من وكلاء الناحية المقدسة في زمن الغيبة الصغرى من غير السفراء: محمد بن جعفر بن عون الأسدي المكنى(أبو الحسين)، ساكن الري(1).
قال العلامة الحلي:((هو محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي(أبو الحسين) الكوفي ساكن الري يقال له: محمد بن أبي عبد الله))(2).
وقال الأردبيلي:((محمد بن أبي عبد الله الكوفي، الذي هو محمد بن جعفر الأسدي، الذي هو محمد بن جعفر أبو العباس الكوفي الرازي، على ما أشرنا إلى إتحاد الكل))(3).
وقد لقبه الإمام الحجة عليه السلام بالعربي حيث قال: -كما في رواية الشيخ الطوسي-: أخبرنا أبو الحسين بن أبي جيد القمي، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن صالح بن أبي صالح، قال: سألني بعض الناس في سنة تسعين ومائتين قبض شيء فامتنعت من ذلك، وكتبت - يعني الى المهدي عليه السلام - إستطلع الرأي، فأتاني الجواب:(بالري محمد بن جعفر العربي)(4).
نعرف مما سبق أن الأسدي هو محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي الرازي(ساكن الري) يكنى أبا الحسين، ويسمى محمد بن أبي عبد الله الكوفي، ويطلق عليه أيضاً إسم: محمد بن جعفر أبو العباس الكوفي الرازي، وقد لقبه الإمام الحجة عليه السلام بمحمد بن جعفر العربي.
حياته:
لم يعرف تاريخ ولادته، ولكنه عاش حياته في أثناء فترة الغيبة الصغرى أو ما قبلها بقليل من خلال ما روي عن تاريخ وفاته، قال الجشي في رجاله:
(مات ليلة الخميس الأول من جمادي الأولى سنة 312هـ)(5).
ونقل الشيخ الطوسي تاريخ الوفاة بنفس السنة مع اختلاف بسيط فقال:(ومات الأسدي على ظاهر العدالة، لم يتغير، ولم يطعن عليه في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة)(6).
أي أنه توفي في أثناء فترة سفارة الشيخ الحسين بن روح النوبختي التي إمتدت من 305- 326هـ.
وثاقته:
تدلل الروايات التي سنذكرها على وثاقته وعدالته، فقد وثقه الإمام المهدي عليه السلام فقال في ذيل توقيعه الذي ذكرناه والذي لقبه فيه بالعربي:(فليدفع إليه فإنه من ثقاتنا)(7).
كما ورد توثيق الإمام الحجة عليه السلام له في رواية نقلها الشيخ الطوسي أيضاً، قال: وبهذا الإسناد عن أبي جعفر محمد بن علي بن نوبخت قال: عزمت على الحج، وتأهبت، فورد عليَّ: نحن لذلك كارهون، فضاق صدري وإغتممت، وكتبت: أنا مقيم بالسمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج، فوقّع عليه السلام: لا يضيقن صدرك فإنك تحج من قابل، فلما كان من قابل استأذنت، فورد الجواب، فكتبت: إني عادلت محمد بن العباس وأنا واثق بديانته وصيانته، فورد الجواب: الأسدي نعم العديل، فإن قدم فلا تختر عليه، قال: فقدم الأسدي فعادلته(8).
وسمعنا الشيخ الطوسي وهو يؤرخ لسنة وفاته، يقول: ومات الأسدي على ظاهر العدالة، لم يتغير، ولم يطعن عليه(9).
كما عده الشيخ الطوسي من الأقوام الثقات الذين كانت ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل فقال: ومنهم: أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي رحمه الله(10).
وذكر العلامة الحلي ولده جعفر ومدحه وقال إن والده وكيل، قال عند ذكره: (جعفر بن محمد بن عون الأسدي، وجه(11)، روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى، والده محمد وكيل)(12).
وروى الكليني -الشيخ محمد بن يعقوب- رواية تدل على وثاقته فقال: (عن علي بن محمد عن محمد بن شاذان النيسابوري، قال: إجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرون درهماً، فلم أحب أن ينقص هذا المقدار، فوزنت من عندي عشرين درهماً ودفعتها الى الأسدي، ولم أكتب بخبر نقصانها وأني أتممتها من مالي، فورد الجوال: قد وصلت الخمسمائة التي لك فيها عشرون)(13).
