لبيب بيضون
كان زكريا بن إبراهيم نصرانيا مثل أبويه وسائر افراد قبيلته ، ولكنه قلبه وضميره كانا يدعوانه للإسلام حتى اسلم.
عندما حل موسم الحج ، شدّ رحاله قاصداً البيت الحرام لأداء فريضة الحج الواجبة ، وهناك ذهب الى الامام الصادق (عليه السلام) وقال له : اني كنت على دين النصرانية ، وقد اسلمت ؛ فقال الامام (عليه السلام): اي شيء رأيت في الاسلام حتى صار سبباً في اسلامك؟.
فأجاب : قوله عز من قائل : {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ} [الشورى : 52].
فقال الامام (عليه السلام ) : لقد هداك الله : ثم دعا بقوله : اللهم اهده.
ثم قال (عليه السلام) : سل عما شئت يا بني.
قال : ان ابي وامي وأهل بيتي على النصرانية ، وأمي مكفوفة البصر، فأكون معهم وآكل في آنيتهم.
فساله الامام (عليه السلام): أيأكلون لحم الخنزير ؟
فأجاب زكريا : لا، ولا يمسونه.
فقال الامام (عليه السلام): لا بأس ، فانظر امك وبرها ، فإذا ماتت فلا تكلها الى غيرك.
كن انت الذي تقوم بشأنها (بتجهيزها)، ولا تخبرن أحداً أنك أتيتني ، حتى تأتني بمنى إن شاء الله.
ذهب زكريا الى الامام بمِنى ، والناس قد اجتمعوا حوله وكأنه معلم صبيان ، هذا يسأله وذاك يستمع اليه.
انتهت ايام الحج ورجع زكريا الى الكوفة ، وقد اودع وصية الامام الصادق (عليه السلام) في صندوق ذهنه وصمم على تنفيذها ، فأخذ يلاطف أمه ويسبغ عليها من حنانه أكثر من ذي قبل.
فقالت له ذات يوم : يا بني ما كنت تصنع بي مثل هذا عندما كنت على دين النصرانية ، فما الذي اراه منك منذ تركت هذا الدين ودخلت في الاسلام؟
فقال : رجل من ولد نبينا أمرني بهذا.
فقالت : أهذا الرجل نبي؟
قال : لا ولكن إبن نبي.
ثم قال : يا أماه ، إنه ليس بعد نبينا نبي ، ولكنه إبنه.
قالت : يا بني دينك خير دين ، فأعرضه عليّ.
فعرضه عليها ، فدخلت في الاسلام. وعلمها فصلت الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
ثم عرض لها عرض في الليل فقالت : يا بني ، أعد عليّ ما علمتني ، فأعاده عليها فأقرّت به ، وماتت بعد ذلك.
فلما أصبح الصباح غسّلها المسلمون ، وكان هو الذي صلى عليها ، ووضعها في قبرها.
المصدر: almerja.com