الوارد في الروايات ان الذي نشَره بنو إسرائيل بالمنشار هو نبي الله زكريا (ع) وذلك انهم بعد أنْ وضعت مريم بنت عمران (ع) بالسيد المسيح (ع) إتهم اليهود السيدة مريم بالفجور كما أفاد ذلك القرآن في قوله تعالى: ﴿وَبِكفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بهْتَانا عَظِيما﴾(1) وقد قذفوا بذلك زكريا (ع) ونسبوا إليه السيد المسيح (ع) وزعموا انه تخلق من سفاح زكريا (أكرمه الله) رغم الآيات الإلهية التي ظهرت على لسان السيد المسيح وهو في المهد والتي كانت تؤكد براءة السيدة مريم (ع) وطهارتها ، ورغم ما كانوا يعرفونه لزكريا من المقام السامي عند الله تعالى وانه من أنبياء الله تعالى وأصفيائه اللذين عصمهم عن الزلل، فهم لم يعبئوا بكل ذلك، فأخذوا يروجون ظلما وعدوانا هذه الفِرية على نبي الله زكريا (ع) مستثمرين العلاقة التي كانت تربط زكريا(ع) بمريم، كونه الكفيل الموكل برعايتها منذ نعمومة أظفارها حيث نشأت يتيمة فتولى هو شأن حضانتها ورعايتها بعد ان كبرت وتبتلت واتخذت لنفسها محرابا في بيت المقدس ،كما أفاد ذلك القرآن في آيات عديدة كقوله تعالى: ﴿وَإِني سَميْتهَا مَرْيَمَ وَإِني أعِيذهَا بِكَ وَذريتَهَا مِنَ الشيْطَانِ الرجِيمِ فَتَقَبلَهَا رَبهَا بِقَبولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتا حَسَنا وَكَفلَهَا زَكَرِيا كلمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقا قَالَ يَا مَرْيَم أَنى لَكِ هَذَا قَالَتْ هوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِن اللهَ يَرْزق مَنْ يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾().
فبعد أنْ راجت الفِرية التي إختلقتها اليهود على زكريا (ع) في أوساط بني إسرائيل توعده سفهاؤهم وأشرارهم بالقتل فطاردوه فإختبأ في جوف جذع شجرة كبيرة فدلهم على موضع إختبائه إبليس -بحسب ما ورد في بعض الروايات- فعمدوا إلى تلك الشجرة فنشروها بمنشارٍ كان عندهم فتقطع جسد زكريا في وسطها، فمات شهيدا، فحينذاك إنصرفوا عنه فجمعت الملائكة أوصاله وغسلته وصلت عليه ودفنته بعد ثلاثة أيام من مقتله بحسب ما أفادته بعض الروايات.
وأما يحيى (ع) فذبحه اليهود ذبحا بأمر ملكهم ووضعوا رأسه حين الذبح أو بعده في طشت، وكان ذلك في محضَرِ الملِك بحسب بعض الروايات، وفي بعضها انهم حملوا رأسه إليه في طشتٍ بعد ذبحهم له وهو قائمٌ يصلي في محرابه.
الهوامش :
1- سورة النساء الآية n.
2- سورة آل عمران الآية 36.
المصدر: موقع الهدى للدراسات الإسلامية