* علي بن الحسين :
رواه ابن حجر العسقلاني ، ثم قال : « وأصل الحديث في الصحيح من حديث المسور أنه حدث به علي بن الحسين" .
وفي هامشه : « قال البوصيري : رواه الحارث بسند منقطع ضعيف لضعف علي ابن زيد بن جدعان . وأصله في الصحيح من حديث المسور"
قلت : سنتكلم عن حديث المسور بالتفصيل .
* عبد الله بن الزبير :
رواه الترمذي وأحمد والحاكم وأبونعيم (1) عن إيوب السختياني عن ابن أبي مليكة عنه .
قال الترمذي : يحتمل أن يكون ابن أبي مليكة سمعه من المسور وعن عبد الله بن الزبير جميعا .
قال ابن حجر : « ورجح الدارقطني وغيره طريق المسور وهو أثبت بلا ريب ، لان المسور قد روى في هذا الحديث قطعة مطولة قد تقدمت في باب أصهار النبي .
نعم ، يحتمل أن يكون ابن الزبير سمع هذه القطعة فقط ، أو سمعها من المسور فأرسلها » (2)
قلت : إن كان قد سمعها من المسور فسنتكلم عن حديث مسور بالتفصيل ، وإن كان هو الراوي للحديث بأن يكون قد سمع رسول الله صلي الله عليه [ وآله ] وسلم وهو طفل لانه ولد سنة إحدي من الهجرة (3) فحاله في البغض لعلي وأهل البيت بل للنبي نفسه معلوم .ثم إن الراوي عنه « ابن أبي مليكة » مؤذنه كما ستعرف .
* عروة بن الزبير :
أخرجه أبو داود بسنده عن الزهري عنه . ولم أجده عند غيره .وهو منكر : لانه مرسل ، لان عروة ولد في خلافة عمر .ولان عروة كان من المشهورين بالبغض والعداء لامير المؤمنين عليه السلام كما ستعرف في خبر حول الزهري ، وحتى أنه حضر يوم الجمل مع أصحابه على صغر سنه .(4)
ووضع حديثا في فضل زينب بنت رسول الله صلي الله عليه [ وآله ] وسلم جاء فيه :
"فكان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : هي خير بناتي .فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فانطلق إليه فقال : ما حديث بلغني عنك أنك تحدثه تنتقص حق فاطمة ؟! فقال : لا أحدث به أبدا ."
قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .(5)ولأن الراوي عنه هو « الزهري » وستعرفه .
* محمد بن علي :
وهو ابن الحنفية . رواه أحمد ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار عنه .. وهذا لم أجده إلا في الفضائل لاحمد ، فلم يروه غيره ولا هو في مسنده فيما أعلم ...وقد ذكر محقق الفضائل في هامشه : إنه مرسل ، ومحمد بن الحنفية لم يسنده .
قلت : وذلك لان عمرو بن دينار لم يسمع من محمد بن علي ؛ ولذا لم يذكروا محمدا فيمن روى عنه عمرو بل نصوا على عدم سماعه من بعض من عد منهم ، فابن عباس مثلا أول من ذكره ابن حجر فيمن روى عنه ، ثم نقل عن الترمذي أنه قال : قال البخاري : لم يسمع عمرو بن دينارمن ابن عباس حديثه عن عمر في البكاء على الميت . قال ابن حجر : قلت : ومقتضى ذلك أن يكون مدلسا .(6)
هذا من جهة إرساله ...ومحمد بن علي عليه السلام لم يكن من الصحابة ، وقد تزوج أمير المؤمنين عليه السلام بأمه بعد وفاة الزهراء عليها السلام بزمن .
* سويد بن غفلة :
أخرج حديثه الحاكم عن أحمد بسنده عن الشعبي عنه ، ولم أجده عند غيره وقد صححه .
