ما لا تعرفه عن الصابئة!

الجمعة 9 مارس 2018 - 06:26 بتوقيت غرينتش
ما لا تعرفه عن الصابئة!

يرجع سبب هذا الاختلاف حول هذه الطائفة إلى إصرار أصحاب المعتقد أنفسهم على إخفاء تعاليمهم والامتناع عن الدعوة إليها واعتقادهم بوراثة الدين واختصاصه بهم وأن نبيّهم قد بعث إليهم فقط....

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى...﴾(1.

تعريف الصابئة:

تفاوتت التعاريف لبيان معنى الصابئة والمتحصل منها أن الصابئة تعني:

 أ- الخارج من دين إلى دين آخر، فيقال له صبًا أو صار صابئيًا. (2)." وكذلك صاحب مجمع البحرين في ج1 ص259 باب ما أوله الصاد، حيث يقول: قوله تعالى: ﴿ وَالصَّابِئِينَ﴾.. هو من (صبأ فلان) خرج من دينه إلى دين آخر و (صبأت النجوم) خرجت من مطالعها، وقيل إن أصل دينهم دين نوح (ع) فمالوا عنه. ثم يقول: وقيل الصابئون لقب لقّب به طائفة من الكفار يقال أنها تعبد الكواكب في الباطن، يدعون أنهم على دين صابئ بن شيث بن آدم (ع)."

 ب- أنها تعني المغتسل أو المصطبغ أو الغاطس في الماء وهو ما يسمى عندهم بالتعميد، فإن كلمة (صبا) أصلها (صبع) في لغتهم، ولذلك يطلق عليهم في بعض البلدان اسم المغتسلة، وأن هذا الاغتسال (التعميد) هو من الطقوس الدينية المهمة عندهم.

 وقيل عنهم أقوال أخرى منها:

- إنهم قوم يزعمون إتّباع النبي نوح (ع) ودينهم يشبه دين النصارى(3).

- إنهم قوم يعبدون الملائكة والكواكب والنجوم مع إقرارهم بالصانع الأزلي الخالق بالمعاد وببعض الأنبياء.

- إنهم أهل اعتقاد يأخذون من الديانات المحاسن ويخرجون من قبيح ما هم عليه.

وغير ذلك من الأقوال في بيان ماهيتهم.

وقد يقال: لماذا هذا الاختلاف في الآراء وعدم التمكن من معرفة حقيقة الصابئة وهم قد أشار لهم القرآن المجيد كأصحاب ديانة؟

ربما يرجع سبب هذا الاختلاف حول هذه الطائفة إلى إصرار أصحاب المعتقد أنفسهم على إخفاء تعاليمهم والامتناع عن الدعوة إليها واعتقادهم بوراثة الدين واختصاصه بهم وأن نبيّهم قد بعث إليهم فقط، وليس عندهم كتاب مطبوع بل إن كتبهم يتم استنساخها بينهم ومكتوبة بلغتهم المندائية. أبرز معتقداتهم:

يعتقد الصابئة بعدة أمور تشكل أركان عقيدتهم وهي:

1- التوحيد، فهم يعتقدون بوجود الإله الأزلي الواحد الخالق الذي لا تناله الحواس، ولكنهم يجعلون له وسائط لظهور فيوضاته وأفعاله في حركة الكون. ويعتقدون بأن دينهم هو أقدم الأديان على وجه الأرض.

2-يعتقد الصابئة بأنهم يتبعون تعاليم آدم (ع) وأن صحفه موجودة عندهم وتسمى (الكنز ربه) وأن الديانة قد دخلت عليها بعض التحريفات فجاء يحيى (يوحنا المعمدان) (ع) ليخلِّص العقيدة من الأمور الدخيلة.

