ومع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق تزداد حملات بعض السياسيين المرشحين للانتخابات عبر إطلاق الوعود التي شابهت سابقاتها في الدورات الماضية، مع اختلاف أزيائها التي تتماشى مع موضات 2018.
شعارات التيارات لم تلبِ طموح الشارع العراقي المتعطش لخطة إنمائية تنسجم وواقع البلد وضرب الفساد وحيتانه وارتقاء الوضع الأمني وإعادة الحياة الخدمية وتحسين الاقتصاد عبر القضاء على البطالة وتحفيز الكفاءات وإعادة الصناعة للبلد بعد أن سلبت.
السباق الانتخابي وصراع التحالفات وكل المساعي لنيل رئاسة الوزراء ليست سيئة بحد ذاتها، لكنها تصبح كذلك عندما تؤدي إلى الابتعاد عن المطالبات المحقّة للشعب العراقي الذي يستحق أن يعيش حياة هانئة بامتياز بعد أن ضحى بالغالي والنفيس دفاعاً عن دول المنطقة والعالم برمته، فإرهاب "داعش" لم يخص العراق بقدر افتعال أزمة إقليمية دولية واسعة أحبطت على أيدي رجالات الميدان.
السنوات القليلة الماضية استطاعت أن تعيد جزءاً لا يستهان به من التفاؤل لدى المواطن العراقي، انطلاقاً من القضاء على الإرهاب وتحرير الأراضي من دنس "داعش" ومروراً بإفشال مشروع الانفصال "كردستان" الذي قادته أربيل برعاية صهيونية وضوء غربي أخضر خافت، وختاماً بحملة القضاء على الفساد.
ورقتان يرفعهما عالياً حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي هما (حلحلة أزمة كردستان والقيادة السياسية في الحرب على داعش) وهو يدخل حلبة الصراع الانتخابي، لكنه أخفق بانتزاع ورقة إخراج القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، وهذا برأي المراقبين سيشكل نقطة ضعف مهمة في طريقه نحو ولايته الثانية.
شريك إنجازات السنوات الماضية "الحشد الشعبي" يرفع رايته الملطخة بدماء التضحيات وما خطه من انتصارات في الميدان وما لعبه من دور فاعل في معالجة ملف "كردستان"، ويضع ما يملك من أوراق على سكة المرحلة القادمة المتجهة إلى معركة فاصلة، كما يدرك رجالات الحشد أن الطريق غير آمنة ما دامت الأرض العراقية تحتضن قوات أجنبية، وهذا ما تجلى بوضوح في تصعيدهم إزاء بقاء العسكرة الأمريكية في العراق.
ولعل ما يفسح المجال لرجالات الميدان ليس دماءهم فحسب، إنما ابتعادهم عن شبهات ملفات الفساد طوال السنوات الماضية، ولعلي أقولها جازماً إنهم الأقل تعرضاً لأصابع الاتهام الموجهة لمعظم إن لم نقل كل شركاء العملية السياسية، وكما يقال من لم يبخل بالدماء لن يكلّ بالانماء.
ويفترض أن تجرى الانتخابات البرلمانية في 12 مايو/أيار المقبل، وتبقى عروض القوائم المرشحة مفتوحة على ألسن زعمائها، مشابهة لنظيراتها في الدورات السابقة، وما يبقى على الناخب هو أن يدقق بعناية في تلك الكلمات المتأرجحة والوعود المترنحة والقليل الثابت من بين أنفاسها، باختيار من يزيد من ثقتهم بقادتهم في الغد بعد أن كادت زجاجة الأحلام أن تتهشم "أو تهشمت برأي البعض" بيد المتآمرين من الخارج والداخل على بلاد الرافدين، وحلم مستقبله.
المصدر: الوقت