أما ما ورد في كتاب رجال النجاشي من التوثيق والطعن فيمكن توجيهه بعد أن نذكره، قال النجاشي: كان ثقة صحيح الحديث، إلا أنه روى عن الضعفاء، وكان يقول بالجبر والتشبيه، فأنا في حديثه من المتوقفين، وكان أبوه وجهاً روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى(14).
علق السيد محمد الصدر على ذلك بقوله: أقول: وهذا أنسب بحاله مما نقلناه عن النجاشي من كونه كان يقول بالجبر والتشبيه(15)، ثم إن توثيق الإمام عليه السلام له والثناء عليه في معادلته في الحج لا يمكن أن يكون لرجل يخرج عن رأي أهل البيت إلى القول بالجبر والتشبيه.
وكالته:
كان الأسدي -محمد بن جعفر بن عون- وكيلاً للإمام الحجة عليه السلام في زمن سفارة الشيخ النوبختي استناداً الى الروايات والأقوال التي وردت في كتب الرجال، ويمكن أن نذكر منها:
1- قال الشيخ الصدوق: عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي: أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام ورآه من الوكلاء... ومن أهل الري: البسامي، والأسدي -يعني نفسه-)(16).
2- قال السيد إبن طاووس في ربيع الشيعة: وممن رآه وخرج إليهم التوقيع من الوكلاء... ومن أهل الري الشامي وأبو علي الأسدي(17).
3- قال الشيخ الطوسي: الأسدي، كان أحد الأبواب -يكنى أبا الحسين- له كتاب الرد على أهل الاستطاعة(18).
4- جاء في كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي:(وكان من الأقوام الثقات الذين كانت ترد عليهم التوقيعات من المنصوبين للسفارة)(19).
وفي هذه الروايات وغيرها تأكيد على أنه من الوكلاء الثقات الذين كانت ترد عليهم التوقيعات من الإمام المهدي عليه السلام عن طريق نوابه المنصوبين للسفارة منه عليه السلام وهو من سكنة الري، وكان ترد على يديه إلى هؤلاء السفراء الرسائل والتوقيعات ويأخذ الإجابة عنها فضلاً عن الحقوق والأموال التي يدفعها الموالون لأهل البيت عليهم السلام ، فيأخذ الإشعار بوصولها وطرق صرفها. أما ما ينسب إليه من القول بالجبر والتشبيه فقد تكون صفة لرجل آخر، لأنه لا يليق بهكذا شخص مخالفة آراء الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ومعتقداتهم بتنزيهه سبحانه عن مثل هذه النعوت التي لا تليق به جلّ وعلا.
الهوامش:
(1) رجال الجشي: 912.
(2) العلامة الحلي/ رجال العلامة ص 161، ط 2.
(3) الأردبيلي/ جامع الرواة/ 438.
(4) الطوسي/ الغيبة/ 281.
(5) رجال الجشي/ 289.
(6) الشيخ الطوسي/ الغيبة: 282.
(7) ن.م: 283.
(8) ن.م/ 283.
(9) ن.م/ 282.
(10) ن.م/ 281.
(11) وجه: بمعنى: القدر والمنزلة، ووجه القوم سيدهم، وهو دلالة اللفظة على الوثاقة، وقيل: داخل في قسم الحسن، وقال البعض: يفيد مدحاً معتداً به وهو عند البعض من ألفاظ التوثيق والمدح.
(12) العلامة الحلي/ رجال العلامة/ 33 ط 2.
(13) الطوسي/ الغيبة/ 281.
(14) النجاشي/ رجال النجاشي/ 289.
(15) السيد محمد الصدر/ الغيبة الصغرى/ 278.
(16) كمال الدين وتمام النعمة/ 406.
(17) الأعرجي/ السيد محسن/ عدة الرجال/ 1/ 75.
(18) الشيخ الطوسي/ الفهرست/ 179.
(19) البحار: 51/ 362.
حسن عبد الامير الظالمي- باحث إسلامي
المصدر: مجلة الإنتظار/العدد17