عن الحسن الزيات البصري قال: دخلت على أبي جعفر الباقر عليه السلام أنا وصاحب لي، وإذا هو في بيت مُنجَّد(1) وعليه ملحفة وردية، وقد حف لحيته، واكتحل، فسألناه عن مسائل فلما قمنا قال: لي يا حسن، قلت: لبيك.
قال: إذا كان غدا فائتني أنت وصاحبك.
فقلت: نعم جعلت فداك.
لقد كانت رسالة التبليغ لدين الإسلام وتعالمية على عاتق النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة من ذريته عليهم السلام، فكانوا بأنفسهم يطبّقون تعاليم الإسلام؛ لأنهم القدوة في كل شيء وفي نفس الوقت لا يجعلون أنفسهم في محل شبهة، وإذا لاحظوا أن الطرف المقابل يشعر بشيء في قلبه كانوا يبينون له خفايا الأمور، ويكشفون عن الواقع للطرف المقابل.
يقول الحسن الزيات البصري: فلما كان من الغد دخلت عليه ،وإذا هو في بيت ليس فيه إلا حصير، وإذا عليه قميص غليظ، ثم أقبل على صاحبي، فقال: يا أخا أهل البصرة إنك دخلت علي أمس، وإنا في بيت المرأة، وكان أمس يومها، والبيت بيتها، والمتاع متاعها، فتزينت لي على أن أتزين لها، كما تزينت لي، فلا يدخل قلبك شيء. فقال له صاحبي: جعلت فداك قد كان –والله- دخل في قلبي شيء، فأما الآن فقد –والله- أذهب الله ما كان، وعلمت أن الحق فيما قلت.(2)
وفي رواية أخرى أن الإمام الباقر عليه السلام تلا هذه الآية المباركة: (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ).(3)
عن الحسن بن جهم أنه قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام اختضب فقلت: جعلت فداك اختضبت؟ فقال عليه السلام:
"نعم إن التهيئة مما يزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفّة بترك أزواجهن التهيئة ثم قال: أيسرّك أن تراها على ما تراك عليه إذا كنت على غير تهيئة؟ قلت: لا قال: فهو ذاك".(4)
إذن من حقوق الزوجة على زوجها هو التطيب والتجمل والتزين، لا في وقت الفراش فقط، بل كما يريد الزوج أن تتزين وتتطيب وتتجمل له امرأته في كل وقت، بل ويغضب جداً وربما يعلن الشكوى، فيجب عليه هو الآخر أن يكون متطيباً متجملاً متزيناً لزوجته. من أين ذلك؟ من كتاب الله سبحانه وتعالى: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }(5)
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: (إني لأحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي امرأتي).
الهوامش:
1ـ من يزين البيت بالسُّتور والفُرُش ويحشو الوسائد.
2ـ الكافي: ط الاسلامية، ج 6، ص 449.
3ـ سورة الأعراف: 32.
4ـ الكافي، ج5، ص567.
5.سورة البقرة : 228.
المصدر: من مواقع مختلفة بتصرف