وأشار السودان في شكواه إلى أن مصر ماضية قدما في خططها الهادفة لتعزيز سيطرتها على منطقة حلايب، التي تعد أرضا سودانية، مؤكدا أن المواطنين السودانيين المقيمين فيها يتعرضون لانتهاكات على أيدي السلطات المصرية، من بينها الاعتقال والتهجير القسري.
ودأب السودان على تجديد شكواه في مجلس الأمن بشأن منطقة حلايب وشلاتين بشكل سنوي منذ عام 1958، حيث يطالب بتحديد مصيرها عبر التفاوض أو التحكيم الدولي، لكن مصر ترفض هذه الاقتراحات، وتؤكد على سيادتها على هذا المثلث الحدودي.
تصعيد بعد تهدئة
وجاءت هذه الخطوة بعد تهدئة مؤقتة للتوتر بين الجانبين في أعقاب لقاء قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي المستقيل هايلي مريام ديسالين، في أديس أبابا الشهر الماضي، وما تلاه من لقاء رباعي جمع وزيري خارجية البلدين ورئيسي مخابراتهما.
وتشهد العلاقات السياسية بين القاهرة والخرطوم توترا مستمرا منذ عدة سنوات، يصاحبه تراشق إعلامي؛ بسبب الخلاف على عدد من القضايا، على رأسها النزاع على حلايب وشلاتين، وملف سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، حيث يتهم الإعلام المصري المقرب من النظام السودان بالوقوف في صف إثيوبيا ضد مصر في هذه الأزمة، بينما ينفي السودان هذه الاتهامات.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي اتخاذ عدة إجراءات تعزز من سيادتها على منطقة حلايب وشلاتين، من بينها إنشاء سد لتخزين مياه السيول، وإنشاء عشرات المباني السكنية، وبث برامج تلفزيونية من المنطقة، بالإضافة إلى إنشاء ميناء للصيد في شلاتين.
من جانبه، شدد وزير خارجية السودان، إبراهيم غندور، في لقاء مع قناة "الشروق" السودانية يوم السبت الماضي، على أن موقف السودان حول قضية حلايب لا يزال كما هو، إما التفاوض أو التحكيم، مشيرا إلى أن الجانب المصري يتمترس خلف موقفه المتصلب برفض التحكيم، ويكتفي بالتحدث فقط عن خيارات قديمة، مثل التكامل بين البلدين.
وأضاف إبراهيم غندور أن "العلاقة بين البلدين متجذرة، خاصة في الجانب الشعبي منها، مطالبا كافة الأطراف بعدم التصعيد بشكل يؤثر في تلك العلاقة؛ لأنها ستعود كما كانت في أي وقت، متجاوزة كل هذه الخلافات المؤقتة"، على حد قوله.
"سأعود رغم الخلافات"
وجاءت هذه الخطوة من جانب الخرطوم بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، التي أشار فيها إلى قرب عودة سفير بلاده إلى القاهرة خلال أيام، بعد أن كان السودان استدعاه في كانون الثاني/ يناير الماضي، ردا على الهجوم الإعلامي المصري ضد السودان، تزامنا مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم، والاتفاق على منح أنقرة حق إدارة جزيرة سواكن السودانية الاستراتيجية على البحر الأحمر.
وأكد سفير السودان في القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، أن عودته لمواصلة مهامه في القاهرة ستكون خلال الأيام القليلة المقبلة"، مؤكدا أن عودته لمصر لا تعني حل المشاكل العالقة بين الجانبين".
وأضاف عبد الحليم، في حوار مع صحيفة "السوداني" السودانية، أمس الثلاثاء، أن عودته إلى القاهرة مرتبطة بتنفيذ مخرجات الاجتماع الرباعي الأخير بين البلدين، الذي عقد مطلع الشهر الجاري في القاهرة، لافتا إلى أنه "ذاهب إلى القاهرة لتنفيذ مخرجات هذا الاجتماع، وحل القضايا العالقة بين البلدين؛ لأن الجانبين أكدا التزامهما بحل هذه المشاكل عبر خارطة الطريق التي أقرها وزيرا خارجية ومديرا المخابرات في البلدين".
وشدد السفير السوداني على أن قضية حلايب تعد من أهم القضايا الخلافية بين السودان ومصر، مشيرا إلى أن الاجتماع اتفق على وقف التصعيد الإعلامي المصري تجاه السودان، ومنع التراشق، ونقل الصورة الصحيحة للعلاقات الأزلية بين البلدين، ورفض التناول السيئ لأي من الشعبين أو قيادتي البلدين".
ضغط أمريكي على السودان
وفي السياق ذاته، كشفت نشرة "أفريكان انتلجنس" الاستخبارية المتخصصة في الشأن الأفريقي أن المخابرات الأمريكية ضغطت على الرئيس السوداني عمر البشير، من أجل تخفيف التصلب في موقف الخرطوم تجاه علاقتها مع القاهرة، في مواجهة التصعيد المصري عقب زيارة الرئيس التركي أردوغان للسودان أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وقالت النشرة إن الإدارة الأمريكية أصدرت تعليمات للمخابرات المركزية، في أعقاب زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس للقاهرة ولقائه بقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بأن تتدخل للضغط على السودان؛ لعدم التصعيد ضد مصر أكثر من ذلك.
وأضافت "أفريكان انتلجنس" أن مكتب المخابرات الأمريكية في القاهرة تولى جهود الضغط على السودان، وتوسط لعقد لقاء بين المخابرات السودانية والمصرية؛ لبحث عدة ملفات عالقة، من بينها مثلث حلايب وشلاتين، وأزمة سد النهضة الإثيوبي، وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الموجودين في السودان.
عربي 21