نارام سرجون: جيش الاسلام في البقعة النووية .. انتحار شمشون الدوماني

السبت 7 إبريل 2018 - 07:41 بتوقيت غرينتش
نارام سرجون: جيش الاسلام في البقعة النووية .. انتحار شمشون الدوماني

أنا على يقين أن من يعلن العصيان في دوما لا يعرف ما الذي يجري حوله .. فالمدينة مطوقة ومحاصرة باحكام كالقدر .. كما أن خط بارليف الذي أقيم في جوبر عين ترما وحرستا وغيرها قد انهار وتم عبوره بالجيش السوري في ساعات قليلة ..

مقالات - الكوثر

 

فخط بارليف المحيط في جوبر كانت وظيفته حماية دوما عاصمة القوى الوهابية المرتبطة مباشرة بالسعودية .. حيث زنّرت السعودية دوما بحزام من جبهة النصرة وأحرار الشام .. وفيه تتحمل هذه التنظيمات كل الهجمات وتمتصها لتبقى القوى الوهابية آمنة من السقوط .. وتبقى دوما في منأى عن الالتحام المباشر مع الجيش السوري وقوته النارية .. ولعبت البلدات الملاصقة لدمشق الخاضعة لسيطرة النصرة وأحرار الشام دور خط بارليف في سيناء او خط آلون العصي على الجبهة السورية في حرب تشرين عام 1973 ..

 

خطوط الدفاع الإرهابية كانت مجهزة بعشرات الأنفاق العملاقة تحت الأرض والتي جعلت اقتحام المنطقة مستحيلا بالهجوم المباشر .. لكن الجيش السوري اختار الهجوم على الأنفاق من الخلف عبر عملية كوماندوس معقدة التفافية واستعمال الخلايا النائمة في الغوطة .. ففصلها عن عمق الغوطة وقطع أوصال القوى المسلحة الارهابية .. فصارت الأنفاق المطلة على تخوم العاصمة مثل رؤوس أفاع مقطوعة يفصلها عن جسدها الطويل كتل من الدبابات السورية وفرق الاقتحام .. فاستسلم الارهابيون من فيلق الرحمن .. وأحرار الشام .. وصعدوا في الباصات الخضراء ..

 

اليوم تبدو دوما مثل جزيرة صغيرة في بحر من القوات العسكرية الضاربة .. وتبدو عملية المقاومة فيها بلا جدوى .. ولكن دوما تتصرف وكأنها هي التي تحاصر دمشق وتحاول ان تفرض شروطها .. رغم أن المعركة مع جيش الإسلام الآن ستعني فناءه بالكامل حيث سيتعرض الى عملية إبادة اذا عاند القدر .. لأن أرض المعركة تغيرت منذ سقوط خطوط بارليف .. ولأن للجيش خلايا نائمة تنتظره في دوما وتنتظر ساعة الصفر .. كما أن الانفاق في دوما لم تعد أسرارا .. وخرائطها صارت مكشوفة بدليل ان أنفاق جوبر وعين ترما تم قطعها من الخلف في ساعات لأن الجيش كان على دراية باسرارها ومخابئها وتحصيناتها وتمويهاتها ..

 

ينتظر جيش الإسلام المعجرة ليتم إنقاذه .. كما انتظر موشي دايان خبر ثغرة الدفرسوار .. التي كان يعدها هنري كيسنجر مع أنور السادات للدخول في اتفاق لاخراج مصر من الصراع وتغييبها في كامب ديفيد ..

 

ثغرة الدفرسوار هي سيناريو لايقاف تقدم الجيش السوري ربما باستعمال المخطوفين السوريين .. ولكن إصرار الحلفاء على اقتلاع كل الوهابية السعودية من محيط دمشق لن يتوقف أمام أي سيناريو ..

 

ما يفسر التعنت في الغوطة هو ان السعودية تدرك انها خرجت نهائيا من معادلة دمشق ويبدو ان تقرير مصير جيش الإسلام تسبب في أن تقع السعودية في حيرة الخيارات .. فجيش الإسلام خارج الغوطة وعلى حدود تركيا سيصبح بلا فائدة لها .. وسيكون خارج الغوطة في ادلب أو جرابلس خارج سيطرتها التامة لأن تركيا لن تقبل باي تنظيمات إسلامية مسلحة لا يكون ولاؤها لتركيا أو للاخوان المسلمين .. وجيش الإسلام سيكون شوكة في حلق تركيا لصالح السعودية وهي لن تقبل به الا اذا امسكت ولاءه المطلق لها .. كما أن السعودية تدرك ان جيش الإسلام سيغير ولاءه بمجرد انه يصبح تحت رعاية دولة أخرى تنفق عليه .. فهذه التنظيمات توالي ولي نعمتها ومن يرعاها .. وتغير بيعتها كل يوم حسب الراعي وحسب السوق .. فاتخذت السعودية قرارا بابادة جيش الإسلام عبر دفعه لخوض معركة خاسرة وانتحارية مع الجيش السوري ..

 

يبدو أن السعودية قررت القاء جيش الإسلام في المحرقة والتخلص منه .. فالحصيف والعاقل اذا نظر الى الخريطة العسكرية لا يمكن أن ينصح جيش الإسلام الا بالاستسلام لأن لا منجاة من ضربة الجيش السوري ونسبة النجاة هي صفر .. واذا اردت استعمال تعبير أرسله لي صديق بريطاني فهو أن جيش الإسلام في نقطة تشبه نقطة سقوط القنبلة النووية .. حيث لا نجاة من الموت الحتمي .. شمشون هنا لا يقتل نفسه وأعداءه .. بل ينتحر في بقعة نووية .. ولا ذنب لنا في ما سيحصل لجيش الاسلام .. فما سيحل به سيبقى في رقبة السعودية التي قررت نحره كالقربان والكبش ..

 

نارام سرجون / شام تايمز

110