3- الصلاة (براخا) وهي عندهم فرض على كل فرد يؤديها ثلاث مرات يومياً في الصبح قبل الشروق وعند الظهيرة والعصر، وهي تتضمن جملة من الأفعال والأذكار، ففيها القيام والركوع والجلوس على الأرض- ليس فيها سجود-ويسبق الصلاة طقس خاص يسمى (الرشما) وهو نوع من غسل الأطراف الرئيسية كطهارة للصلاة، ولا بد أن يتم في الماء الجاري، ويستقبلون في صلاتهم جهة الشمال لأنهم يعتقدون بوجود عالم الأنوار (الجنة) في تلك الجهة وأن النفوس في النهاية تعرج إليه لتنعم بالخلود إلى جوار ربها.

4- التعميد وهو الغطس في الماء، فهو رمز للطهارة والنقاء.

5-الصوم، وهو عندهم على نوعين:

أ- الصوم الكبير، وهو يختص بصوم الجوارح ويكون بالامتناع عن الفواحش والمحرمات وكل ما يسيء إلى علاقة الإنسان بربه، ويستمر هذا النوع طوال حياة الإنسان، وإن ارتكب فاحشة فعليه التطهر منها.

ب- الصوم الصغير، وهو يختص بعالم الحيوان، ويكون بالامتناع عن أكل لحوم الحيوانات أو ذباحتها لمدة 36 يوماً في كل سنة متفرقة فيها.

6- الصدقة (زدقا) وعندهم لها شروط خاصة: السرية وعدم الإخبار عنها لئلا يفسد ثوابها.  

كتبهم المقدسة:

ليس للصابئة كتب مطبوعة، فكتبهم تنتقل بالاستنساخ وبلغتهم المندائية (مندا/مندي: تعنى المعبد أو دار العلم والمعرفة) حيث يعتقدون أنها لغة آدم (ع) وأهم كتبهم المعروفة:

1-كنزه ربه: وهو يعني الكنز العظيم ويسمى أيضاً (سدرا آدم) أي صحف آدم وفيه جملة من التعاليم الدينية والآداب.

2- (دراشه) إديهيا: وهو الكتاب الذي يحوي تعاليم نبي الله يحيى بن زكريا (ع) بالاضافة إلى بعض من حياته وسيرته.

3- سدرا إدنشماثا: وهو الصحف الخاصة بالطقوس المتعلقة بالتعميد وبشؤون الموتى من دفن وحداد، وغير ذلك من الشؤون الاجتماعية.

4-أسفر (ملواشه): وهو كتاب يتعلق بالبروج ومسيرة الكواكب والتخييم وكشف الحوادث.

5- الديونان: وهو يحوي جملة من الفقرات الخاصة بالأذكار ويسمى بالديوان أيضاً ويحوي 24 ديواناً مختلفاً من الأذكار.

6- القلستا: وهو تراتيل خاصة بمراسم الزواج.

7-النياني: وهو كتاب خاص بالصلاة والأدعية.

 فرق الصابئة:

المعروف منها اثنتان فقط، حيث يشير كتاب الملل والنحل إلى انقراض فرقهم، وبعضهم قد اعتنق الإسلام...، وهاتان الفرقتان هما:

 أ- الحرانية: وهم من سكان منطقة حرّان، ويذهب بعض الباحثين من كتّاب الملل والنحل إلى أن هؤلاء ليسوا صابئة أصلاً بل كانوا على ملل أخرى من غير أهل الكتاب، وإنما انتحلوا هذه الديانة في فترة من العهد العباسي حماية لأنفسهم حيث يدفعون الجزية وترعى لهم الذمة. ويشير آخرون إلى أنهم صابئة ولا يختلفون عن الفرقة الأخرى وبذلك يكونون فرقة واحدة.

 ب- المندائيون/المنديون: وهؤلاء قيل عنهم بأنهم ممن تخلَّف من بعد الأسر البابلي على يد نبوخذ مصر ولكنهم آثروا البقاء على أرض العراق بعد أن حررهم الحاكم الفارسي قورش، واختلطوا بالمجوس فأخذوا عنهم بعض الأفكار والمعتقدات ومزجوها باليهودية والنصرانية، ولهذا صارت عقيدتهم خليطًا بين هذه الديانات والمعتقدات.

