زينب الكبرى(ع)...الصديقة الصغرى

الأحد 1 إبريل 2018 - 13:52 بتوقيت غرينتش
زينب الكبرى(ع)...الصديقة الصغرى

في مثل هذه اللحظات المصيرية، كانت راية الحقّ متمثّلة فيمن بقي من أهل البيت، والسبايا الذين كان عليهم أن يواجهوا أيّام الأسر المريرة بثبات منقطع النظير...

السيد عباس نورالدين

لزينب بنت علي بن أبي طالب (عليهما السلام) شأن عظيم يظهر في مواقفها البطولية التي يعجز اللسان عن وصفها والعقل عن تقديرها. لكن ما يلفت نظرنا بشكل خاص هو ما بلغته هذه السيدة العظيمة من قدرات وخصائص جعلها تقود ـ في أحرج المواقف وأشدّ اللحظات التي يمكن أن تمر بها أمّة ـ قافلة الحقّ الوحيدة في العالم..

أجل، فقد كانت زينب الصديقة الصغرى  بنت علي أمير المؤمنين و فاطمة الصديقة الكبرى المسؤولة الأولى عن بقية العترة وجبهة الحقّ التي وقفت بوجه أعتى قوى التاريخ وأشدّها ظلمًا. وذلك بعد شهادة أخيها الحسين بن علي في كربلاء، وحين اقتضت الحكمة الإلهيّة عدم ظهور ابنه الإمام السجّاد وقيامه بالأمر لوقتٍ محدود، لشدّة مرضه وإعيائه..

في مثل هذه اللحظات المصيرية، كانت راية الحقّ متمثّلة فيمن بقي من أهل البيت، والسبايا الذين كان عليهم أن يواجهوا أيّام الأسر المريرة بثبات منقطع النظير. كل ذلك لكي ينقلوا للعالم وللأجيال اللاحقة حقيقة ما جرى في كربلاء وما تضمّنته من أهداف وقيم كبرى. ولو قُدّر أن تنهار هذه القافلة لأيّ سببٍ كان، لما كنّا سنشهد الكثير من الحقائق المرتبطة بتلك النّهضة أو نرث تعاليمها وإنجازاتها.
وكل ذلك وقع في وقت معيّن على عاتق زينب الكبرى عليها السلام. فكانت أعظم قائد لأشدّ اللحظات التي يمكن أن تمر بها جماعة الحقّ ومسيرة الرسالة على مدى العصور والأزمنة.
ويجمع المحلّلون لوقائع ما بعد شهادة الحسين عليه السلام بأنّ ما لاقاه الذين بقوا من معسكره لا يمكن لأيّ إنسان أن يتحمّله إلّا إذا كان متّصلًا بروح القدس الأعظم. وقد كانت زينب الكبرى العنوان الأبرز لهذا الاتّصال.

لقد كانت زينب الكبرى قائدة المواقف العظيمة التي يعدّها عقلاء العالم في الدرجة الأولى ويراها المحلّلون التاريخيّون أشدّ اللحظات التي تجري على أي مسيرة نضالية.
لهذا، لا نشك لحظة بأنّ زينب الكبرى عليها السلام أظهرت في تلك الأيّام ما يمكن أن يتمتّع به القادة العظام من خصائص ومميّزات القيادة. وإنّما يتجنّب البعض التطرّق إلى هذه القضية من هذا البعد لاعتبارات عقائدية أو كلامية تتطلّب تنقيحات وتوضيحات.

فحين نتحدّث عن قيادة زينب الكبرى لا نقصد أنّها بلغت من حيث مميّزات الشخصية ما بلغه المعصومون الأربعة عشر. فلهذا بحثٌ كلاميّ مفصّل.
ولا نقصد أنّها كانت في مقام الولاية العظمى والمنزلة العليا عند الله، والتي كانت لهؤلاء الأطهار (حيث ترجح الأدلّة كونهم في منزلة لا يدانيهم فيها أحد).
لكنّنا نتحدّث عن مميّزات قيادية عظيمة تجعل هذه السيدة العظيمة من جيل الأئمّة الربّانيّين الذين كان لهم دور القيادة الرسالية ودور قيادة سفينة أهل الحقّ في أحلك الظروف وأشدها.
هكذا ننظر إلى هذه السيدة العظيمة التي هي تجلٍّ أرفع لمدرسة أهل البيت الأطهار. وبهذا الاعتبار ندرك مدى عظمة التربية الرسالية التي تستطيع أن تصنع شخصية فريدة كالسيدة زينب عليها السلام.

حان الوقت للإطلالة على هذا الجانب المشرق بعيدًا عن المهاترات الكلامية والجدالات الواهية. عسى أن ندرك بعض أسرار تلك المدرسة الرسالية العظيمة.

المصدر: مركز إسلامنا