الإعلام وبرامج الترفيه في كلام السيد القائد

الأربعاء 28 مارس 2018 - 13:43 بتوقيت غرينتش
الإعلام وبرامج الترفيه في كلام السيد القائد

ومما يؤكد عليه في هذا الإطار، هو أن مسألة الترفيه أمر لازم، ولا بد منه، إلا أن ذلك لا يعني أن نقع في محذورين خطيرين...

لا بد من التوجيه الثقافي والأخلاقي في الإعلام، حتى في البرامج التي تعد للترفيه كالمسابقات، هذا ما يؤكد عليه سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله).

ومما يؤكد عليه في هذا الإطار، هو أن مسألة الترفيه أمر لازم، ولا بد منه، إلا أن ذلك لا يعني أن نقع في محذورين خطيرين:

الأول: أن يتحول الترفيه إلى تهتك وتهريج فارغ من المحتوى التوجيهي.

الثاني: أن لا تكون الجوائز التي تعطى للمشاهد على أمور تافهة، ولا تستحق قيمة الجوائز.

يقول (دام ظله الوارف):                                          

«إن البسمة من المقولات المهمة والضرورية جداً، فالحياة بلا ابتسامة حياة لا تطاق، قال الإمام علي (ع) (المؤمن بشره في وجهه)، فإذا أمكنكم إدخال السرور على المجتمع ببشركم، فعليكم المبادرة إلى ذلك، ولكن بأسلوب مدروس ومتقن.

وهذا لا يعني أن أسلوبكم لم يكن مدروساً، فقد قمتم بأعمال ايجابية كثيرة، وإنما يأتي كلامي تأكيداً على الإستمرار في ذلك، فعليكم أن تحذروا امتزاج إضحاك الناس بالابتذال والتهتك، فعليكم أن تلجأوا إلى إضحاك الناس من الطريق الصحيح، فأحياناً تؤثر الطرفة أو التعبير الجاري على سرعة البديهة أثرها في إضحاك السامع، في حين يبذل المتهتك قصارى جهوده المتكلفة دون أن يفلح بانتزاع ضحكة المشاهد.

إن القدرة على إضحاك الناس تعدّ من الفنون البارزة التي تقوم على استعراض المسائل الجادة بأسلوب ساخر.

كما أن المسابقات من جملة التسليات، وهي من الأمور الجيدة، ولكن ينبغي الالتفات إلى التبعات السيئة من الناحية القولية والعملية فيها، وأحياناً في الضحكات غير المبررة، ومن بين المسابقات المسابقة الهاتفية، حيث يتصل شخص ويُعطى جائزة لا لشيء، فقد شاهدت يوماً في واحدة من هذه المسابقات أن أعطي شخص خمسة ملايين توماناً، لأنه أجاب على بضعة أسئلة! وهذا المبلغ عبارة عن مجموع ما يتقاضاه الموظف على مدى ثلاث سنوات.

قد يقال: إن في هذا النوع من المسابقات والجوائز ترويج للعلم، إلا أن الأفضل أن يتم ترويج العلم بطريقة أخرى، لأن هذه الطريقة مضرة وغير منطقية ويساء الاستفادة منها؛ إذ ليس من المنطقي أو الضروري معرفة ماذا إذا كان الإنجيل عربياً أو يونانياً أو لاتينياً، حتى استحق على هذه المعرفة مليون تومان.

وعليه فإن مقولة التسلية وضرورتها شيء آخر، والتخطيط لها شيء ثالث، وكونها مفيدة شيء، وتجنب ما فيها من السلبيات شيء رابع» .(1)

الرقابة:

من الأمور التي تحتل مركزاً في صدارة المهمات التي تقع على عاتق الإعلام المرئي والمسموع الإسلامي، هي مسألة الرقابة. فالرقابة هي حجر العثرة الذي يوقف تسيب الأخلاق في الإعلام، كما وأنه يضبط الحدود الشرعية في ممارسة المهنة.

ويؤكد سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) في هذا الإطار على مسائل مهمة:

الأولى: أن لا يقتصر دور الرقابة على الإرشاد للحدود الشرعية في العمل الإعلامي.

الثانية: أن تكون الرقابة شاملة للأفكار التي يمكن أن تمرر في الأعمال الإعلامي والتي تدخل عقول الناس بطرق غير مباشرة.