 وهؤلاء ينقسمون بدورهم من ناحية دينية واجتماعية إلى قسمين:

1-التاموريون، وهم الفئة المسؤولة عن المعابد وإحياء الشعائر وحفظ الدين.

2-المندائيون العوام.

 أماكن تواجدهم:

ينتشر الصابئة على قلة عددهم في مناطق الكوت والعمارة والناصرية والبصرة وبغداد وكذلك في المحمرة والأهواز بصورة رئيسية، ويسمون عند أهل العراق بـ(الصبة).

 حرفهم ومهنهم:

أشهر مهنهم ونشاطاتهم الصناعية هي المشغولات الذهبية والفضية بالإضافة إلى نشاط التجارة، فهم قد عرف عنهم براعتهم في الصياغة.

أعيادهم ومناسباتهم الدينية:

المعروف أن للصابئة سبعة أعياد يحتفلون بها، وهي:

1- دهواربا أو العيد الكبير:

وهو عيد السنة الجديدة، ويكون الاحتفال فيه بالمكث في البيوت لمدة 36 ساعة يحرصون فيها على أن يكونوا على طهارة وأن لا يقربوا شيئًا غير طاهر، فهذا العيد يمثل عندهم يوم خلق الرب نفسه بنفسه (مانا ربا) لذلك تصعد الملائكة لتقديم التهنئة فتخلو منهم الأرض، وتستغرق رحلة الذهاب 12 ساعة ويمكثون عنده 12 ساعة والعودة 12 ساعة كذلك.

2- عيد شوشيان (شيشلام) ويقصد به ليلة القدر عندهم حيث يبيت المتدينون ساهرين حتى الصباح في تهجد وعبادة ويستحم الآخرون تطهرًا وتبركًا ويعتقدون بأن الزاهد ينال مطلبه.

 3- دهوا حونينا أو العيد الصغير.

4- بروانا أو عيد البنجة ويستمر لمدة خمسة أيام وهذه المدة لا تحتسب ضمن التقويم السنوي بمعنى أن عدد أيام السنة لا تشمل هذه المدة.

5-دهوا ديمانه وهو عيد ميلاد يحيى (ع) (يوحنا المعمدان).

6-عيد الفل.

7- العاشورية.

أهم المحرمات عند الصابئة:

1-الكفر بالخالق ، 2- عدم أداء الفروض الدينية ، 3- القتل ، 4- الزنا وهو من موجبات النار ،5- السرقة.

6-الكذب وشهادة الزور ،7-خيانة الأمانة والعهد ، 8- الغيبة والنميمة ، 9- القسم بالباطل و 10- الإخبار بالصدقة ، 11- عبادة الشهوات ، 12- الشعوذة والسحر ، 13- الختان ، 14- شرب الخمر ، 15- الربا ، 16- البكاء على الميت ولبس السواد ، 17- تلويث البيئة ، 18- أكل الميتة وشرب الدم ، 19- أكل الحامل من الحيوان ، 20- أكل الجوارح والكواسر من الحيوانات ، 21-أكل الحيوان الذي هاجمه الحيوان المفترس،

22- الطلاق إلا في حالات خاصة جدًّا ، 23- الانتحار ، 24- الإجهاض ، 25- تعذيب النفس وإيذاء الجسد،

26-الزواج من غير الصابئة .

وامتاز الصابئيون ببراعتهم في الفلك والكيمياء والرياضيات، وكان صدام حسين قد منحهم وسام الطائفة الذهبية. وأشهر العلماء الصابئيين قديما ثابت بن قرة وسنان بن ثابت، أما في العصر الحديث فأبرزهم عالم الفيزياء العراقي عبد الجبار عبد الله، أول رئيس لجامعة بغداد وعالم الفلك عبد العظيم السبتي، وأيضًا الشاعرة لميعة عباس عمارة والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد.(4)

1- المائدة / 69.

2-وإلى هذا المعنى أشار الفيومي في المصباح المنير ج1 ص332 مادة صبي.

3-لسان العرب ج1 ص107 الطبعة الثالثة 1994 الرياض.

4- موقع noonpost         

المصدر:حوزة الهدى للدراسات الإسلامية