحاكم بأمر الله » ص ۱۰۳ طبعة ثانية : « كان الحاكم بأمر الله حاكماً حقيقياً ، يقبض على السلطة بيديه القويّتين ، ويشرف بنفسه على مصاير هذه الدولة العظيمة ، ويبدي في تدبير شؤونها نشاطاً مدهشاً ، فيباشر الأمور في معظم الأحيان بنفسه ، ويتولّى النظر والتدبير مع وزرائه ، وهكذا كان الأمير اليافع يؤثر العمل المضني على مجالي اللهو واللعب التي يغمر تيارها من كان في سنه ، وفي مركزه وظروفه.
وقد لزم الحاكم هذا النشاط المضني طوال حياته ، وكان ذا بنية قويّة متينة ، مبسوط الجسم ، مهيب الطلعة ، له عينان كبيرتان سوداوان ، تمازجهما زرقة ، ونظرات حادّة مروعة ، كنظرات الأسد ، لا يستطيع الإنسان صبراً عليها ، وله صوت قوي مرعب ، يحمل الروع إلى سامعيه ، ويقول الإنطاكي : ولقد كان جماعة يقصدونه لأمور تضطرّهم إلى ذلك ، فإذا أشرف عليهم سقطوا وجلا منه ، وفحموا عن خطابه » (٥).
وقتل الحاكم سنة ٤۱۱ ، وتولّى بعده الخلافة ابنه أبو هاشم الملقّب بالظاهر ، واختلف في سبب قتله ، فمن قائل : إن أخته ست الملك دبرت اغتياله ، ومن قائل : إنّه خرج في بعض الليالي كعادته راكباً حماراً ، ولم يعد. ويعتقد الدروز أنّ الحاكم اختفى ، وأنّه سيعود إذا زالت المفاسد المنتشرة في العالم ، فهو الإمام المنتظر عند هذه الطائفة. [ تاريخ الدولة الفاطميّة لحسن إبراهيم حسن ص ۱٦۸ طبعة ثانية ].
وبالتالي ، فقد كان عصر الحاكم مليئاً بالأعمال والمآثر الجليلة فقد جدّد الأزهر ، وأجرى عليه وعلى دار الحكمة الأوقاف الجزيلة ، وأنشأ جامعاً في القاهرة ، وآخر بالإسكندريّة ، وأحصى المساجد ، ورتّب للمؤذّنين والأئمّة الأرزاق ، وأغدق العطايا والمنح للعلماء والأساتذة.
وفي سنة ٤۰٤ أعتق كلّ ما يملك من الرقيق ، وكانوا جمعاً غفيراً ، ووهبهم الأموال والأملاك ليعتاشوا بها ، وكان نصير العلم والآداب ، فقد أخرج كلّ ما في القصر من خزائن الكتب ، ووضعها في متناول العلماء والطلّاب ، لينتفعوا بها ، وكان يعقد في قصره مجالس للعلماء يتدارسون ويتناقشون في حضرته ، ويجزل لهم الجوائز والصلات ، ونال العلماء الكبار وأهل الإختصاص لديه حظوة كبيرة ، وألف له أبو الحسن الفلكي معجماً ضخماً في الفلك يعرف بالزيج الكبير ، كما استدعى المهندس الشهير ابن الهيثم ، لما بلغه من براعته وتفنّنه ، وعهد إليه بفحص أحوال النيل ، وما يمكن أن يعمل للإنتفاع بمائه.
وكان يميل إلى تخفيف الضرائب عن كاهل الشعب ، وعدد الأسعار ، وضرب كثيراً من الباعة ، وشهر بهم لمخالفتهم التعريفة الرسميّة ، وأصلح المكاييل والموازين وضبطها ، وأجمع المؤرّخون على تقشفه وزهده في المظاهر العامّة في حياته ، واحتقاره للرسوم والألقاب والمواكب الفخمة التي امتاز بها الخلفاء الفاطميّون ، إلى غير ذلك.
