وببداية شباط الماضي جاء قرار واشنطن بحظر تصدير السلاح والخدمات الدفاعية لجنوب السودان بسبب الحرب الاهلية، ووضعت واشنطن عددا من الشخصيات بجنوب السودان على القائمة السوداء من بينها القائد السابق للجيش وعدد من المسؤولين السابقين والحاليين ورجل أعمال ووزير الإعلام وقالت إنهم ساعدوا في إشعال الصراع الذي أثار أكبر أزمة لاجئين في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية في رواندا، الامر الذي جعل الاحتجاجات تشتعل في جوبا واستدعائها لسفيرها لدى الولايات المتحدة الأميركية للتشاور.
ومنذ أيام قليلة تقدمت دولة جنوب السودان بطلب الانضمام لجامعة الدول العربية، وبعدها جاء تلميح اميركي بفرض عقوبات جديدة على جوبا، وأمس الاثنين التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري الرئيس سيلفا كير بمقر الرئاسة بجوبا للتوقيع على مذكرة لإنشاء آلية للتشاور السياسي بين البلدين، ومقابلة لجنة تسيير الحوار الوطني التي قدمت مصر برنامجاً لدعم قدرات أعضائها مؤخرا، ثم افتتاح المركز الطبي بجوبا، وبعدها يسافر وزير الخارجية المصري للعاصمة الكينية نيروبي لمقابلة الرئيس الكيني أوهورو كينياتا ثم يلتقي وزيرتي الخارجية والدفاع الكينيتين.
في المقابل كان الحضور التركي يستمر في الشمال بالخرطوم، بعد الزيارة التي أجراها الرئيس التركي اردوغان بنهاية كانون الاول الماضي للخرطوم بصحبه وفد عسكري وامني ضخم، وهي الزيارة التي نتج عنها اتفاق بين الخرطوم وأنقرة لاتاحة الفرصة امام تركيا بتنفيذ مشاريع سياحية على جزيرة سواكن بالبحر الاحمر، وفي يوم السبت 10 آذار الجاري صرح مدير وزارة الاستثمار والصناعة السوداني بولاية البحر الاحمر (شرق) أحمد محمد طاهر بتوصل بلاده لاتفاق مع الحكومة التركية لتنفيذ منتجع «الرقبة» السياحي (16 كلم شمالي بورتسودان).
ولا يخفى على أحد رغبة أردوغان في اقامة قاعدة عسكرية بالسودان على البحر الاحمر كي تكون نقطة ترانزيت لما هو قادم من الجنوب، من قاعدتها بالصومال كي يكتمل الطريق شمالا متجها الى مصر او جنوب ليبيا عبر دارفور كما هو جاري الان، في ظل دعم قطري لكل مشاريع أردوغان العسكرية بمنطقة القرن الافريقي، كما أن التواجد الاسرائيلي بجنوب السودان حدث ولا حرج وسبب أتعاباً كثيرة لدول مصب النيل على كافة الاصعدة، كي تكون جنوب السودان احدى الساحات التي تشهد حرب شرسة خلف الكواليس، ولكن يبدو ان الشهور القليلة القادمة ستخرج تلك الحرب الى العلن.
فحقيقة الامر يحضر في الذهن قاله العميد متقاعد بالموساد موشية فارجية بكتابة «اسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان» عام 2002م، وما اشار له عن اهمية فصل العمق السوداني عن الوطن العربي ومصر تحديدا حسب توصيات ديفيد بن غوريون. وما صرح به رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست افي ديختير بمحاضرته عام 2008م، عندما قال: «هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة مصرة على التدخل المكثف في السودان، بما يؤدى الى استقلال الجنوب فيه، وتحديدا اقليم دارفور على غرار استقلال كوسوفو، وبالتالى يتم تقسيم البلد الى عدة كيانات مثلما حدث مع يوغوسلافيا التى انقسمت الى ست دول، وهذا المخطط ماض فى طريقه بنجاح، وستكون أولى ثمراته اعلان استقلال الجنوب قبل موعد اجراء الاستفتاء».
المصدر: الديار
101/23