محمد حمزة الخفاجي
من المؤكد أن الله سبحانه وتعالى حينما يَمنُّ على عبد من عباده ويجعل له فضائل وكرامات فإن ذلك عن استحقاق، فالله سبحانه لا يميز بين عبد وآخر إلا بالتقوى وقد ورد ذلك في القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[1]، فأكرم العباد إلى الله وأتقاهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وأتقى الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقد جعل سبحانه لأمير المؤمنين (عليه السلام) فضائل جمة تشهد بها جميع الخلائق من جن وإنس وملائكة، فمن اعترف وأقر بفضيلة من فضائل علي(عليه السلام) غفر الله ذنوبه جميعا، ومن كتب فضيلة أو قرأ فضيلة للإمام علي (عليه السلام) وكَّل الله ملائكة تستغفر له ذنوبه حتى يمحى ما كتبه بحقه، ويؤيد ذلك ما جاء به الصدوق رحمه الله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: ((إن الله جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثيرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقى لذلك الكتاب رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر ثم قال: النظر إلى [ أخي ] علي بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه))[2].
يظهر أن النبي (صلى الله عليه وآله) وضع شروطاً مقابل أن ينال العبد هذا الثواب الجزيل ومن هذه الشروط الإقرار بهذه الفضيلة فمن أقر واعترف بفضيلة من فضائل علي (عليه السلام) عن محبة غفر الله له ذنوبه، أما من يقر بلسانه وهو منكر أو مبغض لأمير المؤمنين (عليه السلام) بقلبه فلا ثواب له لأن كثيراً من أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) كانوا يتحدثون بمناقبه وفضائله، فهذه الفضائل لا تنكر، فهم مجبورون على التحدث بها لذا وضع سبحانه شروطاً لقبول الأعمال فلا يقبل عمل إلا بالنية ولا يكتمل إيمان عبد إلا بولاية علي (عليه السلام) ولا يتقبل سبحانه من عبد إلا بمحبة علي (عليه السلام) وهذا ما صرح به نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله).
إن ذكر علي (عليه السلام) عبادة والله سبحانه بلا شك سيجازي العابدين في الدنيا والآخرة وقد ورد فيما مرَّ أن الله يغفر الذنوب جميعها لمن ذكر فضيلة من فضائل سواء كتبها ام قرآها ونحن نعلم أن الاستغفار أمان أهل الأرض فالله سبحانه بفضل ذكر علي (عليه السلام) يدفع البلاء ويزيد الرزق ويجعل عاقبة العبد على خير فذكر علي (عليه السلام) له آثار كثيرة وكبيرة ولولا ذلك لما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكر علي عبادة، فالله سبحانه وتعالى جعل في هذا الاسم بركة وعافية وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يردد ويكرر هذا الاسم، كذلك العلماء وشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) يذكرون ويرددون أسم علي (عليه السلام) في سرائهم وضرائهم فبفضله تُزال الشدائد وهذا ما لمسناه نحن من خلال التجارب فنسأل الله أن يوفقنا في بث مناقب وفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ما حيينا.
وختاما: ونحن في زمن فيه وسائل النشر أسرع وأسهل من تلك الأزمنة، ولكن للأسف نجد هنالك تقصيرا كبيرا في بث هذه الفضائل فإن أكثر مواقع التواصل الاجتماعي منشغلة بقضايا دنيوية أكثر من ان تنشغل بذكر الآخرة، فلو أن الناس شغلوها بذكر علي (عليه السلام) الذي فيه خير الدنيا والآخرة لكان ذلك فيه صلاح الناس، لكن أكثر الناس في غفلة.
الهوامش:
(1)الحجرات: 13.
(2) الأمالي، الشيخ الصدوق، ص201.
المصدر: مؤسسة علوم نهج البلاغة