الظاهر :
في سنة ٤۱۱ ه خلف الظاهر لإعزاز دين الله أباه ، وكان في السادسة عشرة من عمره ، ودانت له ممالك أبيه كلّها الشام والثغور وإفريقيّا ، وقامت عمّته ست الملك بالوصاية عليه في الفترة الأولى من حكمه ، فأظهرت كفاءة في تدبير المملكة وسياسة الناس.
وكان الظاهر عاقلاً سمحاً ذا دين وعفة وحلم مع تواضع ، وعدل في الرعيّة ، ومن ثمّ استقام له الأمر مدّة من الزمن ، وقد استطاع أن يكسب عطف أهل الذمّة ومحبّتهم ، حيث تمتعوا في عهده بالحريّة الدينيّة ، ووجه عنايته إلى شؤون الدولة وتحسين الزراعة ، وأصدر قانوناً منع فيه من ذبح البقر ، وذلك على أثر وباء أصاب الحيوانات التي تستخدم في فلاحة الأرض.
ومات الظاهر بمرض الاستسقاء سنة ٤۲۷ ، وقام بعده ابنه أبو تميم الذي تلقب بالمستنصر. [ النجوم الزاهرة ج ٤ ].
المستنصر :
جاء في أوّل الجزء الخامس من كتاب « النجوم الزاهرة » ما يلي :
ولي المستنصر بالله الخلافة بعد أبيه سنة ٤۲۷ ، وكان عمره سبع سنين وسبعة وعشرين يوماً ، وبقي في الخلافة ستّين سنة وأربعة أشهر. وهو الذي خطب له بإمرة المؤمنين على منابر العراق سنة ٤٥۱ ، ولا نعلم أحداً في الإسلام لا خليفة ولا سلطاناً طالت مدته في الحكم مثل المستنصر.
وحدث في أيّامه بمصر الغلاء الذي ما عرف مثله منذ زمان يوسف ، ودام سبع سنين ، حتّى بلغ ثمن الرغيف الواحد خمسين ديناراً ، وقيل : إنّه كان يموت بمصر كلّ يوم عشرة آلاف نفس ، ثمّ عدمت الأقوات كلية ، فأكل الناس الكلاب والقطط ، ثمّ أكل بعضهم بعضاً ، وقد دوّن المؤرّخون عن هذه المجاعة قصصاً مروعة.
وخرجت بعض البلاد عن سلطان الفاطميّين في عهد المستنصر ، فقد زالت سلطتهم من بلاد المغرب الأقصى سنة ٤۷٥ ، وخلع أمير مكّة والمدينة طاعتهم سنة ٤٦۲.
ومات المستنصر سنة ٤۸۷ ، وقام بعده ابنه أحمد المستعلي بالله.
المستعلي :
وفي عهد المستعلي وهنت الدولة الفاطميّة ، وقامت الحروب الداخليّة والخارجيّة ، فقد نازع المستعلي أخوه نزار على الملك ، ودارت بينهما حروب وفتن ، كما بدأ الصليبيّون يغيّرون على سواحل بلاد الشام ، فاستولوا على إنطاكيّة وتوابعها ، ثمّ تابعوا سيرهم ، حتّى وصلوا إلى بيت المقدس ، ودارت بينهم وبين جيوش الفاطميّين معارك حامية ، ولكن الصليبيّين استولوا بالنهاية على فلسطين والمدن الساحليّة ببلاد الشام.
وتوفّي المستعلي سنة ٤۹٥ ، وقام بعده ابنه الآمر بأحكام الله.
