أنس القاضي
مُدانٌ، وغيرُ مستغرَبٍ ما تقومُ به دولُ الخليج الفارسي من عملية تطبيع مع الكيان الصهيوني وإظهاره، في الوقت الذي تسعى به الحكومة الصهيونية إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل تام، بما يتجاوز حتى قرارات “الشرعية” الدولية رغم أنها قراراتٌ ظالمة، فليس من قبيل الاعتدال تطبيعُ الخليجيين مع الكيان الصهيوني، انطلاقاً من قبول السلام العربي الإسرائيلي ورفض إلقاء الإسرائيليين إلى البحر، بل إن هذا التطبيعَ الخليجي من قُبيل معاونة الصهاينة على أخذ كُلّ الحقوق الفلسطينية والإلقاء بالفلسطينيين والعرب إلى صحراء سيناء!
المنشأُ الرئيسي للتطبيع الخليجي مع إسرائيل، هو أن الخليجيين اندمجوا بذات الأوساط الامبريالية التي اندمجت بها البرجوازية اليهودية فاكتسبوا ذات الصفات الشوفينية العدوانية، وهي الأوساط الاحتكاريةُ في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأُخْـرَى، وغدت اليوم المصلحة الخليجية من جنس المصلحة الصهيونية، فقائمة أصدقائهم واحدة وقائمة أعدائهم أيضاً موحدة وهي محور المقاومة وفصائل المقاومة، مهما حاول الخليجيون تصوير عدائهم بأنه (عربي) ضد (فارسي) و(سُنّي) ضد (شيعي).
ويُمكننا اليوم أن نطلق على الخليجيين صهاينة العرب وأن نعتبرهم كذلك دون أن يكونَ في هذا المفهوم ظلماً، ويقدم قائد الثورة البلشفية فلادمير لينين توصيفاً علمياً للصهيونية المعاصرة التي تتماثل بكل خصائصها مع واقع الدول الخليجية العدوانية والتوسعية، يقول لينين:
“الصهيونية تشكل تياراً رجعياً للبرجوازية اليهودية حظت بدعم جماعي من قبل قوى الإمبريالية في العالم، وبعد أن استوعبت أكثريةَ تيارات القومية البرجوازية اليهودية وأَصْبَحت تشكِّلُ فيها التيارَ السائدَ، واتسمت بصفات رجعية جديدة، والصهيونية المعاصرة هي أيديولوجية، ومنظومة متشعّبة من المنظمات، وممارسة سياسية للبرجوازية اليهودية الكبيرة التي اندمجت بالأوساط الاحتكارية في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الامبريالية الأُخْـرَى، والمحتوى الرئيسي للصهيونية هو الشوفينية النزّاعة إلى الحرب، والعِداء”.*
*دراسةٌ حول أيديولوجية وتنظيم وممارسة الصهيونية، يوري ايفانوف، من منشورات وكالة أنباء نوفوستي. الاتحاد السوفييتي 1982.
المصدر: موقع يمانيون