الثالثة: أن تكون الرقابة منذ المراحل الأولى من الإنتاج، ليتفادى الوصول إلى مرحلة لا يمكن التراجع فيها. يقول (دام ظله الوارف):

"من بين وظائفكم التنفيذية هي الإشراف على المحتوى الكيفي للبرامج، ولكن لا ينبغي حصر هذه الرقابة وهذا الإشراف بالملاحظات الفقهية والشرعية، كأن لا يحدث تماس بين الفتى والفتاة أثناء التمثيل أو أن يكون بينهما فاصل إذا جلسا على الأريكة، فهذا وإن كان ضرورياً وينبغي أن يتم بأسلوب ذكي، إلا أنه لا ينبغي الاقتصار عليه، فلابد بالإضافة إلى ذلك من رقابة المحتوى من الناحية الكيفية أيضاً، فالفيلم الذي تدفعوه للمنتج كي يعدهّ لكم لابد من مراقبة محتواه. ومن جملة الأعمال الايجابية أن يتم تفقّد العمل أثناء الإنتاج للحيلولة دون هدر الأموال في الأمور التافهة، ليأتي دور التدارك بعد فوات الأوان، وعلى كل حال لابد من السعي الحثيث وراء الرقابة الكيفية للحيلولة دون الخطابات السلبية وغير الإيجابية» (2)

الخطاب المنسجم

من المسائل التي ينبه سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) الإعلاميين إليها، هي عدم تقديم الخطاب المتناقض، لأن ذلك يؤثر في عدم استقرار المفاهيم الإيجابية التي يراد إيصالها إلى عقل السامع أو المشاهد، فمن الخطأ الكبير أن يكون التركيز الإعلامي في فترة معينة على مسألة العفو والتسامح وثم نأتي لنبث فيلما يحكي عن الثأر والانتقام، إن الخطاب المتناقض بهذه الطريق سيجعلنا نراوح في مكاننا من دون أن نقدم للناس أي شيء يذكر يقول سماحته في هذا الصدد:

«لا بد من التنسيق في بيان الخطاب وأن يتم بأسلوب متتابع، فالاكتفاء بمقطع ومورد واحد لا يجدي شيئاً، فمن الضروري أن يتم إعداد كافة البرامج بشكل يعضد بعضها بعضاً حتى يتجذر فحوى الخطاب في المجتمع، إذ من الممكن أن نذكر أحياناً خطابات متناقضة، فنتحدث مثلاً حول العدالة الاجتماعية من جهة، وفي برنامج آخر نقوم بنقض العدالة الاجتماعية عملاً، حيث نشاهد أغلب المسلسلات تدور أحداثها في قصور فارهة! فهل حقاً يعيش غالب الناس في مثل هذه القصور؟ إذن، فما هي ضرورة ذلك؟

إن المسلسلات القديمة وإن لم تكن بالمستوى الكيفي الذي عليه المسلسلات الجديدة، إلا أنها كانت أقرب إلى الواقع حيث تعكس حياة الناس على واقعها وفي البيوت المتواضعة، وهذا هو الصحيح، فلا ضرورة إلى تعريف الحياة بأنها حياة ترف وبذخ.

إن بث الدعايات التي تدعو الناس إلى الاستهلاك تتناقض والبرنامج الذي انتخبتموه في نقد الاستهلاك وشجبه."(3)

الخلاصة : المحتوى الهادف

يخلص كل ما ذكرناه ـ من وظائف الإعلام المرئي والمسموع، كعلاقته بالأخلاق، والتدين، وكيفية استثمار البرامج الترفيهية، ومسألة الرقابة، وغيرها من الأمور ـ إلى أمرٍ أساسيٍّ واحد ألا وهو أن يكون المحتوى الذي يقدم من خلال الصوت والصورة محتوىً هادفاً.

وقد يظن بعض الناس أن توجيه البرامج في وسائل الإعلام يجعله مملاً، وبالتالي لن تشاهده الناس فكيف نوفق بين هاتين المسألتين؟

ومن هنا تأتي إرشادات الإمام الخامنئي الحكيمة والتي تضع الإصبع على موضع الجرح، حيث يقول (دام ظله) في هذا الإطار:

«عليكم أن تجعلوا دراسة المحتوى في كافة البرامج أمراً إلزامياً، فلابد أن تنطوي جميع البرامج التي تبثونها على رسالة وخطاب، وهذا لا يعني بالضرورة أن تكون البرامج مملّة ومضجرة، إذ بالإمكان إدراج الخطاب ضمن برنامج ممتع أو مسلً.