الآمر :
استخلف الآمر ، وله من العمر ٥ سنين ، وكان الوصي ومدبّر شؤون البلاد الوزير الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش. ونقل صاحب « النجوم الزاهرة » في الجزء الخامس ص ۱۷۰ طبعة سنة ۱۹۳٥ عن الحافظ الذهبي :
إنّ الآمر كان رافضيّاً كآبائه ، وليّ الأمر ، وهو صبيّ ، فلمّا كبر قتل الأفضل ، وعيّن في الوزارة المأمون البطائحي ، فظلم وأساء السيرة ، فقتله الآمر وصادر أمواله ، وفي أيّام الآخر أخذ الصليبيّون عكا سنة ٤۹۷ ، وأخذوا طرابلس سنة ٥۰۲ ، وقتلوا وسبوا ، وجاءت نجدة المصريّين بعد وفات الأوان ، وسنة ٥۱۱ أخذوا تبنين ، وتسلموا صور سنة ٥۱۸ ، وأخذوا بيروت سنة ٥۰۳ ، وصيدا سنة ٥۰٤ ، ثمّ قصد الملك بردويل مصر ليأخذها ، فهلك قبل أن يصل العريش ، وهكذا تضعضع ملك الفاطميّين في عهد الآمر المشؤوم الطلعة وفي سنة ٥۲٤ تعاهد تسعة رجال على اغتيال الآمر ، وانتظروا الفرصة ، حتّى مرّ في بعض الطرق فوثبوا عليه وثبة رجل واحد ، وضربوه بالسكاكين ، حتّى أنّ واحداً منهم ركب وراءه ، وضربه عدّة ضربات ، وأدركهم الناس ، وقتلوا التسعة. [ النجوم الزاهرة ج ٥ ].
وقام بعده ابن عمّه الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمّد بن المستنصر.
الحافظ :
ولي الحافظ الخلافة بعد قتل ابن عمّه الآمر الذي لم يترك ولداً ذكراً ، ووزر للحافظ أبو علي أحمد بن الفضل ، وقويت شوكة هذا الوزير ، وصار صاحب الأمر كلّه ، قال أبو المحاسن في الجزء الخامس من النجوم الزاهرة :
ضيق الوزير على الحافظ ، وحجر عليه ، ومنعه من الظهور ، وأودعه في خزانة لا يدخل إليه أحد إلّا بأمر الوزير ، ثمّ أهمل الوزير خلفاء بني عبيد ـ أيّ الفاطميّين ـ والدعاء لهم ، لأنّه كان سنّياً كأبيه. وغير قواعد الشيعة ، فأبغضه الأمراء والدعاة ، لأنّ غالبهم كانوا من الشيعة ، بل الجميع ، فلمّا كرهه الشيعة المصريّون صمّموا على قتله ، فكمن له جماعة ، وقتلوه ، وأخرجوا الحافظ ، وبايعوه ثانية.
وهذا الحافظ كان كثير المرض بعلّة القولنج ، فعمل له شيرماه الديلمي طبل القولنج الذي كان في خزائن الفاطميّين ، ومن خاصّته أنّه إذا ضربه أحد خرج الريح من مخرجه ، ولهذه الخاصية كان ينفع الطبل من القولنج ، ولما ملك صلاح الدين الأيّوبي كسر هذا الطبل ، لا لشيء إلّا لأنّه من آثار الفاطميين.
ومات الحافظ سنة ٥٤٤ ، وخلفه ولده إسماعيل الملقّب بالظافر بالله.
الظافر :
وكان الظافر حين ولي الخلافة ابن سبع عشرة سنة وأشهر ، وكانت أيّامه مضطربة ، لحداثة سنة ، واشتغاله باللهو ، فقد ترك كل شيء ، وانصرف إلى شاب مثله ، وهو نصر ابن وزيره عباس الصنهاجي ، حتّى انتهى الأمر بالخليفة أنّه كان يخرج من قصره لزيارة ابن عبّاس في داره ، واغتنم الوزير مخالطة الخليفة لولده ، وأوعز إليه باغتياله ففعل. واتّهم عباس الوزير الذي دبر اغتيال الخليفة ، اتّهم أخوة الخليفة بقتله ، وقتلهم ، وكان للخليفة ابن اسمه عيسى ، وله من العمر خمس سنين ، فبايعه الوزير ، ولقبه بالفائز بنصر الله ، وأقام نفسه وصيّاً عليه ، وذلك سنة ٥٤۹ ومات الفائز سنة ٥٥٥ ، وهو ابن عشر سنين أو نحوها ، وقام بعده العاضد لدين الله ، وكان ابن ۱۱ سنة ، وخلعه صلاح الدين الأيّوبي سنة ٥٦۷ ، وخطب للخليفة العبّاسي ببغداد ، وبالعاضد زالت الدولة الفاطميّة التي استمرّت من سنة ۲۹٦ إلى سنة ٥٦۷، وقد استعمل الأيّوبي سياسة الإفناء والإستئصال مع الفاطميّين.
