الجواب .. إن العلماء قد أجابوا عن هذه الشبهة ، وعن غيرها من الشبهات . غير أننا حول موضوع التوسل بالأنبياء والأوصياء ، نقول :
قد قال الله تعالى :﴿ ... وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ... ﴾ 1 .
وروي عن الإمام علي [عليه السلام] أنه قال في تفسير هذه الآية : أنا وسيلته 2 . .
وعن علي بن إبراهيم في تفسير الآية قال : تقربوا إليه بالإمام 3 .
وعن النبي [صلى الله عليه وآله] ، فيما يرتبط بالأئمة من ولد الحسين [عليه السلام] أنه قال : هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى 4 .
وروي في مسانيد أهل السنة : عن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضريراً أتى إلى النبي [صلى الله عليه وآله] ، فقال : ادع الله أن يعافيني .
فقال [صلى الله عليه وآله] : إن شئت دعوت ، وإن شئت صبرت ، وهو خير .
قال : فادعه .
فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ، ويصلي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء :
« اللهم إني أسألك ، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد ، إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى . اللهم شفعه فيّ » 5 .
يضاف إلى ما تقدم ، قوله تعالى : ﴿ ... وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾6.
وقد كان هذا الأمر معروفاً عند الناس ، ويمارسونه ، ولا ينكرهم عليهم أحد من المسلمين .
اقرأ ايضا: تحميل دعاء التوسل بصوت أباذر الحلواجي mp3
قال المجلسي[رحمه الله] : وقد روى جم غفير من علمائنا ، منهم شاذان بن جبرئيل . ومن المخالفين ، منهم أسعد بن إبراهيم الأردبيلي المالكي ، بأسانيدهم عن عمار بن ياسر ، وزيد بن أرقم ، قالا : كنا بين يدي أمير المؤمنين [عليه السلام] ، وإذا بزعقة عظيمة وكان على دكة القضاء . فقال : يا عمار ، إئت بمن على الباب . فخرجت ، وإذا على الباب امرأة في قبة جمل . وهي تشتكي ، وتصيح : « يا غياث المستغيثين ، إليك توجهت ، وبوليك توسلت ، فبيض وجهي وفرج عني كربتي . قال عمار الخ . . 7 .
والأدلة من الحديث والتاريخ على مشروعية التوسل بالأنبياء والأولياء كثيرة جداً ومتنوعة . .
وقد جمع العلامة الشيخ علي الأحمدي طائفة كبيرة جداً من الشواهد على ذلك في كتابه « التبرك » فراجعه إن شئت .
وأما دعوى الشرك في موضوع التوسل بالأنبياء والأولياء [عليهم السلام] ، فلا معنى لها . لأن المتوسل إنما يتوسل بالنبي والولي إلى الله سبحانه ليقضي حاجاته ، وكما أنه حتى حين يطلب حاجته من نفس أولئك الأبرار فإنما يفعل ذلك لمعرفته بأن الله سبحانه لا يردَّهم خائبين ، فهو يريد منهم أن يكونوا وسيلته إليه سبحانه ، حيث لا يجد في نفسه الأهلية للطلب منه تعالى مباشرة.
فهو إذن لا يعتقد : أنهم هم الذين يفعلون ذلك بقدراتهم الذاتية المستقلة عن الله ، وغير المرتبطة به سبحانه .
ويكون حال العبد حال ولد عاق ، سيء المعاملة لأبيه ، يطلب ممن له عند أبيه مكانة ، أن يتوسط له عنده ، لينال رضاه ، ويفوز ببعض منحه وعطاياه . . فلا شرك في البين . .
والحمد لله رب العالمين 8 .
******
1. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 35، الصفحة: 113.
2. تفسير البرهان ج1 ص469 .
3. تفسير البرهان ج1 ص469 وتفسير نور الثقلين ج1 ص520 .
4. تفسير نور الثقلين ج1 ص519 .
5. سنن ابن ماجة ج1 ص441 والجامع الصحيح للترمذي أبواب الأدعية ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج1 ص313 وتلخيص المستدرك للذهبي ، والجامع الصغير للذهبي ص59 والتاج الجامع للأصول ج1 ص286 ومسند أحمد .
6. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 64، الصفحة: 88.
7. بحار الأنوار ج4 ص278 وج59 ص167 و168 والأنوار العلية ص110 وطب الإمام الصادق [عليه السلام] ص18و19 والروضة في المعجزات والفضائل ص 150 ومدنية المعاجز ج2 ص 53 ونوادر المعجزات [للطبري] ص26 .
8. مختصر مفيد ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الثالثة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002 ، السؤال (184) .