فليس ينبغي أن تخلو برامجنا من الخطابات السلبية فحسب، بل يجب عدم خلوها من الخطاب الايجابي، فلا تكون عقيمة، فلا بد من إدراج الهدف الذي تتعقبونه في المسلسل الذي تنتخبونه، والفيلم الذي تبثونه، واللقاء الذي تقيمونه، والمسابقة التي تعدونها، وفي الحوار الذي ينفع المجتمع، وأحياناً ينبغي دراسة موضوع بشكل حوار عام، فلا بد من توفير الأرضية لذلك»(4)

وكمثال على هذا الهدف يشير (دام ظله) إلى نماذج من ذلك حيث يقول:

«إن مشهداً لصلاة جماعة مهجورة يحضرها أفراد معدودون من العجزة الخاملين ليس من شأنه الترويج لصلاة الجماعة؛ وليس بكافٍ بثّ الأذان من قبل وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. شبابنا يشكّلون الآلاف من الصفوف العامرة بالحماس والتوجه وهم يقفون لأداء صلاة الجماعة على امتداد ربوع وطننا، والكثير ممن تتناقل الأفلام السينمائية تفاصيل حياتهم هم من المصلين المتضرعين المتهجدين، ولَكثيرة هي الحناجر التي يحركها الإيمان والتعبد فتترنم بالأذان حينما يحل أوان هذا النشيد المعنوي، وكثيرة هي الحشود التي تكفّ عن الأعمال اليومية وتتوجه صوب المساجد؛ هذه المشاهد جميعاً بوسعها أن تضفي صورة زاهرة من شأنها الترغيب في هذه الفريضة المنجية عبر النتاج الفنِّي.»(5)

التأثير غير المباشر:

كما أن التأثير من خلال المحتوى الهادف ليس من الضروري أن يكون بطريقة مباشرة، كأن نأتي ونقول للناس افعلوا هذا الأمر ودعوا ذاك، فهذا التوجيه لا يكون نافعاً في الكثير من الأحيان.

إن الطرق الحديثة تستطيع أن تحقق لنا أن نوصل الفكرة بطريقة غير مباشرة، وإلى هذا يشير سماحته بقوله:

«تلقين الخطابات والمفاهيم بأسلوب غير مباشر، وقد تحدثنا في هذا المجال مراراً وتكراراً، فأشاهد أحياناً في الأفلام الأجنبية خطابات ثقافية، وأحياناً دينية عجيبة لا يشعر الإنسان بها أبداً، فالفن هو أن ينقل الإنسان مراده بأروع أسلوب وأبلغه تأثيراً، دون أن يوجد أي امتعاض وتمنّع في المستمع أو المشاهد» (6)

تسليط الضوء على الأشخاص:

وفي هذا الإطار أيضاً لا بد من الانتباه إلى مسألة الشخصيات التي نقدمها للناس من خلال الوسائل الإعلام والمرئي والمسموع، فتسليط الضوء على الأشخاص لا بد وأن يكون بطريقة مدروسة، لما في ذلك من تقديم للقدوة لجيل الشباب خاصة والناس عامة، ومن الأمور التي أكد عليها الإمام الخامنئي (دام ظله)، عدم تسليط الأضواء على التافهين من الناس يقول سماحته:

«ينبغي الالتفات بشدة إلى ضرورة عدم تسليط أضواء الشهرة على الشخصيات غير الصالحة، فقد شاهدت أحياناً تسليط الضوء في الإذاعة والتلفاز  ومن أموال الناس على أشخاص يفتقرون إلى القيم العلمية والفنية، فما هو سبب ذلك؟

إنني أشاهد أشخاصاً غير أكفاء في مجال اختصاصهم، أو أنهم متوسطون فيه، ومع ذلك يتم تخصيص ساعة أو ساعتين من وقت التلفاز لبيان سيرتهم وسيرة أسرهم وماضيهم التافه! فلماذا؟

ومضافاً إلى هذا التساؤل، نقول إنه يترك تأثيراً سلبياً، لأنه يخلق من هذه الشخصيات أسوة تحتذى، فهل نريد أن نخلق من هذه النماذج أسوة ليحتذي بها الشباب؟»(6)

الهوامش:

(1) المناسبة: لقاء سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع رئيس ومدراء منظمة الإذاعة والتلفزيون.

(2) المناسبة: لقاء سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع رئيس ومدراء منظمة الإذاعة والتلفزيون.

(3) المناسبة: لقاء سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع رئيس ومدراء منظمة الإذاعة والتلفزيون.

(4) المناسبة: لقاء سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع رئيس ومدراء منظمة الإذاعة والتلفزيون.

(5) المناسبة: الملتقى السنوي الثاني عشر لإقامة الصلاة الزمان والمكان: 29 جمادى الثانية 1423هـ كرمان.

(6) المناسبة: لقاء سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع رئيس ومدراء منظمة الإذاعة والتلفزيون.

المصدر: دار الإعلام للولاية و الثقافة