الفاطميّون والحضارة :
بلغت الحضارة في عهد الفاطميّين أقصى الغايات ، فبنوا المدن ، وأقاموا المساجد ، وأنشأوا دور الكتب والجامعات ، واتّسعت في أيّامهم التجارة ، وتحسّنت الزراعة ، وانتشرت الآداب ، وفنون الحكمة وأنواع العلوم.
قال الاُستاذ عنان في « الحاكم بأمر الله » إن العصر الفاطمي من أسطع عصور مصر الإسلاميّة ، إن لم يكن أسطعها جميعاً.
وقال المستشرق « سيديو » في تاريخ العرب العام ص ۲٤٤ طبعة ۱۹٤۸ :
أخذ العرب يلقون أسطع الأنوار من القاهرة لا من بغداد ، حيث ازدهرت التجارة والصناعة والزراعة والآداب والفنون والعلوم في عهد الفاطميّين بمصر ، كما ازدهرت في عهد خلفاء بني العبّاس الأوّلين ، وكانت عاصمة الفاطميّين تنافس أجمل مدن آسيا ، وسلك ابن يونس المصري سبيل فلكيي العراق ، فكان له مرصد ، ولم يقصر الفاطميّون في صنع ما ينسى الناس به بغداد. ولم يلبثوا أن صار لهم مثل دخل هارون الرشيد تقريباً.
وقال المستشرق « بروكلمان » في « تاريخ الشعوب الإسلاميّة » ص ۱۰۸ ج ۲ طبعة ۹٥٤ :
إنّ آثار الفاطميّين العظيمة مثل جامع الحاكم والجامع الأزهر الذي لا يزال مزدهراً إلى يومنا هذا كأعظم المؤسّسات المدرسيّة في الإسلام لتشهد للهمم العالية التي ابتدعتها.
وقال السيّد مير علي في « مختصر تاريخ العرب » ص ٥۱۰ طبعة ۱۹۳۸ :
كان الفاطميّون في أوّل عهدهم كالبطالسة الأوّلين يشجعون العلم ويكرمون العلماء ، فشيّدوا الكليات والمكاتب العامّة ودار الحكمة ، وحملوا إليها مجموعات عظمية من الكتب في سائر العلوم والفنون والآلات الرياضيّة ، لتكون رهن البحث والمراجعة ، وعيّنوا لها أشهر الأساتذة ، وكان التعليم فيها حراً على نفقة الدولة ، كما كان الطلّاب يمنحون جميع الأدوات الكتابية مجاناً ، وكان الخلفاء يعقدون المناظرات في شتى فروع العلم ، كالمنطق والرياضة والفقه والطبّ ، وكان الأساتذة يتشحون بلسان خاص عرف بالخلعة ، أو العباءة الجامعيّة ـ كما هي الحال اليوم ـ وارصدت للانفاق على تلك المؤسّسات ، وعلى أساتذتها ، وطلابها وموظّفيها املاك بلغ إيرادها السنوي ٤۳ مليون درهم ، ودعي الأساتذة من آسيا والأندلس لإلقاء المحاضرات في دار الحكمة ، فازدادت بهم روعة وبهاء.
الفاطميّون والتشيّع :
اتّفق المؤرّخون على أنّ الدولة الفاطميّة قامت على أساس الدعوة الشيعيّة ، وأنّها قد حرصت جد الحرص على نشرها بمختلف الوسائل ، وأنّ الفاطميّين اتّخذوا بناء المساجد ومعاهد العلوم سبيلاً لغزو عقائد المجتمعات « وقد وجدت العقائد الشيعيّة في مصر مرعى أكثر خصباً ونماء منه في شمال إفريقيا ، وسرعان ما ترعرعت وعم أثرها » (٦).