لكن قال الذهبي في تلخيصه : مرسل قوي .وذلك لان سويدا لم يدرك النبي صلىي اله عليه [ وآله ] وسلم ، فإنه قدم المدينة حين نفضت الايدي من دفن رسول الله صلي الله عليه [ وآله ] وسلم .فالعجب من الحاكم كيف صححه ؟! ومن الذهبي أيضا ، إذ يرويه عن أحمد بسنده عن الشعبي عن سويد بن غفلة . ساكتا عنه ! .(7)
ومن ابن حجر القسطلاني أيضا ، كيف وافقا الحاكم على صحة سنده مع تصريحهما بأن سويدا لم يلق النبي صلي الله عليه [ وآله ] وسلم ! .(8)وكذا من العيني ! .(9)
* عامر الشعبي :
أخرجه عنه عبد الرزاق بن همام كما في كنز العمال وابن أبي شيبة في المصنف كما تقدم ، إذ هو المراد من قوله : « ... عن عامر » وأحمد في الفضائل .ومن المعلوم أن الشعبي مات بعد المائة ، والمشهور أن مولده كان لست سنين خلت من خلافة عمر .(10)فالحديث بهذا السند مرسل .
ولعله يرويه عن سويد بن غفلة ، وهكذا أخرجه الحاكم وأحمد كما تقدم عن الذهبي ، وقد عرفت أنه مرسل كذلك .
هذا بغض النظر عن قوادح الشعبي ، والتي أهمها كونه من الوضاعين على أهل البيت ، فقد رووا عنه أنه قال : « صلى أبوبكر الصديق على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فكبر عليها أربعا(11) وأنه قال : إن فاطمة لما ماتت دفنها علي ليلا وأخذ بضبعي أبي بكر فقدمه في الصلاة عليها (12) فإن هذا كذب بلا ريب ، حتى اضطر ابن حجر إلي أن يقول : « فيه ضعف وانقطاع » (13)
وكونه من حكام وقضاة سلاطين الجور كعبد الملك بن مروان وغيره المعادين لاهل البيت الطاهرين .
وأنه روى عن جماعة كبيرة من الصحابة ، وفيهم من نصوا على أنه لم يلقهم ولم يسمع منهم ، كعلي عليه السلام وأبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وام سلمة وعائشة !ثم إن الراوي عنه « زكريا بن أبي زائدة » قال ابن أبي ليلي : ضعيف .
وقال أبو زرعة : صويلح يدلس كثيرا عن الشعبي .
وقال أبو حاتم : لين الحديث كان يدلس ، ويقال : إن المسائل التي كان يرويها عن الشعبي لم يسمعها منه
وقال أبو داود : يدلس .
وقال ابنه يحيي بن زكريا : لو شئت سميت لك من بين أبي وبين الشعبي ! » .(14) والراوي عنه ولده يحيي : مات بالمدائن قاضيا لهارون . وقال أبو زرعة : قلما يخطئ فإذا أخطأ أتى بالعظائم . وعن أبي نعيم : ما هو بأهل أن يحدث عنه .(15)
* ابن أبي مليكة :
رواه عنه عبد الرزاق بن همام كما في كنز العمال .
لكنه مرسل .
وهو يرويه إما عن المسور ، وإما عن عبد الله بن الزبير ، وإما عن كليهما جميعا كما احتمل بعضهم ...
اما حديث ابن الزببر فساقط بسقوطه نفسه ، وأما حديث المسور فسنتكلم عليه .
* رجل من أهل مكة :
الذي عند أحمد : « عن أبي حنظلة أنه أخبره رجل من أهل مكة " .
والذي عند الحاكم : « عن أبي حنظلة رجل من أهل مكة " .
فمن « أبوحنظلة » ؟ ومن « الرجل من أهل مكة » ؟
أما الحاكم فقد رواه ساكتا عنه !
لكن الذهبي تعقبه بقوله : « قلت : مرسل " !
ثم إن الراوي عنه بواسطة إسماعيل بن أبي خالد الاحمسي هو : « يزيد بن هارون » ... قال يحيي بن معين : « يدلس من أصحاب الحديث ، لانه لا يميز ولا يبالي عمن روي » .(16)
* الكلام عن حديث مسور :
لكن الطريق الذي إتفق عليه أصحاب الصحاح كلهم هو الاول ، وهو وحده الذي أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (17) وابن ماجة . وانفرد الترمذي بروايته عن ابن الزبير ، وقد عرفت تنبيهه على ذلك ، وانفرد أبوداود بروايته عن عروة ، وقد عرفت مافيه .
فالمعتمد والاصح عندهم جميعا هو حديث المسور بن مخرمة ... !
ثم إن روايات القوم عن مسور تنتهي إلى :
1- علي بن الحسين . وهو الامام زين العابدين عليه السلام .
2-عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة .
والراوي عن الامام زين العابدين عليه السلام ليس إلا :
محمد بن شهاب الزهري .
والراوي عن ابن ابي مليكة :
1- الليث بن سعد .
2- أيوب بن أبي تميمة السختياتي .
ثم إن الدارمي (18) والبخاري ومسلما وأحمد وابن ماجة .. يروونه عن ابي اليمان عن شعيب عن الزهري .
ويرويه البخاري ومسلم وأبوداود وأحمد عن الوليد بن كثير عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن الزهري .
ويرويه مسلم عن النعمان عن الزهري .
ونحن لا يهمنا البحث عن أبي اليمان وهو الحكم بن نافع وروايته عن شعيب وهو ابن حمزة كاتب الزهري وراويته (19) مع أن العلماء تكلموا في ذلك ، حتي قال بعضهم : لم يسمع أبواليمان من شعيب ولا كلمة (20) وإن الرجلين كانا من أهل حمص ، وهم من أشد الناس على أمير المؤمنين عليه السلام في تلك العصور ، ويضرب بحماقتهم المثل .(21)
ولا يهمنا البحث عن الوليد بن كثير وكان إباضيا .(22)
ولا عن أيوب ، ولا عن الليث الذي كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم فحدثهم بفضائل عثمان فكفوا ! .(23)
ولا عن النعمان وهو ابن راشد الجزري الذي ضعفه القطان جدا . وقال أحمد : مضطرب الحديث . وقال ابن معين : ضعيف . وقال البخاري وأبوحاتم : في حديثه وهم كثير . وقال ابن أبي حاتم : أدخله البخاري في الضعفاء . وقال أبوداود : ضعيف ؛ وكذا قال النسائي والعقيلي .(24)إنما نتكلم في ابن أبي مليكة والزهري .
إذن بعد التدبر في الحديث المزعوم و دراسة أسانيده، تبين لك أيها القارئ العزيز أن حديث خطبة أمير المؤمنين عليه السلام ابنة ابي جهل على حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده الزهراء الطاهرة سلام الله عليها هو حديثا موضوع ، وقضية مختلقة ، وحكاية مفتعلة ... يقصد من ورائه التنقيص من النبي في الدرجة الأولى ، ثم من على والصديقة الكبرى..إنه حديث اتفقوا على إخراجه في الكتب ... لكنه مما يجب إخراجه من السنة !!
الهوامش:
(1)حلية الاولياء 2 / 40 .
(2)فتح الباري 7 / 68 .
(3)أنظر ترجمته .
(4) تهذيب التهذيب 7 / 166 .
(5)مجمع الزوائد 9 / 213
(6)تهذيب التهذيب 8 / 27 .
(7) سير أعلام النبلاء 2 / 124
(8)إرشاد الساري 8 / 114 ، فتح الباري 268 / 9 .
(9) عمدة القاري 20 / 211 .
(10)تهذيب التهذيب 5 / 59 .
(11) طبقات ابن سعد 8 / 29 .
(12) كنز العمال 13 / 687 .
(13) الاصابة 4 / 379 .
(14)تهذيب التهذيب 3 / 285 .
(15) تهذيب التهذيب 11 / 184 .
(16) تهذيب التهذيب 11/322 .
(17) خصائص أمير المؤمنين علي : 245 .
(18) مر وقوعه في سند الرواية الثالثة مما رواه مسلم ، فراجع .
(19)تهذيب التهذيب 4 / 307 .
(20)تهذيب التهذيب 2 / 380 .
(21)معجم البلدان 2 / 304 .
(22) تهذيب التهذيب 11 / 131 .
(23) تهذيب التهذيب 8 / 415 .
(24) تهذيب التهذيب 10 / 404 .
المصدر: موقع حوزة