فالمؤذّنون ينادون على المآذن « حيّ على خير العمل » والخطباء في المساجد يفتتحون كلامهم بالصلاة على محمّد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة البتول ، والحسن والحسين سبطي الرسول ، وحلقات الدروس في الأزهر وغيره ترتكز على مذهب الشيعة ، وأحكام القضاة تصدر وفقاً لهذا المذهب.
وكتب المعز على الأماكن خير الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وجعلوا اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ، وهو يوم غدير خم يوم عيد ، « وأصبح الاحتفال به في كلّ سنة من أهمّ الإحتفالات الدينيّة التي كانت تهتزّ لها جوانب القاهرة فرحاً وسروراً » (۷).
وعن خطط المقريزي « إنّ شعائر الحزن يوم العاشر من المحرّم كان أيّام الأخشيديين ، واتّسع نطاقه في أيام الفاطميّين ، فكانت مصر في عهدهم توقف البيع والشراء ، وتعطل الأسواق ، ويجتمع أهل النوح والنشيد يطوفون بالأزقّة والأسواق ، ويأتون إلى مشهد أم كلثوم ونفيسة ، وهم نائحون باكون » (۸). وقال السيّد مير علي في مختصر تاريخ العرب : « وكان من أهمّ عمارة القاهرة في عهد الفاطميّين الحسينيّة ، وهي بناء فسيح الأرجاء تقام فيه ذكرى مقتل الحسين في موقعة كربلاء ». وأمعن الفاطميّون في إحياء هذه الشعائر وما إليها من شعائر الشيعة ، حتّى أصبحت جزءاً من حياة الناس.
ولو لا سياسة الضغط والتنكيل التي اتّبعها صلاح الدين الأيّوبي مع الشيعة لكان لمذهب التشيع في مصر اليوم وبعد اليوم شأن أيّ شأن.
وإذا لم يكن الفاطميّون على مذهب الإثني عشريّة فإنّ هذا المذهب قد اشتدّ أزره ، ووجد منطلقاً في عهدهم ، فقد عظم نفوذه، ونشطت دعاته وعملوا على نشره وتوطيده ، وأقبل الناس عليه آمنين مطمئنين على أنفسهم وأموالهم ... ذلك أنّ الاثني عشريّة والإسماعيليّة وإن اختلفوا من جهات فإنّهم يلتقون في هذه الشعائر ، بخاصّة في تدريس علوم آل البيت ، والتفقّه بها ، وحمل الناس عليها.
الهوامش
۱. عارف تامر في مقدّمة كتاب « عبقرية الفاطميّين » للأعظمي.
۲. المصدر السابق نفسه.
۳. ابن الأثير ، حوادث سنة ۳۳۳.
٤. مصر في عصر الدولة الفاطميّة لسرور نقلاً عن اتعاظ الحنفاء للمقريزي ص ۱۹۷.
٥. وأكثر أهل التاريخ يصوّرون الحاكم كشخصيّة عجيبة مدهشة ، تغرق في المتناقضات ، فهو فوضوي ومنظم ، وكريم وبخيل ، وشجاع وجبان ، وعاقل ومجنون ، وسفّاك للدماء ورحيم ، ومحلّل للحرام ومحرّم للحلال ، وصاعد ونازل ، ومشرق ومغرب. كلّ ذلك وما إليه يعرض له في لحظات وثوان، انظر الجزء الرابع من النجوم الزاهرة لأبي المحاسن ، والحاكم بأمر الله لعنان.
٦. حسن إبراهيم في تاريخ الدولة الفاطمية ص ۳۷٦ طبعة ثانية.
۷. المصدر السابق ص ٦٥۲.
۸. تاريخ الشيعة للشيخ المظفر.
المصدر: كتاب الشيعة في الميزان